رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الجمعه28/8/ 1429 ه الموافق29/8/ 2008 م
الرابح الأكبر من الاكتتابات المقبلة
الاقتصادية السعودية الجمعة 29 أغسطس 2008 11:06 ص
د.محمد بن ناصر الجديد
توصف السوق المالية السعودية بأنها سوق الطرح الأولي بكل ما يعنيه هذا الوصف من معنى. من "الاتصالات" وحتى "كيمانول" الأسبوع الماضي. عشرات الشركات أدرجت وتباين حجم طرحها وتباينت جاذبيتها. تميزت حركة تداول أسهم بعض هذه الشركات خلال الأيام الأولى من التداول بعمق مالي كبير عكس تباين الأهداف الاستثمارية بين المكتتبين والمستثمرين.
يثير هذا التباين تساؤلات حول حجم وطبيعة حركة تداول أسهم شركات الطرح الأولي خلال الأيام الأولى، وكيفية انتقال ملكية أسهم شركات الطرح الأولي من المكتتبين إلى المستثمرين، وهوية الرابح الأكبر من تداولات هذه الأسهم.
حاولت دراسة الإجابة عن هذه التساؤلات عن طريق دراسة سلوك طبيعة المكتتبين وصناع السوق والمستثمرين خلال اليومين الأولين من تداول أسهم شركات الطرح الأولي المدرجة في سوق ناسداك.
نشرت الدراسة قبل عامين في مجلة "علم الاقتصاد المالي"The Journal of Financial Economics تحت عنوان "من يتداول أسهم الطرح الأولي؟ نظرة على الأيام الأولى للتداول".
هناك سببان دعما اختيار هذه الدراسة عوضا عن غيرها من دراسات تداول الطرح الأولي كمنظور مشاهدة لواقع حركة تداول أسهم شركات الطرح الأولي في السوق المالية السعودية.
السبب الأول: أن الدراسة أجريت في سوق مالية متقدمة (سوق ناسداك) تختلف شرائح المتداولين فيها عن تلك الموجودة في السوق المالية السعودية في الفترة الحالية، وقد تتشابه شرائح المتداولين فيها في الفترة المقبلة مع تطوير شريحة صناع السوق.
والسبب الثاني: أن السوق المالية السعودية تمر بمرحلة انتقالية تستأنس الإدراج التسلسلي لشركات جديدة، ما يزيد الحاجة إلى فهم سلوك المكتتبين والمستثمرين في تداول أسهم شركات الطرح الأولي.
اعتمدت الدراسة على معلومات حركة تداول اليومين الأولين لـ 559 شركة طرح أولي أدرجت في سوق ناسداك خلال الفترة من تشرين الأول (أكتوبر) 1996 إلى حزيران (يونيو) 1997.
استندت الدراسة إلى قاعدتي بيانات لحركة تداول أسهم الطرح الأولي لاستقاء هذه المعلومات: Securities Data Company (SDC)، وElectronic Data Gathering, Analysis and Retrieval system EDGAR.
قسمت عينة الدراسة (559 شركة) إلى أربع مجموعات بناء على التباين بين سعر طرح السهم والسعر الافتتاحي مع بداية عملية التداول. المجموعات الأربع كالتالي: أسهم العائد العالي Hot IPOs، أسهم العائد شبه العالي Warm IPOs، أسهم العائد المعتدل Cool IPOs، وأسهم العائد المنخفض Cold IPOs.
قبيل ذكر نتائج الدراسة، فإنه من الأهمية بمكان الأخذ في الاعتبار التباين بين آلية عمل سوق ناسداك والسوق المالية السعودية.
حيث تصنف سوق ناسداك على أنها سوق تفاوضية negotiated market تقوم على مبدأ التفاوض بين البائع والمشتري على تحديد قيمة السهم, وبالتالي فإن سعر السهم يتحدد بناء على القدرة التفاوضية بين البائع والمشتري.
وفي المقابل، تصنف السوق المالية السعودية على أنها سوق مزدوجة double auction تقوم على وجود مجموعة من المتداولين تعرض مجموعة من الأسهم، ومجموعة أخرى تطلبها, وبالتالي فإن سعر السهم يتحدد بناء على التوافق بين كلا السعرين.
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج مفيدة تشكل في مجملها إجابة شمولية عن التساؤلات حول حجم وطبيعة حركة تداول أسهم شركات الطرح الأولي خلال الأيام الأولى، وكيفية انتقال ملكية أسهم شركات الطرح الأولي من المكتتبين إلى المستثمرين، وهوية الرابح الأكبر من تداولات هذه الأسهم.
النتائج كما يلي:
1 ـ تتميز حركة تداول أسهم العائد العالي بحجم تداول يفوق مجموعات الأسهم الثلاث الأخرى.
2 ـ تنحصر عملية تداول أسهم العائد العالي في المكتتبين والمستثمرين, وينحصر دور صناع السوق في الوساطة بين المكتتبين والمستثمرين.
3 ـ تتميز طبيعة تداول أسهم العائد العالي في بدايتها بتساوي القدرة التفاوضية على سعر السهم بين المكتتبين والمستثمرين، ولكنها ما تلبث في نهاية اليوم الثاني للتداول أن تميل القدرة التفاوضية، وبالتالي التجميع، لكفة المستثمرين.
4 ـ تنحصر عملية تداول أسهم العائد المنخفض في المكتتبين وصناع السوق.
5 ـ تتميز طبيعة تداول أسهم العائد المنخفض في بدايتها بتساوي القدرة التفاوضية على سعر السهم بين المكتتبين وصناع السوق، ولكنها ما تلبث بنهاية اليوم الثاني للتداول أن تميل القدرة التفاوضية، وبالتالي التجميع، لكفة صناع السوق.
عندما ننظر إلى واقع السوق المالية السعودية من منظور نتائج هذه الدراسة، مع الأخذ في الاعتبار التباين بين آلية عمل سوق ناسداك وسوق الأسهم السعودية، فإنه من الممكن وضع اللمسات الأولية للإجابة عن التساؤلات حول حجم وطبيعة حركة تداول أسهم شركات الطرح الأولي خلال الأيام الأولى، وكيفية انتقال ملكية أسهم شركات الطرح الأولي من المكتتبين إلى المستثمرين، وهوية الرابح الأكبر من تداولات هذه الأسهم.
فالسوق المالية السعودية تنتظر خلال الأيام المقبلة عمليات اكتتابات جديدة حسب مقتضيات المرحلة الانتقالية المقبلة من تشجيع الشركات على طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام وإدراجها تباعا في السوق. ستشهد حركة تداول أسهم بعض هذه الشركات نمواً ملحوظاً في العمق المالي، وتبايناً في الأهداف الاستثمارية بين المكتتبين وصناع السوق والمستثمرين. ومع تباين الأهداف ستتباين هوية الرابح الأكبر بين المكتتبين، وصناع السوق والمستثمرين.
|