عدنان النعيم
سوق الأسهم .. وتحديات الاستثمار المغشوش
عدنان النعيم
يعد استقرار سوق الأسهم المحلية في المجتمع، مؤشرا من أهم المؤشرات الدالة على الاستقرار الاقتصادي، في أي بلد يعمل اقتصاده وفقا لقوانين العرض والطلب، وآليات السوق.
من هنا يسعى الخبراء، أول ما يسعون في دراسة المؤشرات الاقتصادية المختلفة، إلى دراسة حال سوق الأسهم، ومن ثم يتجهون إلى دراسة بقية المؤشرات، بحثا عن مواقع القوة ومواقع الضعف في هذا الاقتصاد، أي اقتصاد.
وقد شغلت آليات العمل بسوق الأسهم السعودية الكثير من الاقتصاديين ورجال الأعمال، سواء كانوا من كبار المستثمرين، أو من صغارهم، إضافة إلى الخبراء والمحللين، في الوقت الذي أرقت المتعاملين في هذه السوق، خاصة بعد ما شهدته من أزمة التهمت، قبل عامين، مدخرات المئات إن لم يكن الآلاف من صغار المستثمرين.
وعلى الرغم مما قيل في تنظيم سوق الأسهم المحلية، وعلى الرغم من اقتراحات عديدة في هذا المجال، إلا أن السوق ما تزال تعايش جملة من الثغرات التشريعية والتنظيمية التي تشكل، من وجهة نظري، تحديات كبيرة تواجه هيئة السوق المالية، إن لم تكن هذه الثغرات أهم وأبرز ما يواجه الهيئة من تحديات، ولا سبيل لإصلاح سوق الأسهم، من دون التصدي لهذه الثغرات، والعمل على معالجتها، بشكل يعيد إلى السوق حيويتها وعافيتها، وعلى نحو أفضل مما كانت عليه قبيل الأزمة التي سبقت العامين.
إن المواجهة الموضوعية والحاسمة لأسباب الخلل، ومواقع الضعف، باتت تمثل ضرورة حيوية، بل شرطا أوليا، من دونه لا يمكن تجنب حدوث أزمات مشابهة لما حدث من قبل في سوق الأسهم، ولذلك فإن استجماع الإرادة الاقتصادية، واستنفار الإمكانات داخل هيئة السوق المالية، أصبح مخرجا من كهف الهواجس الذي مازال يعيش بداخله الكثير من المستثمرين، خاصة صغارهم.
ولعلي أجد من الضروري هنا أن أشير إلى مجموعة من التشوهات السلوكية التي يجب مواجهتها بشكل حاسم، في أي مواجهة مع السلبيات التي تعانيها هذه السوق، وأهمها: المضاربات التي أصبحت أبرز الممارسات في تعاملات السوق، وأكثرها خطرا على مصداقيتها أمام أغلبية المتعاملين في السوق، بل وأكثرها تهديدا لآمال الكثيرين في سوق تسودها الشفافية، ويطمئن إلى تعاملاتها صغار المستثمرين وكبارهم معا.
ولعلي أتفق مع الكثير من رجال الأعمال الذين يرون في استمرار تحكم المضاربات، وتسيير السوق لمصلحة المضاربين الشخصية، أبرز تشوه يؤثر على شفافية السوق، ويؤدي إلى تراجع السوق نتيجة لما يحدثه من خسائر تصيب أغلبية المتعاملين، ونتيجة لما تشكله المضاربة من تهديد لأسعار الأسهم المحلية. إن ترشيد سوق الأسهم، بات يتطلب جهودا كبيرة، باتجاه العمل من أجل إشاعة أخلاق الاستثمار بشكل عام، وترسيخ ثقافة مجتمعية واسعة فيما يتصل بسلوكيات سوق الأسهم على وجه التحديد، الأمر الذي يعني، في الوقت ذاته، إعمال وتفعيل لائحة سلوكيات سوق الأسهم، التي تنطوي على الكثير من القيم الإيجابية، ما يعني تسييدها وتمكينها في السوق، اندحارا لتوجهات الجشع والطمع التي تستبد بالمضاربين الذي لا يهمهم صلاح حال السوق والاقتصاد الوطني، قدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية.