رد: الأخبار الإقتصادية ليوم السبت22/8/ 1429 ه الموافق23/8/ 2008 م
من يتحمل مخاطر الإفلاس أو التصفية أو عدم سداد الالتزامات للغير؟
الأسهم تترقب اشتراطات فتحها للأجانب والكشف عن 8 تساؤلات
"الاقتصادية" من الرياض - - 22/08/1429هـ
أطلق اقتصادي خليجي ثمانية تساؤلات مالية ومحاسبية وقانونية في وجه هيئة سوق المال السعودية بعد قرارها الأخير فتح سوق الأسهم أمام الأجانب غير المقيمين في السعودية عبر شركات الوساطة العاملة في السوق المحلية. وينتظر أن تجيب شروط القرار الذي ستزود بها هيئة سوق المال شركات الخدمات المالية اليوم، عن هذه التساؤلات.
وتختص التساؤلات بالالتزامات المحاسبية والمالية والقانونية التي ينطوي عليها قرار الهيئة، خاصة في من سيتحمل مخاطر إفلاس الشركات أو تصفيتها أو عدم سداد الالتزامات للغير في الشركات التي سيتملك فيها الأجانب.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
سيتاح لشركات الوساطة المالية التابعة للبنوك والمستقلة تملك الأسهم في السوق السعودية نيابة عن المستثمرين الأجانب شريطة التزامها بالضوابط والاشتراطات التي حددتها هيئة سوق المال. ويصف محللون هذا القرار الذي يأتي في إطار (نظام المبادلة) بأنه خطوة إيجابية وضرورية في الوقت ذاته لدعم السوق المحلية ورفع درجة تكاملها مع أسواق المنطقة بل والأسواق الناشئة.
الدكتور حسن العالي (اقتصادي بحريني ومحلل مالي في "الاقتصادية")، أعد التقرير التالي حول الخطوة، حيث يطرح من خلاله تساؤلات حول الالتزامات المحاسبية التي ينطوي عليها القرار وكذلك صوت شركات الوساطة التي ستتملك الأسهم نيابة عن المستثمر الأجنبي، في الجمعيات العمومية. إلى التقرير:
يثير قرار مجلس هيئة سوق المال السعودية بفتح سوق الأسهم للأجانب غير المقيمين في المملكة عن طريق اتفاقيات المبادلة العديد من التساؤلات بشأن "النموذج الاستثماري" الذي تريده سلطات سوق المال السعودية تشجيعه في المملكة خاصة أن القرار موجه للاستثمار الأجنبي.
وقالت الهيئة إن مجلسها وافق للأشخاص المرخص لهم على إبرام اتفاقيات مبادلة Swap Agreements مع الأشخاص الأجانب غير المقيمين سواء أكانوا مؤسسات مالية أم أفراداً، بهدف نقل المنافع الاقتصادية لأسهم الشركات السعودية المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) لأولئك الأشخاص مع احتفاظ الأشخاص المرخص لهم بالملكية القانونية للأسهم وفقاً للضوابط والشروط التي تضمنها قرار المجلس. والهدف من ذلك كما ذكر هو حماية سوق الأسهم المحلية من (الأموال الساخنة) وهي السيولة التي تدخل السوق وتخرج بسرعة وقد تؤدي إلى تراجعات كبيرة في السوق، وحدث مثل ذلك في أسواق عديدة مثل بعض أسواق شرق آسيا.
نحن نتفق أن للقرار الكثير من الإيجابيات في مقدمتها فتح الباب أمام استقطاب المحافظ الاستثمارية الأجنبية الكبيرة، حيث يتوقع وفقا لتقديرات نشرتها "الاقتصادية" أن تستقطب السوق السعودية خلال عام من صدور القرار 160 مليار ريال من المستثمرين الأجانب تمثل 10 في المائة من حجم السوق الحالية البالغة 1.6 تريليون ريال. ولا يستبعد أن تعمل جاذبية السوق السعودية على سحب بعض الاستثمارات الأجنبية من الأسواق الإقليمية المجاورة.
كما لا يستبعد أن يرفع القرار استثمار المؤسسات في السوق السعودية الذي لا يتجاوز حاليا 2 في المائة من إجمالي القيمة الرأسمالية للسوق، حيث يتوقع أن يرتفع في الـ 12 شهرا المقبلة إلى نسبة تراوح بين 10 و15 في المائة. وهذا الجانب على غاية الأهمية نظرا للحاجة لتخفيف قبضة اللاعبين الرئيسيين في السوق السعودي على تحركات التداول والأسعار وجعلها أكثر ميلا للتأثر بالعوامل الأساسية والفنية بدلا من العوامل الفردية والمضاربات والتحركات المفتعلة.
كذلك من شأن القرار المذكور زيادة اهتمام بيوت الاستثمار العالمية للقيام بالأبحاث والدراسات المتعلقة بأسهم الشركات المحلية وتحديد قيمها العادلة بناءً على توقعات الأرباح ومدى تنافسية تلك الشركات. كذلك من المتوقع أن يكون للقرار تأثير إيجابي لتطوير المزيد من المنتجات الجديدة في السوق المالية السعودية وذلك عن طريق نقل خبرة المؤسسات الاستثمارية الأجنبية للسوق السعودية.
وإجمالا يمكن القول إن القرار يمثل خطوة مهمة باتجاه فتح السوق المالية بشكل تدريجي، كما أنه سيدفع السوق أمام المنافسة الواسعة بالمقارنة بأسواق الأسهم الخليجية المتحررة بدرجة اكبر.
ومن المعروف أن أسهم الشركات المساهمة السعودية، على الرغم من السماح أخيرا للخليجيين في الاستثمار في معظمها، فإن نسب تملك الخليجيين أو الأجانب تظل مرتبطة بأنظمة تأسيس هذه الشركات التي تفرض أن يتملك السعوديون معظمها، وبالتالي، ما لم تتغير هذه الأنظمة، فإن السماح للأجانب أو الخليجيين يظل سماحا مقننا ومحدودا في نطاق ضيق.
ويمكننا الانطلاق من هذه النقطة تحديدا، للقول إن قرار هيئة سوق المال السعودية سعى للالتفاف على عقبة تغيير أنظمة تأسيس الشركات المساهمة، التي هي انعكاس لمتطلبات التشريعات التجارية، من خلال فصل ملكية السهم عن حق المتاجرة فيه والانتفاع من ورائه بحيث تحتفظ شركات الوساطة السعودية بملكية السهم ويعطى للمستثمر الأجنبي حق المتاجرة فيه والانتفاع من ذلك. إلا أن هذا الفصل بدوره ينطوي على العديد من الانعكاسات المحاسبية والمالية والاقتصادية على كل من شركات الوساطة والمستثمر الأجنبي التي يمكن مراجعتها وتقييم تأثيراتها بتأن في حالة توافر المزيد من المعلومات حول القرار المذكور.
فمن الناحية المحاسبية، ما هي الانعكاسات المحاسبية والمالية لظهور محافظ استثمارية بمبالغ طائلة في ميزانيات شركات الوساطة السعودية (حتى وإن كانت تابعة للبنوك السعودية) على أنها تمتلكها في حين أنها تديرها بالنيابة عن الغير. والسؤال الأكثر أهمية من يتحمل مخاطرة الإفلاس أو التصفية أو عدم سداد الالتزامات للغير لأسهم الشركات التي تملكتها نيابة عن الغير؟
ثم كيف سوف تصنف هذه المحافظ في سجلات شركات الوساطة عند الأخذ في الاعتبار تفاوت المدد الزمنية التي قد تمتد ما بين يوم أو يومين إلى أشهر (مع العلم أن القرار النهائي للمدة الزمنية لن تحدده شركة الوساطة بل المستثمر الأجنبي الذي بإمكانه إنهاء اتفاقية المبادلة في أي وقت).
من الناحية المالية، هل سيمسح قرار هيئة سوق المال باتفاقيات مبادلة قصيرة الأجل تمتد لساعات مثلا أو يوم أو يومين، وفي هذه الحالة هل ستختلف عمولة شركة الوساطة طبقا لمدة اتفاقية المبادلة، وكيف يمكن في هذه الحالة توحيد هذه العمولات مع العمولات السائدة في السوق لكيلا يشعر المستثمر الأجنبي بارتفاع كفة الاستثمار في السوق.
من الناحية المالية أيضا، كيف يمكن للمستثمر الأجنبي تقييم القيمة العادلة للسهم في ظل حقيقة أنه لن يتحمل مخاطر الإفلاس والتصفية وإنما تحقيق الربح أو الخسارة فقط، وهذا قد ينعكس بدوره في صورة إعطاء قيمة أقل من القيمة العادلة نظرا لعدم تحمله تلك المخاطر، حيث إن علاوة المخاطرة ستكون أقل.
إلا أنه في المقابل أيضا لا يمتلك أية ضمانة في حالة الإفلاس أو التصفية، حيث إن العائد المتبقي للمساهمين بعد سداد قيمة الديون في حالة التصفية سوف تذهب لمالك السهم وليس المستثمر.
ولهذه النتائج انعكاسات بدورها على تقييم القيمة العادلة للسهم أيضا، حيث إن أحد المؤشرات المالية المستخدمة في تقييم هذه القيمة هنا مثل نسبة القيمة السوقية إلى القيمة الدفترية للسهم Price / Book Value سوف لن تعني شيئا للمستثمر الأجنبي لأنه لا يملك السهم. كذلك بالنسبة لمؤشر مكرر السعر إلى نصيب السهم من الأرباح P/E ratio، حيث إن المستثمر الأجنبي لن تهمه التدفقات المستقبلية من الأرباح وعلاقتها بالسعر بقدر ما يهتم بالعوائد النقدية المباشرة للسهم Dividend Yield. وتجاهل هذين المؤشرين يدفعان المستثمر لتغليب عوامل الاستثمار قصير الأجل على عوامل الاستثمار الطويل الأجل وهو ما يشجع على المضاربة بدلا من الاستثمار. ثم كيف سيتم التعامل مع التوزيعات غير النقدية هل سيتم تحويلها إلى نقد أم تضاف إلى محافظ المستثمر الأجنبي.
من الناحية الاقتصادية، كيف سيتصرف مالكو أسهم المستثمرين الأجانب في الجمعيات العمومية للشركات المساهمة فيما يخص التصويت على البيانات المالية وتقارير مجلس الإدارة وانتخابات مجالس الإدارات؟ وما انعكاسات زيادة نفوذ وتأثير شركات الوساطة في الجمعيات العمومية للشركات المساهمة من خلال ما تملك من أسهم فيها، ولكن في الوقت نفسه لا تعود منافعها لها، بما يعني أنها ليست لها مصلحة مباشرة فيما سوف تصوت عليه من قرارات.
من الناحية الاقتصادية أيضا، ما التكاليف الاقتصادية والمالية لتفاوت مدد عقود المبادلة أو حق المستثمر الأجنبي في إنهائها في أي وقت أو أن يتحمل الوسيط مخاطر الإفلاس والتصفية، حيث إن أية زيادة في التكاليف الاستثمارية بالنسبة للمستثمر الأجنبي بالمقارنة بالمستثمر المحلي سوف تؤدي إلى إحجام المستثمرين الأجانب.
وأخيرا من الناحية الاقتصادية، يخشى أن القرار، خاصة في ظل فصل ملكية السهم عن حق الانتفاع من الأرباح والعوائد الرأسمالية، سوف يشجع بصورة أكبر على تدفق الأموال الساخنة، أو المحافظ الاستثمارية الدوارة والباحثة عن الأرباح عبر القارات، خاصة أن عقود المبادلة تسمح لها بإنهائها في أي وقت تشاء. والمستثمر الأجنبي هنا سوف يحمل استثماره علاوة مخاطرة إضافية ناجمة عن التكاليف الإضافية وعدم تملك الأسهم تقابلها مخاطرة أقل ناجمة عن عدم تحمل مخاطر الإفلاس والتصفية ومخاطرة البلد. في المقابل، فإن شركات الوساطة سوف تحمل عمولتها علاوة مخاطرة تحمل مخاطر الإفلاس والتصفية وإنهاء اتفاقيات المبادلة قبل أوانها.
وبين هذا وذاك، تساؤلات واستفسارات تهم الوسيط والمستثمر الأجنبي تدعو الحاجة لتوضيحها أمام الوسطاء والمستثمرين الأجانب قبل توقع الاستفادة من القرار على نطاق كبير خلال الفترة المقبلة.
|