عثمان : حرب أسعار شرسة تنتظر سوق الأسمنت.. والشركات الجديدة عليها الدراسة بحذر المدينة السعودية الاحد 27 يوليو 2008 3:38 ص


تواصلا للملف الذي تبنته “المدينة” عن مستقبل اسعار مواد البناء، تقدم اليوم الحلقة “3- 4”، التي التقت فيها بأحد المدراء التنفيذيين في شركة لصناعة الاسمنت،
حذر الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت العربية المهندس محمد طاهر عثمان من حرب أسعار قادمة ستشهدها سوق الإسمنت في السعودية وذلك بعد دخول شركات جديدة، بالاضافة إلى التراخيص التي منحتها وزارة التجارة لأكثر من 100 شركة مما سيجعل المعروض يفوق الطلب وبالتالي تراجع الأسعار بشكل كبير ،
وقال عثمان في حوار لـ «المدينة» ان الفائض المتوقع في سوق الإسمنت سيكون حوالي 25 في المائة من حجم الإنتاج، والمتوقع أن يكون في حدود 55 مليون طن تقريباً وهي الكمية التي ستصل إليها مصانع الأسمنت في بدايات عام 2011 م ، مشيرا إلى أن اسعار الاسمنت ستشهد خلال الفترة القادمة حربا شرسة بسبب دخول مصانع جديدة مرحلة الانتاج ، . فإلى التفاصيل:
* كيف ترون مستقبل صناعة الإسمنت في السعودية؟
- الشركات السعودية القائمة تراقب عادة وضع السوق بشكل مكثف سواء الوضع الداخلي أو الإقليمي، إذ إننا في أسمنت العربية مثلاً نجري باستمرار دراسات للسوقين المحلي والإقليمي ولدينا تصور جيد عن المدن الاقتصادية العملاقة والمشاريع العمرانية المتوقعة وما تحتاج إليه من مادة الأسمنت، وتشير الدراسات إلى انه سيكون هناك فائض كبير في السوقين المحلي والإقليمي بل حتى الدولي في السنوات القليلة القادمة، واود التذكير بأنه في أواخر التسعينيات الميلادية كان العرض يفوق الطلب واضطرت شركات الأسمنت إلى تخزين مادة الكلينكر لديها وانخفضت الأسعار محلياً ودولياً، بل وصل الامر إلى أن بعض الشركات لجأت للتصدير بسعر التكلفة المتغيرة، كما أن بعضها أوقف بعض خطوط الإنتاج من حين لآخر.
و ظل الكلنكر مخزنا لدى هذه الشركات لعدة سنوات ولم يتم التخلص منها ألا بعد أن ارتفع الطلب على الأسمنت في السنوات الأخيرة. وعليه فان هذا المشهد نتوقع تكرار حدوثه بصورة اشد في السنوات القليلة القادمة نظراً لان مستوى الفارق بين العرض والطلب سيفوق ما كان عليه الوضع في أواخر التسعينيات الميلادية.
* تحدثتم عن انهيار لاسعار الأسمنت تبدأ من منتصف عام 2011م، ألا تلاحظ شركتكم تواصل استثماراتها في هذا القطاع كمصنع الأردن والتوسع في مصنع رابغ ، فكيف تعلل ذلك؟
-كان استهلاك السوق السعودية في نهاية عام 2007م حوالي 27 مليون طن إلى 28 مليون طن والتوقعات التي أبرزتها الدارسات زيادة الاستهلاك السنوية المتوقعة ، إذ أن الفائض في صناعة الأسمنت لن يكون في السعودية فقط أنما في كل العالم العربي تقريباً حيث ينشيء اليوم من مصانع أسمنت في الدول المحيطة بالمملكة التي كانت في السنوات الماضية أحد الأهداف التسويقية لمصانع الأسمنت السعودية ، ومصر بها اليوم فائض أكثر من 10 ملايين طن أسمنت ، وأصدرت الكثير من التراخيص لإنشاء مصانع جديدة بها ، ودول مجلس التعاون الخليجي أيضاً شهدت طفرة كبري في هذه الصناعة والمصانع القامة بها تستهدف تسويق انتاجها بالسوق السعودي ،بعدما كنا نحن نصدر لهما الكثير من إنتاجنا من هذه الصناعة ، وكذلك السودان اليوم جاءت اليه استثمارات كبيرة بهذه الصناعة .
ونحن في أسمنت العربية ندرك أن مكاسبنا لن تكون على وتيرة واحدة، فهي معرضة للتأثر بقوانين العرض والطلب، و تعرضت الصناعة إلى ما يشبه الكساد الجزئي في أواخر التسعينيات الميلادية، ونتوقع أن تواجه الصناعة وضعاً اقسى في السنوات القادمة، لكن أود التنويه أن الكثيرين ممن سعوا للدخول في هذه الصناعة أغرتهم الأرباح الحالية التي تحققها شركات الأسمنت، ولم ينظروا إلى وضع الأرباح في التسعينيات، ولا إلى ما سيؤول أليه الوضع مستقبلاً. ، ولكن بعض المستثمرين يعتقدون انه في أسوأ الحالات يمكن اللجوء إلى التصدير، واود هنا التنويه ال أن صناعة الأسمنت تعتبر في الغالب صناعة محلية، وعادة لا تبنى المصانع بغرض التصدير لارتفاع تكلفة الشحن وللاشتراطات البيئية للنقل والتخزين، ويقدر الإنتاج العالمي من الأسمنت بـ2 بليون طن سنويا، تمثل التجارة العالمية منها ما بين 5-7% فقط، وقد عرضت علينا فرص إنشاء مصانع أسمنت ورفضناها بعد الإطلاع على دراسات الجدوى الاقتصادية لتلك المشاريع ولاحظنا عدم الدقة في أعداد هذه الدراسات.
ومن جانب أخر نولي دراسات الجدوى لكل مشروع أهمية خاصة ونضع في حساباتنا تدني الأسعار المتوقعة، وندرس كل حالة بحالتها، فان وجدنا أن المشروع له جدوى اقتصادية ولو بحدوده الدنيا شرعنا في تنفيذه وآلا اعرضنا عنه. لذا لا يمكن مقارنة شركة عريقة لها أسواقها وخبراتها وتجاربها العلمية والعملية كشركة الأسمنت العربية بمستثمر جديد.
* هناك من يقول بان دعوتك التحذيرية التي أطلقتها كانت بهدف كبح أيجاد مصانع جديدة تنافسكم .. بماذ ترد ؟
- على العكس من ذلك فان دعوتنا التحذيرية جاءت عن تجارب سابقة مر بها قطاع الأسمنت والاقتصاد السعودي والخليجي وعانت منها جميع شركات الأسمنت كمنتجين والتجار كمستهلكين من كميات المعروض مما ترتب عليه كساد للبضاعة وانخفاض كبير للأرباح التي هي أصلا للمساهم الذي هو المواطن، ويجب ألا ننسى أن هذه الصناعة تتطلب أموالا ضخمة، وليس من المعقول أن كانت لديك معلومة تهم المجتمع ألا تنوه عنها، علي أنا أن أقول رأيي وعلى الآخرين أن يأخذوا به أم لا فهذا يعود لهم ولهم أن يتحققوا من هذه المعلومة من خلال بيوت الخبرة المعتبرة في هذه الصناعة. أتمنى من كل مستثمر أن يدقق كثيراً في دراسات الجدوى قبل أن يشرع في أي مشروع، وان تكون هذه الدراسات من قبل جهات استشارية لها قدم سبق في هذه الصناعة، واكرر ما سبق أن قلته أن على المستثمرين دراسة تاريخ الصناعة ومستقبلها، ولقد اطلعنا على دراسات جدوى غير متكاملة ونحن ننقل تجاربنا للآخرين.
* ما مدى تأثير التوسعات التي تحدث في صناعة الأسمنت على السوق المحلية ؟ وما هي إيجابيات وسلبيات التوسع في صناعة الأسمنت في المملكة؟
- لعلي أشير إلى الإجابات السابقة بخصوص تأثير التوسعات، وهي تلقي الضوء على السلبيات المحتملة لهذه الصناعة، أما الإيجابيات فسوف يستفيد منها المستهلك النهائي بانخفاض الأسعار.
* ما تحققه مصانع الأسمنت من أرباح جعل الكثيرين يتجهون للاستثمار في تلك الصناعة .. هل تعتقد أن في ذلك جانب من الحقيقة؟
- صناعة الأسمنت مرت بفترات ازدهار وانحسار، وإذا كنا نمر في فترة ازدهار حالياً، فعلى المستثمر أن ينظر لاستثماره على مدى زمن بعيد، وكما ذكرت لك سابقاً يجب عدم اتخاذ أي قرار بالدخول في صناعة الأسمنت ألا بعد دراسات دقيقة عن أوضاع السوق والجدوى الاقتصادية لإنشاء مثل هذه المشاريع الضخمة بغض النظر علن تحقيق أرباح في المستقبل القريب، ومن ثم التحسر مستقبلاً لعدم القدرة على الإنتاج وقد تضطر للبيع بسعر غير اقتصادي.
* هل تعتقد بأنه سيتم إنشاء كل تلك المشاريع التي تم الترخيص لها ؟
- لا اتوقع ذلك ولا اعتقد أن هناك محاجر كافية لهذا العدد من المشاريع.
* يعتقد الكثير من الاقتصاديين بان الاستثمار في مجال صناعة الأسمنت في الوقت الحالي غير مجد... ما هي رؤياك؟
- نظرة الاقتصاديين في محلها على وجه العموم وأنا مع تلك النظرة وذلك من واقع تجاربنا العديدة التي مرت بها شركتنا وشركات الإسمنت السعودية الأخرى، وارى إن المجتمع بحاجة ويستوعب العديد من الصناعات الأخرى.
* يردد الكثيرون من الاقتصاديين مقولة (حينما نحتاج.. نستورد أرخص من أن نصنع محلياً)، هل تعتقد بأن ذلك سيكون مستقبل صناعة الأسمنت؟
- بدخول المملكة منظمة التجارة العالمية، وفي غياب أو تقليل مستوى الحماية للصناعات المحلية اعتقد بأن هذه المقولة سوف تنطبق على كثير من الصناعات ولربما على صناعة الأسمنت في أماكن معينة، وقد انطبقت هذه المقولة على عدد من الصناعات حتى في الدول المتقدمة صناعياً مثل أمريكا التي تأثرت صناعة النسيج فيها بسبب أن الوارد أرخص من المصنع محلياً.
* هل تعتقد أنه في المرحلة القريبة ستشهد الأسواق ارتفاعا في أسعار الأسمنت لتنفيذ المشاريع العملاقة؟
- السعر الآن للمنتج الخارج من المصانع لا يمكن زيادته إلا بقرار من وزارة التجارة والصناعة، أما بالنسبة للسوق والمستهلك النهائي فالذي أتوقعه أن تشهد الأسعار بعض الارتفاع لمدة قصيرة ثم تستقر لتبدأ في الهبوط، فحسب ما عرض في آخر مؤتمر لصناعة الأسمنت فإن من المتوقع أن يصل حجم إنتاج من الأسمنت في السعودية تقريباً إلى 44 مليون طن في حين أن الاستهلاك لا يتجاوز الـ30 مليون طن سنوياً، إذ أن الارتفاع الحالي في الطلب على الأسمنت سوف يختفي بعد تشغيل المشاريع التي تحت التنفيذ وبعد دخول المصانع التي هي قيد التنفيذ في الدول المجاورة مرحلة التشغيل ما بين عامي 2008 و2009م. كما ان الإنتاج من المصانع السعودية سوف يصل إلى ما يقارب الـ60 مليون طن سنوياً خلال سنتين أو ثلاث، وهذه كمية تفوق أي تطور في الاستهلاك سوف تشهده المملكة.
* كيف ترى مستقبل اندماج شركات الإسمنت وخاصة الجديدة ،؟
- الإنتاج المدروس نراه في صالح هذه الصناعة خاصة لمواجهة التكتلات العالمية والمنافسة الشديدة المتوقعة قريباً، ونحن نتوقع أن نرى بعض الشركات في المستقبل القريب أن من صالحها الاندماج.
* من واقع خبراتكم كيف ترى مستقبل أسعار مواد البناء بالكامل؟
- لا اعتقد أن بقية صناعات مواد البناء سوف تتأثر بنفس حجم تأثر صناعة الأسمنت، نحن الآن لم نر توسعاً في بقية صناعات مواد البناء بنفس النسبة التي نشهدها في صناعة الأسمنت.