رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاربعاء19/8/ 1429 ه الموافق20/8/ 2008 م
شيء ويبقى
الأسهم السعودية.. حان وقت الاستقرار
خالد الفريان
خلال الفترة 2003م - 2005م انطلق مؤشر سوق الأسهم السعودية كحصان غير مروّض من 4000نقطة إلى عشرين ألفاً، وسط "سعار" من المضاربات و"الطمع" من الجميع ! مما جعل السوق أشبه باستثمارات الهرم المعكوس، حتى وصل المؤشر إلى المستوى القياسي وهو 20.635نقطة في فبراير 2006م، وكانت الأجهزة الحكومية تتفرج على الحفلة، كما تفرجت على حمى المساهمات العقارية والمساهمات الوهمية الأخرى في بداياتها. .
@@ في مارس 2006م انتهت الحفلة = الطفرة وبدأ الانهيار المنتظر! كما يعرف الجميع ليشهد عام 2006سلسلة من القرارات الحكومية المتلاحقة والجهود التنظيمية، وكانت نتيجة تلك "الجهود" زيادة حدة الانهيار !! بسبب تسارع هذه القرارات وارتباكها، وأغلق المؤشر في نهاية التداول للعام 2006عند 7.933نقطة، وبذلك جاءت سوق الأسهم السعودية على قائمة ترتيب أسواق الأسهم الخليجية والعالمية الخاسرة، ووصفت تلك المرحلة ب "مذبحة سوق الأسهم"، وأصبح الكثيرون ينظرون لجهود الإصلاح الاقتصادي بشكل عام نظرة سلبية، بعد أن تحولت آلاف الأسر السعودية من الطبقة الوسطى إلى الطبقة الفقيرة. وكان الدرس الأهم في تلك التجربة أنه كان من الخطأ بقاء الجهاز الحكومي يتفرج، ومن الخطأ أيضا قيام الجهاز الحكومي فجأة - من النوم ! - وإصدار قرارات سريعة ومتلاحقة، بارتباك يربك السوق والمتعاملين، رغم الاتفاق على الهدف الإصلاحي النبيل لتلك القرارات.
@@ وما يهمنا اليوم وغداً .. هو كيف نستفيد من درس الأمس بالصورة الصحيحة، ولاشك عندي أن معالي الدكتور عبدالرحمن التويجري، والمتخصصين في هيئة السوق المالية، لديهم من الخلفيات والقدرات والرغبة الجادة ما يكفي لمعرفة وتحليل واقع السوق، وتنظيمه وتطويره، لكن لدي وجهة نظر من خلال نظرة تحليلية عامة لما جرى ويجري، أخذاً في الاعتبار أن "معظم" الانهيارات التي حدثت في السوق كان يسبقها قرارات معينة لهيئة السوق، وقد يكون السبب في ذلك الاستغلال السيئ من البعض للقرار، أو محاولة إفشاله! أو التخوف غير المبرر منه، بينما القرار بحد ذاته إيجابي بل ومطلوب لتنظيم السوق .
ووجهة نظري عنوانها "كفاية" ! .. وهي أهمية إعطاء أولوية قصوى لاستقرار السوق خلال المرحلة القادمة، وعدم الاستمرار في إجراء تغييرات عديدة في أنظمة التداول، والحد من القرارات والتحذيرات المتلاحقة، ما لم تكن هناك حاجة ماسة لتلك القرارات، وبعد الدراسة المتأنية لأعراضها الجانبية المتوقعة على أرض الواقع، وبحيث تصدر العقوبات على المتلاعبين بالسوق من قبل محكمة مستقلة وليس من هيئة السوق .
وعند استقرار السوق فإنه من المؤمل أن تشهد الأشهر القادمة عودة أسعار الأسهم للارتفاع بصورة تدريجية، وصولاً لقيمها العادلة، بما ينسجم مع كافة العوامل المؤثرة في السوق، وأهمها المعدلات العالية لنمو أرباح معظم الشركات السعودية.
@@ ومن المهم لاستقرار السوق - إضافة إلى ما سبق - ما يلي :
- التركيز على تطوير علاقة مبنية على الثقة المتبادلة بين الهيئة وصناديق الاستثمار وأصحاب المحافظ الكبرى، بحيث يتم السعي إلى جعلهم شركاء إستراتيجيين لحماية السوق من المضاربات السلبية ومن الانهيارات، عبر سلوك استثماري متزن يراعي المصلحة العامة، ولا يركز فقط على أرباح المدى القصير على حساب مصلحة السوق، ومصلحتهم هم، على المدى الطويل .
- أن لا تكون هيئة السوق الخصم والحكم ! إذ يجب الإسراع في إنشاء محكمة متخصصة ومستقلة للنظر السريع في أية مخالفات أو تجاوزات تتعلق بسوق الأسهم، سواء صدرت من المتعاملين أو الشركات المساهمة أو هيئة السوق أو وزارة المالية أو مؤسسة النقد أو البنوك أو شركات الوساطة أومن أية جهة أخرى.
- ايجاد آليات أكثر فاعلية لتدخل الدولة وضخ النقد في الفترات التي تحتاج السوق فيها للسيولة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال اتفاقيات خاصة بين هيئة السوق وصندوق الاستثمارات العامة - الذي تبلغ استثماراته في السوق بالأسعار الحالية أكثر من ثلث تريليون ريال ! - والتأمينات الاجتماعية ومصلحة معاشات التقاعد، مع "تطمين" السوق والمتعاملين عبر إعلان هذه الآليات (ومن تلك الفترات على سبيل المثال حين يتم طرح اكتتابات كبرى جديدة، والتي يجب تشجيعها، نظرا لأثرها الإيجابي على المجتمع والاقتصاد والسوق على المدى الطويل، ولكن مع السعي إلى الحد من أثرها السلبي المؤقت على الأسعار وقت الطرح).
|