رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاثنين17/8/ 1429 ه الموافق18/8/ 2008 م
هل يمكن انتشال سوق الأسهم كرهينة من المضاربين؟
الاقتصادية السعودية الاثنين 18 أغسطس 2008 6:26 ص
د. عبد الحفيظ محبوب
تراجع المؤشر منذ بداية هذا العام 23.4 في المائة حتى 9/8/2008، لكن التساؤل ليس عن تراجع المؤشر، بل عن أسباب تراجع السيولة في أسبوع واحد من 38.8 ريال قبل أسبوع إلى 20.7 مليار ريال في الأسبوع الأخير، أي بانخفاض يصل إلى 46 في المائة وتوزعت تلك السيولة المنخفضة على الشركات المدرجة الحديثة, وتركزت بنحو 23 في المائة في شركة معادن وبعدها شركة أنمار، ولم تفلح جميع التقارير الإيجابية عن الربع الثاني في عكس اتجاه الأدوات المتداولة .
وكلما زادت السوق عمقا ضعفت شوكة كبار المستثمرين في التسيد على تداولات الأسهم الصغيرة, كما أسهم عامل تضييق نسبة التذبذب في أسعار الشركات إلى إرباك المضاربات وضعف تحكمها في السوق, خصوصا بعدما خفض المؤشر الحر تركز السوق في أكبر خمس شركات من 48.5 في المائة إلى 35.5 في المائة، ورفع أوزان عشر شركات أخرى، أسهم في اتساع رقعة السوق, وكثرة الخيارات، فتشتت المضاربات, لأن السوق السعودية بدأت تتبنى أفضل الممارسات العالمية في أسواق المال العالمية من أجل القضاء على نمط تداول مفرط من حيث تكرار عمليات البيع والشراء (وهو ما يعرف بحجم التداول مقسوما على صافي الاستثمار), الذي يبلغ 118 مرة للأفراد بينما يصل في الشركات إلى أقل من سبع مرات فقط, إضافة إلى الاستثمار الحر الذي قلص القيمة السوقية لأسواق رأس المال السعودية إلى نحو 38.3 في المائة من إجمالي الحجم الرأسمالي غير المعدل.
ويبدو أن كبار المستثمرين الأفراد يخشون نية هيئة سوق المال عرض قوائم كبار الملاك في الشركات المدرجة في السوق على موقع تداول الإلكتروني في 16 آب (أغسطس) 2008 وتفصح بوضوح عن أسماء ملاك الأسهم الذين يمتلكون 5 في المائة فما يزيد وإن كان الكثير من الاقتصاديين يشككون في امتلاك أفراد هذه النسب ولكن الإفصاح عن حصص كبار المستثمرين الأفراد في حد ذاته إيجابية للسوق، وهذا الإفصاح يعد القلعة الكبيرة المتبقية في سوق الأسهم السعودية وعند إزاحتها ستضعف المضاربات التي تسيدت السوق في الفترات الماضية، وهي فرصة جيدة من أجل القضاء على الشائعات والاختيار غير الموفق, وهو قرار مطبق في معظم الأسواق العالمية وإن كانت بنسب متفاوتة, وبذلك ستكون الأمور واضحة أمام الجميع, إذ يوضح السوق أن السهم الذي سيتم اختياره سهم للمضاربة أم سهم للاستثمار.
فالسوق السعودية تعيش الآن مرحلة اختبار إلى أن يتم إعلان قوائم كبار الملاك في سوق الأسهم التي اقتربت من الوصول إلى مناطق قريبة من القيعان وأصبحت أسعار أسهم كثير من الشركات في الوقت الحالي مغرية وتشجع على الشراء, أي أن السوق تشهد مرحلة تغيير مراكز رغم أنها مواتية الآن لصغار المستثمرين, وهي فرصة للتجميع بالنظر إلى الأسعار المغرية, ولكن يغلب على صغار المستثمرين التخوف من التعرض لخسائر جديدة ما يجعلهم يعزفون عن الشراء, وهذا ناتج عن تعامل صغار المستثمرين بشكل مستقل بعيدا عن العمل المؤسسي ورفضهم الانضمام إلى شركات الوساطة القوية والموثوق في صدقيتها وأمانتها لأن هناك أسهم شركات أسعارها مغرية وهي أقل من قيمة أسهم اكتتابات بعلاوة إصدار عالية, وهي فرصة من أجل الاستثمار فيها وليس من أجل المضاربة التي يمكن أن يجني منها صغار المستثمرين أرباحا جيدة خلال الفترة المقبلة, خصوصا إذا تم الفصل بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة لتلك الشركات العاملة في السوق في مجال الوساطة المالية, وكيفية السيطرة عليها ورقابتها وفصل الوساطة المالية عن المصارف والبنوك إلى جانب المشورة في الأسهم والسندات من قبل شركات الوساطة, إضافة إلى حوكمة شركات الوساطة أسوة بالشركات المساهمة والعمل على استقلالية تلك الشركات داخل السوق, وهي فرصة لتعزيز الاستثمار المؤسسي في ظل هيمنة الاستثمار الفردي في أسواق الأسهم الخليجية, وهي الخطوة المستقبلية المطلوبة من هيئة سوق المال.
وكلما تعززت الشفافية والوضوح في السوق تمكنا من تأسيس دعائم قوية للسوق تجعل السوق تسير بشكل تلقائي دون تدخل. فالتشريعات الوحيدة التي تكفل سير السوق الطبيعي، لأن التدخل عادة ما يكون وقتيا ثم يزول وتعود السوق إلى ما كانت عليه بل أسوأ مما كانت, وقد تتجه نحو انهيارات متعددة .
فالسوق تعيش حالة نظرة مستقبلية بعيدة المدى, فكل العوامل السابقة شكلت ضغطا على السوق وينتظر كبار المستثمرين, أو ما نسميهم صناع السوق, التوقف وإعادة الدخول من جديد لترتيب أوراق استثماراتهم.
السوق تعيش الآن نقطة انطلاقة تاريخية يمكن أن تؤسس لبورصة خليجية موحدة تشجع على انتقال الرساميل الفردية والمؤسسية بين الدول الأعضاء بسهولة ويسر ويمكن أيضا أن ترفع إجمالي إسهام الرساميل في الأسواق المالية في دول المجلس، مع تشجيع قيام المشاريع الاقتصادية الضخمة أو توسيع ودعم الشركات القائمة حاليا, وإذا ما توحدت البورصات الخليجية فإنها لن تزيد على تريليون دولار، وهي ستأتي في المركز الـ 17 عالميا. إذ تأتي الولايات المتحدة في المركز الأول بنحو 14 تريليون دولار.
ورغم هذا التوحد فإن رساميل البورصة الخليجية لن تمثل سوى 1.8 في المائة من مجموع القيمة الرأسمالية للبورصات العالمية العضوة في اتحاد البورصات البالغة نحو 55.6 تريليون دولار حتى آذار (مارس) 2008.
ومن مميزات التوحد يمكن أن يتحول اعتماد الشركات على البنوك وتحفيزها للتحول نحو إصدارات الأسهم والسندات داخل دول الخليج وخارجها وستمكن المستثمرين من اختيار المشاريع الأكثر كفاءة مما يحفز الإنتاج والكفاءة على مستوى الاقتصاد الكلي, كما يجعل البورصة أكثر جاذبية للمحافظ الاستثمارية الأجنبية, وقد تكون البورصة الخليجية فرصة أو شرطا لقيام الوحدة النقدية وليس العكس, لأن الوحدة النقدية تحتاج إلى تحقيق قيام تكامل بين أسواق المال لتعزيز التقارب بين قوى السوق وخلق بيئات محفزة وعلى رأسها البيئة السياسية والاقتصادية القادرة على توحيد وتنسيق اللوائح التشريعية في إطار عمل مؤسسي فاعل يحكم عملية التوحد ويديرها.
|