رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاحد7/9/ 1429 ه الموافق7/9/ 2008
توقعات بتخفيف الضغط على قوائم انتظار المنح
أعضاء من المجالس البلدية يطالبون بإنشاء بنك للأراضي ومركز لأبحاث تكاليف البناء
خميس السعدي من مكة المكرمة - - 07/09/1429هـ
كشف أعضاء في المجالس البلدية السعودية عن أن قوائم انتظار المنح في أمانات المدن مصابة بأزمة وراثية تتمثل في طوال فترة الانتظار التي يجب على راغب الحصول على منحة الأرض أن يقبع فيها لعشرات السنين، مبينين إن في جدة ومكة أكثر من 200 ألف مواطن على تلك القوائم.
واتفق الأعضاء على أن قرار وزير الشؤون البلدية والقروية الذي صدر أخيرا، والقاضي بإسناد مهمة الحصول على أجزاء من الأراضي الحكومية غير المستغلة التابعة لجهات حكومية للمجالس البلدية من أجل تحويلها إلى أراضي منح يتم توزيعها على المواطنين، يعد قراراً فاعلاً وسيلعب دوراً بارزاً في حل جزء من مشكلات تأخير صرف المنح التي بدأت تتفاقم في ظل عدم وجود المخططات الصالحة لذلك.
وشدد الأعضاء على أهمية إنشاء بنك للأرضي، يتمثل دوره في شراء الأراضي وتخصيصها للمحتاجين من ذوي الدخل المنخفض، وأن تنشأ مراكز للأبحاث تعنى بتقديم الإرشادات للمواطنين فيما يتعلق بتخفيض تكاليف البناء والتشطيب والتأثيث، وأن يتم أيضا ضبط آلية توزيع المنح على المواطنين من قبل الأمانات، بحيث يتم توزيع المنحة على الأسر لا على الأفراد.
أمام ذلك وصف بسام بن جميل أخضر عضو المجلس البلدي في جدة، القرار بأنه سيساعد كثيراً على وضع الحلول لأزمة الإسكان التي تعانيها السعودية، خاصة بعد الارتفاع الهائل في أسعار مواد البناء في الوقت الذي شحت فيه الأراضي وارتفعت تكاليف شرائها، كما أن متوسط أسعار الشقق بلغ في جدة نحو 600 ألف ريال، وهو الأمر الذي يوصف بالمعضلة والعقبة خاصة لمن يقل دخلهم الشهري عن 15 ألف ريال.
وأكد أخضر أن حجم الطلب على المنح بات ومنذ فترة طويلة والتي قد توصف بالأزمة الوراثية يفوق حجم المتوافر من مخططات المنح، وأن في أمانة جدة أكثر من 200 ألف مواطن أصبحوا يقبعون في قوائم الانتظار منذ عام 1418، حيث كان العدد حينها قد بلغ 140 ألفا وبدأ في الازدياد خلال السنوات العشر الأخيرة ليصل إلى 200 ألف مواطن، مستدركاً إن المجالس شكلت بعد أن أصبحت المدن تخلو تقريباً من الأراضي التي من الممكن تخطيطها كمنح، حيث تعدى المواطنين على تلك الأراضي من خلال إحيائها وبيعها ومنهم من حصل على منح على مساحات كبيرة وشاسعة منها، كما أن الآليات المعمول بها في أمانات المدن فيما يخص المنح في ظل شح الأراضي المتوافرة يجب أن تتغير وأن تواكب المشكلة بشكل تستطيع من خلاله أن تعمل على إيجاد الحلول أياً كان نوعها، داعياً الأمانات إلى الاستفادة من خبراء التخطيط والإسكان والأكاديميين في الجامعات، مستشهداً بتجربة أمانة جدة التي قامت بالاستعانة بأحد الأكاديميين من جامعة الملك عبد العزيز وجعلته مديراً لقسم المنح.
وطالب اخضر جميع الجهات المعنية بتوفير المساكن للمواطنين أن تتكاتف وأن تعمل في صالح المواطن الذي لن يستطيع تملك أي نوع من أنواع الوحدات السكنية ما لم يجد الدعم اللازم، إذ إن المجالس البلدية وإن حاولت إيجاد الحلول لمشكلة تملك المواطنين السكن إلا أنها جهات ليست لها صلاحية التنفيذ ولكنها صاحبة قرار فقط، كما أن المجالس تعيش في أحلام وردية وتصدر قراراتها من خلال تلك الأحلام التي فيها يتحقق الأمان السكني للمواطن، ولكنها بمجرد نزولها للميدان وبمتابعة ترجمتها في الواقع يتضح أصطدامها بالعراقيل، مفصحاً أنه كعضو في مجلس جدة سيتدخل ويطالب بضرورة الموازنة بين المشاريع التنموية ومشاريع الإسكان خاصة في ظل تخصيص عدد من الأراضي الكبيرة لمشاريع تنموية لا تهتم بتوفير السكن للمواطن بشكل رئيسي.
من جهته، أكد الدكتور فرحات الطاشكندي عضو المجلس البلدي في العاصمة الرياض الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود أن على الجهات المعنية بتوفير الإسكان أن تهتم بتوفير المساكن في المدن الرئيسية أكثر من غيرها من المدن الصغيرة أو المناطق الريفية، ذلك من أجل أن يتم تلافي التبعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تحدث جراء عدم وجود المسكن، موضحاً أن قرار وزير الشؤون البلدية والقروية يعد قراراً إيجابيا ومساهما في حل أزمة توفير الأراضي للمنح.
وشدد الطاشكندي على أهمية إنشاء بنك للأراضي عليه أن يتولى القيام بشراء الأراضي ومن ثم يقوم بتخصيصها للمحتاجين من ذوي الدخل المنخفض، شريطة أن تكون تلك الأراضي موزعة في شتى أنحاء المدينة وأن يتم دمج السكان من ذوي الدخل المحدود مع مختلف الطبقات الاجتماعية حفاظاً على تركيبة السكان.
وأبان الطاشكندي أن من خلال ملامسة الواقع فيما يختص بآلية توزيع المنح يتضح أنها غير مجدية وأن المنح تذهب لغير مستحقيها، إذ إن الكثير ممن تمكنوا من الحصول على منحة الأرض قاموا ببيعها فور تسلمها مبررين ذلك ببعدها عن النطاق العمراني أو عدم توافر الخدمات، إضافة إلى أن أولئك الذين حصلوا على المنح قد يكونون ليسوا من أهل المدينة نفسها التي حصلوا فيها على المنحة، وإنما هم ممن دعتهم الهجرة للانتقال إليها للبحث عن وظيفة ومن ثم العمل والعودة بعد انتهاء فترة إقامتهم لمسقط رأسهم، كاشفاً عن أن هناك توجها لدى المجلس البلدي في الرياض و لدى الأمانة يقضي بتحويل المنح إلى وحدات سكنية، بحيث يستفيد منها صاحب المنفعة خاصة إذا كان من ذوي الدخل المحدود، كما أن تحويل المنحة إلى مسكن هو أمر سيحافظ على المنحة من الضياع وسيسهم في بقائها.
وكشف الطاشكندي عن أن الأزمة الإسكانية في السعودية تعتبر ناتجا عرضيا من نواتج ارتفاع معدلات الفقر بين السكان، وأن الحل في ذلك هو إيجاد واستحداث الوظائف للمواطنين والبدء في الأصل بتعليمهم وتأهيلهم واستحداث المهن المناسبة لهم، مفصحاً إن ارتفاع معدلات التمدن والتطور العمراني هي من أسباب ارتفاع ظاهرة احتلال أراضي الغير، وأن المواطنين القادمين من خارج المدن أصبحت تكتظ تلك الأراضي المحتلة بوضع اليد بمساكنهم نظير عدم قدرتهم على شراء الأراضي النظامية لعدم توافر السيولة لديهم، لافتاً إلى أن الأمم المتحدة أطلقت مسمى احتلال الأرض بوضع اليد على من أسهم في تكوين ظاهرة احتلال الأراضي والتي تعد منتشرة في جميع دول العالم دون استثناء وتختلف من دولة إلى أخرى بحسب الحجم، مستشهداً ببعض دول أمريكا الجنوبية في وضع الحلول لظاهرة التعدي من خلال قيام الدولة بتخطيط الأراضي حتى يحتلوا مناطق معينة لا تكون ذات أهمية لدى الدولة نفسها.
من جهته، أوضح عدنان شفي عضو المجلس البلدي في العاصمة المقدسة أن القرار يستدعي أن تقوم المجالس البلدية بشكل فوري وعاجل في تشكيل فرق العمل اللازمة من أجل البدء في حصر الأراضي الممنوحة للوزارات الحكومية غير المستغلة منها في مشاريعها، ومن ثم الوقوف عليها على أرض الواقع وتسليمها بعد ذلك إلى أمانات المدن من أجل توزيعها كمنح على المواطنين، مطالباً الأمانات أن تغير من آليتها المتبعة في توزيع المنح وأن تقوم بتوزيع منحة واحدة على كل أسرة عوضاً عن منح كل فرد في الأسرة منحة، حتى لو كان ذلك بشكل مؤقت حتى يتم التخفيف من حدة أزمة الإسكان التي تعيشها السعودية في الوقت الراهن، مؤكداً أن مجلس مكة البلدي سيناقش في جلسته القادمة إمكانية إقرار أن تقوم الأمانة بتقديم منحة لكل أسرة مكية وأن تستعيض بهذه الآلية عن آليتها المتبعة من السابق، أو إمكانية إعطاء الأولوية للأسر وبعد ذلك الأرامل ومن ثم الأفراد، خاصة في الوقت الذي شهد فيه المجلس كثرة المطالبات من قبل الأرامل للحصول على منحة في ظل ارتفاع حجم معاناتهم المعيشية نظير ما يشاهد في الوقت الراهن من تضخم في تكاليف المعيشة.
وشدد شفي على ضرورة أن تعمل الأمانات على منع بيع المنحة، إذ يلاحظ أن الكثير ممن حصلوا على منحة الأرض قاموا ببيعها بأسعار زهيدة، قد يكون دافعهم لذلك حاجتهم إلى المادة بشكل عاجل وقد يصل الأمر إلى بعض الأحيان إلى مقايضة الأرض بإيجار الشقة السنوي الذي بلغ في متوسطه في مدينة مكة نحو 25 ألف ريال سنويا، مستدركاً أن المواقع الحكومية التي خصها القرار تعد موزعة على مدينة مكة وفي أماكن متفرقة، وهو أمر إيجابي، كما أن في حال وجود تلك الأراضي في مواقع مرتفعة أسعار المتر فيها يجب أن يضع لها تصورا آخر يتماشى مع موقعها الجغرافي ومدى الاستفادة منه في مشاريع أخرى غير المنح.
وأبان شفي أن مكة بها أكثر من 1500 فيلة سكنية لم يكتمل إنشاؤها وهي تمثل الجزء الثاني من مشروع الإسكان الواقع بالطريق الدائري على مدخل الخط السريع للقادمين من جهة جدة، وأنها مازالت معطلة وغير مستفادة منها منذ سنوات وتحديداً منذ الانتهاء من الجزء الأول من المشروع، مطالباً بضرورة التدخل والاستفادة منها بأي شكلاً كان يمكن المواطنين من الاستفادة منها، كما أن تعليق النظر إليها يسهم في عرقلة 1500 عائلة مكية من تأمين المسكن، كاشفاً عن أن قائمة الانتظار في إدارة المنح بأمانة العاصمة المقدسة بلغ عدد من يقبع فيها نحو 12 ألف مواطن، كما أن باب الطلبات على المنح مغلق منذ أكثر من أربع سنوات مضت.
|