رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الجمعه5/9/ 1429 ه الموافق5/9/ 2008
المؤشر في الأسبوع المقبل: استمرار لنمط الحيرة والمسار الهابط
عمليات البيع المكثفة للأسهم القيادية دفعت إلى هروب ملحوظ في السيولة
تحليل: عبدالله كاتب
ادى ظهور تقارير متتالية عن احتمالات تسجيل تباطؤ اقوى من التوقعات في دول الاتحاد الاوربي وخاصة الاقتصاديات الكبرى منها وعلى رأسها بريطانيا نتيجة تأثرها بالركود الذي حدث بالاقتصاد الامريكي وكذا نتيجة تداعيات انهيار اسعار العقار والكساد الكبير والذي لايزال يسجل تراجعا مقلقا لا يعرف له نهاية قريبـة. هذا الوضع انتشرت عدواه بسرعة وخاصة بالعقارات البريطانية التي بدأت اسعارها تتهاوى وزاد العرض عن الطلب مما افقد اقتصاد العقار البريطاني توازنه. ومثل هذا الوضع كان متوقعا منذ اكثر من سنوات من قبل الحكومة البريطانية نفسها التي لجأت الى اتخاذ سلسلة كبيرة من الاجراءات والسياسات النقدية المتشددة لكبح جماح نمو الاسعار الهائل الذي حدث قبل اكثر من ثلاث سنوات وظهرت آثاره الاليمة في الوقت الحالي. لذلك تأثر الاقتصاد البريطاني وظهرت بوادر حدوث ركود اقتصادي ونقص في الطلب على النفط نتيجة تقلص في النمو الصناعي. تلك الاوضاع عكستها اسعار العملات الرئيسية مثل الاسترليني واليورو والذين سجلوا تراجعا حادا جاء في صالح الدولار الامريكي، ولذا فإن ارتفاع الدولار الامريكي لم يكن ناتجا عن تحسن في حالة الاقتصاد الامريكي بقدر ما كان يعكس حالة السوء المحتملة بالاقتصاديات الاوربية.
هذه الاوضاع وبما تحمله من تداعيات ألقت بظلالها على الاقتصاديات الخليجية وظهرت آثارها في انخفاض معدلات السيولة المتداولة باسواق الاسهم الخليجية وعلى رأسها المملكة. لكن نقص السيولة وهروبها بمعنى اصح لم يكن ناتجا فقط من الآثار الاقتصادية السلبية المحتملة على الاقتصاد العالمي بل انه مقرون بمخاوف سياسية متنامية من احتمالات مغامرة جنونية قد تقوم بها الادارة الامريكية مع قرب نهاية ولايتها الحالية بنوفمبر المقبل.
الفترة القادمة تعتبر استمرارا للحالة السلبية التي عاشها سوق الاسهم خلال الفترة الماضية، نتيجة للاوضاع الاقتصادية والسياسية التي المحنا اليها آنفا. فآثار التصحيح الذي يحدث بسوق الاسهم لايزال مستمرا، وما ان تظهر بوادر انفراج تحمل معها نفحات عابرة من التفاؤل الا وتتبعها رياح عاتية تبدد تلك التفاؤلات الامر الذي يؤدي الى استمرار سوء الحالة النفسية بالسوق وخروج السيولة من معظم الاسهم الكبيرة والصغيرة معا. فانخفاض قيم السيولة الذي سجل مستويات قياسية لا تتناسب مع سوق بحجم السوق السعودي يحدث قلقا بالغا من استمرار النزيف، يقابله في نفس الوقت اوضاع تزيد من انتكاسته وتتجسد جليا في الاصرار الكبير في طرح المزيد من الاكتتابات الاولية والتي استنزفت في اوقات سابقة جزءا كبيرا من السيولة دون ان تفلح في ايقاف المضاربات العشوائية وان بدا انها خفت حدتها عن السابق لكنها لم تختف تماما، بل نتج عنها انعكاسات لم تكن مستهدفة. ولذا فإن الاوضاع تبدو بصورة واضحة انها تعبر عن وجود تشبع بالغ في كميات المعروض من الاسهم مع انخفاض قوي بحجم الطلب على تلك الكميات مما يدعو الى المطالبة بقوة من هيئة سوق المال من الوقوف مجددا لتقييم الاوضاع وايقاف طرح الاكتتابات الى حين ظهور اشارات ايجابية بامكانية استيعاب المزيد منها مستقبلا، اما الاصرار على استمرار الطرح فسينتج عنه آثار عكسية ليست في صالح السوق وستمتد آثارها السيئة الى العزوف عن الاقبال على تلك الاكتتابات الامر الذي ربما سيسجل كسابقة فشل ذريعة قد تضر بمصالح الشركات التي ترغب في طرح اسهمها بسوق الاسهم.
على صعيد التحليل الفني، فإن الانخفاض الذي حدث كان متوقعا، لكنه تجاوز الحدود المسموح بها فنيا لكي يبقى في حالته الايجابية اذ أن كسر مستوى 8560 نقطة كان كافيا لاعطاء اشارة خروج وتبدل الحالة الايجابية الى سلبية في ظل نقص الثقة بأداء الاسهم القيادية وعلى رأسها سابك والاتصالات وسهم الراجحي والكثير من اسهم القطاع المصرفي مما سينتج عنه تعرض تلك القطاعات الى استمرار الضغط البيعي واستمرار النزيف النقطي. سابك اختارت الاتجاه السلبي ما لم تستطع بعض القوى الشرائية المؤثرة من انتشالها والنهوض بها لتسجيل اغلاق اسبوعي مقبل يتجاوز سعر 125 ريالا، فسعر 124.25 يبدو خلال الاسبوع المقبل سعر مقاومة يصعب تجاوزه في ظل تقلص قيم السيولة. ونفس الوضع ينطبق على معظم الاسهم. اما عن المؤشر فاصبح يستهدف اختبار دعم عند مستوى 8160 نقطة وربما ستكون هذه النقطة دعما يصعب كسره ومنها يكون اجتذاب السيولة لانتهاز اسعار بعض الاسهم لتحقيق مكاسب محدودة. الاسبوعان القادمان اضافة لتدوالات الاسبوع القادم سيكون استمرارا لما يمر به السوق منذ فترة طويلة يعتريه نمط حيرة مقلق واقرب منه للسلبية. مقاومة المؤشر ستنحصر الاسبوع المقبل عند مستويات 8580 نقطة وكسر مستوى 8445 يعتبر تأكيدا لاستمرار المسار الهابط.
|