الموضوع: التصحيف
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-22-2008   رقم المشاركة : ( 2 )
مدهش
موقوف


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1878
تـاريخ التسجيـل : 16-11-2007
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,667
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : مدهش يستحق التميز


مدهش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: التصحيف

كما أن الناظر في كتب اللغويين يجد أن التصحيف والتحريف ألقاب مترادفة في استعمالهم ، وتكفي نظرة سريعة في كتاب "تصحيح التصحيف وتحرير التحريف" لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي المتوفى سنة 764هـ وفي كتاب "التنبيه على حدوث التصحيف" لأبي عبد الله حمزة الأصبهاني لإثبات هذه الحقيقة .
وهذه التسوية بين الاستعمالين هي الأقرب إلى أصل المعنى اللغوي لكل من التصحيف والتحريف ، فإن التصحيف لغة : الخطأ في الصحيفة ( كذا في القاموس 3/217) ، والتحريف لغة : التغيير ( كذا في القاموس 3/171) : وذلك يعم كل خطأ وكل تغيير دون تفريق بين صوره .
إلا أن بعض الأئمة اختار الفصل بين الاصطلاحين والتمييز بينهما ، وهو الإمام العسكري أبو أحمد الحسن بن عبد الله المتوفى سنة 382هـ ، فقد كتب عدة كتب في التصحيف والتحريف ، منها : "شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف" و "تصحيفات المحدثين" ، وكان تفريقه مبنيا على أن التصحيف هو ما كانت فيه المخالفة مع تشابه صورة الخط ، فإذا أدت المخالفة إلى تغيير الخط فهو التحريف ، وذلك في كتابه "شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف" (1/77) حيث ذكر مثالا أخطأ فيه الراوي في قول الشاعر ( إذا ما سرى في القوم ) فقرأها ( سرى بالقوم ) فعقب عليه العسكري بقوله : "هذا من التحريف لا من التصحيف " انتهى .
كما أنه في مقدمة "تصحيفات المحدثين" (1/4) قال : " هذا كتاب شرحت فيه من الألفاظ المشكلة التي تتشابه في صورة الخط فيقع فيها التصحيف " انتهى .
وظاهر من هذا التفريق أنه يضيق فيه معنى لفظ التصحيف الذي يستعمله المحدثون ، فهم يطلقونه على كل تغيير ، والعسكري يقصره على التغيير الذي تبقى فيه صورة الخط واحدة .
والذي يبدو أن هذا الفصل بقي محصورا في استعمال الإمام العسكري فقط ، دون أن يتعدى إلى غيره من أهل العلم ، حتى كان عصر الحافظ ابن حجر في المتأخرين ، فحاول ضبط التفريق بين الاصطلاحين ، قصدا منه لتسهيل العلم وتحديده ، فاختار أن يفرق بينهما بقوله :
" إن كانت المخالفة بتغيير حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق ، فإن كان ذلك بالنسبة إلى النقط فالمصحف ، وإن كان بالنسبة إلى الشكل فالمحرف " انتهى . "نزهة النظر" (47)
ولم يكن الحافظ ابن حجر متابعا العسكري في هذا التفريق ، يظهر ذلك جليا في تغيير ( عُبَاد ) مثلا إلى ( عَبَّاد ) ، فهذا التغيير يسميه الحافظ ابن حجر تحريفا ، لأن الذي تغير فيه هو الشكل فقط ، أما العسكري فإنه يسميه تصحيفا لبقاء صورة الخط .
وتابع الحافظ على اصطلاحه كثير مما جاء بعده ، كالسيوطي .
انظر : "تدريب الراوي" (2/195 ، 386) ، والمناوي في شرح النخبة (2/431) ، والقاري في شرحها أيضاً .
قال : " وابن الصلاح وغيره سمي القسمين محرفاً ولا مشاحة في الاصطلاح ، والفرق أدق عند أرباب الفلاح " .
ولم يستعمل الحافظ ابن حجر هذا التفريق في كتاب آخر من كتبه ، بل رادف بينهما في كثير من المواضع ، فمن ذلك :
ما جاء في "الإصابة" (1/219) في ترجمة جاهمة السلمي قال :
" وقال ابن لهيعة عن يونس بن يزيد عن ابن إسحاق بهذا الإسناد ، لكن حرف اسم الصحابي ونسبته ، قال : عن جهم الأسلمي " انتهى .
وفي موضع آخر من "الإصابة" (1/270) قال :
" صحف ابن لهيعة اسمه ونسبته ، وإنما هو جاهمة السلمي " انتهى .
والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس