عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2008   رقم المشاركة : ( 2 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: غلوبل تصدر تقريرا تحليليا عن قطاع الاتصالات في دول مجلس التعاون الخليجي

«الوطني»: النمو الاسمي الخليجي يتخطى الحقيقي بكثير ... لكن أيهما يعكس حقيقة التطورات الاقتصادية؟
الرأي الكويتية الجمعة 5 سبتمبر 2008 2:10 م




تقرير « يوحي بأن التحسن في مستويات المعيشة قد يقل بكثير عما تشير إليه مؤشرات النمو»

أشار بنك الكويت الوطني في تقريره الاقتصادي الأخير إلى أنه، مع صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي عن عام 2007 للدول الخليجية كافة باستثناء البحرين، فإن قراءة وتفسير تطورات هذه البيانات ومدلولاتها يتطلب درجة من التأني. فكما هو معلوم، إن تقدير قيمة الناتج المحلي الإجمالي لأي اقتصاد يتم عن طريق احتساب القيمة المضافة في كافة قطاعات الاقتصاد إما بالأسعار الثابتة (الحقيقية)، أي بعد استثناء أثر التغير في الأسعار على قيمة إنتاج الدولة، أو بالأسعار الاسمية (الجارية) دون تحييد أثر التغير في الأسعار. وهنا يبرز التساؤل: أي هذه الطرق تعطي صورة أوضح عن أداء الاقتصادات الخليجية؟

ومع أن هذا الموضوع يبدو ذا طبيعة فنية بحتة، إلا أنه في الواقع يكتسب أهمية اقتصادية ملموسة. فأفضل السبل لقياس مستويات المعيشة لا تكون بالنظر إلى القيمة المطلقة لدخل البلاد أو الفرد، بل بمقدار السلع والخدمات التي يستطيع هذا الدخل شراءه، والذي بدوره يعتمد على مستوى الأسعار. إن الخلط بين هذين المفهومين يؤدي إلى خلل واضح في تحليل تطورات الأداء الاقتصادي نتيجة تجاهل ما يعرف في علم الاقتصاد بمفهوم «وهم النقود». وإلى جانب مستويات الدخل، هنالك أهمية للتمييز بين أن تكون الزيادة المتحققة في الإنتاج حقيقية أو اسمية، لأن لذلك انعكاسات هامة على العديد من المتغيرات المالية والنقدية كالمستوى الملائم لأسعار الفائدة وأسعار الصرف والموجودات المالية.

الاسمي مقابل الحقيقي

يلاحظ في معظم الدول المتقدمة أنه من النادر أن يبرز خلاف في تفسير الفرق ما بين أرقام النمو الاسمي والنمو الحقيقي لاقتصاداتها، حيث ان كلا هذين الرقمين لا يبتعد كثيراً عن الآخر، ويبقى هذا الفارق بحدود 2 إلى 3 نقاط مئوية. أما في حالة الدول الخليجية، فإن هذا الفرق قد أصبح شاسعاً في السنوات الأخيرة، اذ بلغ معدل النمو الاسمي لدول الخليج كافة ما متوسطه 18 في المئة خلال الفترة ما بين عامي 2002 و2007، أي متجاوزاً معدل النمو بالأسعار الحقيقية بنحو 11 في المئة. كما يبرز أيضاً تباين واضح في أداء الاقتصادات الخليجية كل على حدة. فعلى سبيل المثال، بلغ متوسط النمو الاسمي لقطر نحو 29 في المئة سنوياً، متجاوزاً نموه الحقيقي بنحو 18 نقطة مئوية، في حين أن حجم هذه الفجوة يتراجع إلى 9 نقاط مئوية في البحرين. إضافة إلى ذلك، فإن التمييز في النمو الاقتصادي ما بين اسمي وحقيقي يؤثر على درجة تقييمنا لأداء الدول الخليجية، فقطر تعتبر الأفضل خليجياً تبعاً لمقياس النمو الاسمي، في حين أن أداء الكويت يعتبر أفضل بكثير من قطر تبعاً لمقياس النمو الحقيقي.

التضخم والنفط

وقد يكون التساؤل الأهم: أي هذه المقاييس يعطي صورة أوضح عن التغير في مستويات المعيشة لدول الخليج؟ فبما أن الفرق ما بين معدلات النمو الاسمي والحقيقي يعكس ببساطة التغير في مستويات الأسعار، قد يعتقد أن أفضل الطرق لقياس مستوى التغير الفعلي في مستويات المعيشة يتمثل في استخدام أرقام النمو الحقيقي على غرار ما يجري في دول العالم الأخرى. وفي تلك الحالة، فإن الأداء الاقتصادي لكافة دول الخليج يعتبر اقل إشراقاً مما توحي إليه أرقام النمو الاسمي.

ولكن يبقى هناك دائماً بعض الشكوك حول استخدام أرقام النمو الحقيقي للناتج في الاقتصادات التي تستند على موارد طبيعية، ولاسيما البلدان المنتجة للنفط، اذ ان تصاعد الإنتاج في مثل هذه الدول لا يعكس بالضرورة توظيفا أكبر للموارد لتوليد الدخل، بل يعكس استخراج مورد طبيعي غير متجدد. وفي الواقع، إن التمييز ما بين النمو الحقيقي والاسمي يصبح شائكاً لكون التذبذب في أسعار النفط يعتبر المسؤول الأول عن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها معدلات النمو الاسمي في دول المنطقة، ويظهر ذلك جلياً في حالة السعودية لكونها أكبر منتج للنفط في المنطقة. وخلال الأعوام العشرين الماضية، يلاحظ أنه في كافة الفترات الزمنية الأربعة التي تجاوز فيها معدل النمو الاسمي للاقتصاد السعودي معدل النمو بالأسعار الحقيقية، كان ذلك قد تزامن مع ارتفاع حاد في أسعار النفط، وخير مثال يتجلى في الفترة الزمنية الراهنة. وفي المقابل، جاء النمو الاسمي ضعيفاً نسبياً عندما كانت أسعار النفط تنخفض. وتظهر هذه العلاقة السببية في دول الخليج الأخرى، مع أن البيانات المتاحة عن بعض هذه الدول لا تتوفر لفترة زمنية طويلة على غرار السعودية، ما يحد من مقدرتنا على عرض هذه العلاقة.

ولكن لماذا تؤدي التغيرات في أسعار النفط إلى جعل أرقام النمو الحقيقي ليست المقياس الأفضل لتقييم أداء الاقتصادات الخليجية؟ ويأتي الجواب واضحاً إذا ما نظرنا إلى إنتاج المنطقة من النفط واستهلاكها. فإذا ما افترض أن الدول الخليجية تقوم باستهلاك كافة إنتاجها من النفط محلياً، فإن ارتفاع أسعار النفط لن يحمل في طياته منفعة صافية لها، أي أن المكاسب المحققة لإحدى دول المنطقة يجب أن تأتي على حساب تكلفة مماثلة في دولة أخرى.

وبما أن الدول الخليجية تعتبر مصدراً رئيسياً للنفط عالميا، فإن التغير في أسعار النفط له أثر ملحوظ على القوة الشرائية لهذه الدول. فالدول الخليجية الأربع التي تعتبر منتجاً رئيسياً للنفط قامت بإنتاج ما جملته 17 مليون برميل يومياً من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال في عام 2007، إلا أنها كانت قد استهلكت أقل من 3 ملايين برميل يومياً من هذا الإنتاج. وهذا يعني أن ارتفاع سعر برميل النفط بدولار واحد يعزز الدخل المحلي لهذه الدول بما يزيد على خمسة أضعاف الزيادة في التكلفة. وفي الواقع، فإن تزايد مستويات الدخل في دول الخليج حالياً يعكس تحسناً في «شروط التبادل التجاري»، حيث ان ارتفاع أسعار الصادرات النفطية قد تجاوز متوسط ارتفاع أسعار الواردات، ما احدث تحويلا في الدخل من الدول المستوردة للنفط لصالح الدول المنتجة للنفط.

إيجابيات وسلبيات

ومع أن التحسن في شروط التبادل التجاري قد يكون إيجابياً على صعيد مستويات المعيشة، إلا أنه ليس بالدرجة التي ارتفعت فيها أسعار النفط. فبداية، ومع أن التحسن في مستويات المعيشة قد يكون أكبر وأسرع مما توحي اليه أرقام النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، إلا أن معظم هذه الزيادة في الإيرادات النفطية قد عادت على الحكومات التي تتولى إدارة القطاع النفطي، وليس على عامة الناس مباشرة. فجزء من عوائد النفط تتم إعادة توجيهه للصرف على مشاريع البنية التحتية، وعلى زيادة رواتب وأجور العاملين في القطاع العام والخدمات الاجتماعية وبرامج الدعم عموما، وهذه في النهاية تصب في صالح المستهلك.

ولكن هناك جزءا كبيرا من عوائد النفط يتم ادخاره عن طريق الحكومات الخليجية، وينتهي به المطاف كاستثمار في الخارج. وبالطبع، يفترض في مثل هذه الاستثمارات أن تسهم في رفع مستويات المعيشة للأجيال القادمة من مواطني دول الخليج، إلا أن ذلك سيتطلب بعض الوقت قبل أن يتحقق.وبالطبع، كما يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى تحسن مستويات المعيشة بدرجة أكبر مما تشير إليه أرقام النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي، فإن العكس صحيح في حال تراجع أسعار النفط. وبما أن أسعار النفط قد ارتفعت بشكل ملحوظ على امتداد السنوات الست الماضية، فإن عودة مستويات المعيشة إلى مستوياتها التي سادت قبل سنوات يتطلب هبوطاً حاداً في أسعار النفط، وهذا ما لا يتوقعه إلا القليل من المحللين، رغم التراجع الذي شهدته الأسعار في الآونة الأخيرة. والنقطة المهمة هنا، هي أن أسعار النفط ستكون بحاجة الى أن تواصل مسيرة ارتفاعها حتى يتسنى المحافظة على وتيرة النمو في مستويات المعيشة الحالية.

وعندما تبدأ أسعار النفط بالثبات، فإن معدل النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي سيصبح المقياس الأدق لتقييم التغير في الأداء الاقتصادي، مع الأخذ بعين الاعتبار النقلة النوعية التي حصلت في مستويات المعيشة.


آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس