عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2008   رقم المشاركة : ( 10 )
فاعل خير
أبو عبدالله

الصورة الرمزية فاعل خير

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 566
تـاريخ التسجيـل : 26-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 13,279
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 339
قوة التـرشيــــح : فاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادة


فاعل خير غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاحد7/9/ 1429 ه الموافق7/9/ 2008

الرهن العقاري.. من معتوق أبو الحمايل إلى مصرف الإنماء!
د. أمين ساعاتي - كاتب أقتصادي 07/09/1429هـ

لمّحت تسـريبات حكومية الأسبوع الماضي بأن هيئة الخبراء في مجلس الوزراء الموقر انتهت من مراجعة أربعة أنظمة تتعلق بتنظيم العقار في السعودية, وهذه الأنظمة سبق أن تابعناها في مجلس الشورى حتى وضعت رحالها عند هيئة الخبراء في مجلس الوزراء, وطبعا يأتي نظام الرهن العقاري في مقدمة هذه الأنظمة الأربعة.
دعونا نقول إن الهدف من هذه الأنظمة هو العودة مرة أخرى إلى تهيئة المناخ المناسب أمام المواطن السعودي لكي يبني ويتملك سـكنه, وبناء على ذلك فهذه المقالة ترفع شعار "بيت لكل مواطن"، ونقول بمزيد من التفاؤل إن مجلس الوزراء سيناقش هذه الأنظمة في الأيام القليلة المقبلة ويصدر قرارا بالموافقة عليها, ومن ثم سترفع الأنظمة إلى المقام السامي الذي يتفضل مشكورا بالمطالعة والتوجيه بإعداد مراسيم ملكية لتنفيذ وتطبيق الأنظمة وفقا لنصين واضحين في نظامي مجلس الوزراء ومجلس الشورى.
طبعا نتوقع أن يكون لهذه الأنظمة ــ فور صدورها ــ تأثير كبير في الأسعار في سـوق العقار ومواد البناء بصورة خاصة, وعلى مجمل الاقتصاد الوطني بصورة عامة, وسنشـرح في السطور القليلة المقبلة الأصداء المتبادلة والنتائج المترتبة على صدور الأنظمة العقارية في مجمل النشاط الاقتصادي.
ورغم أن نظام الرهن العقاري يصدر لأول مرة في المملكة إلا أن ممارسة هذا النشاط بدأت في سوق العقارات السعودية منذ زمن طويل, بحيث إننا نستطيع القول إن تاريخ الرهن العقاري يبدأ منذ أوائل الخمسينيات الهجرية (بداية الثلاثينيات الميلادية), وكانت شخصيات مليئة تقوم بعمليات المتاجرة بالعقار, وأذكر ــ على سبيل المثال ــ أن الشيخ معتوق أبو الحمايل والشيخ محمد نوار ـ رحمهما الله ـ كانا يقومان في مدينة جدة بهذه الخدمة الجليلة نظير عمولة يتقاضيانها من المشترين للعقار, ولا يقتصر دورهما على عرض العقار على الطبقة البرجوازية في المجتمع السعودي, بل كانا يقومان بعمليات تمويل الصفقات بضمان الاحتفاظ بالحجة (الصك) في حوزتهما حتى يتم السداد التام لقيمة العقار, وكانت كل الإجراءات تتم بصورة رسمية وتوثق هذه الصفقات لدى المحاكم الشرعية, ولذلك حينما اتفق معتوق أبو الحمايل على تمويل صفقة دكاكين باب مكة الشهيرة لصالح شاكر باحجري بشرط عدم التسجيل الرسمي في المحكمة فإن العملية لم تتم, وكان هذا سببا كافيا لعدم إتمام الصفقة, بل كان سببا كافيا في الانتقال إلى مرحلة جديدة من تاريخ الرهن العقاري. حيث بدأت البنوك الناشئة يومذاك القيام بعمليات تمويل الصفقات العقارية مقابل إحلال اسم البنك محل صاحب العقار في صك الملكية, وبعد أن اتسـعت عمليات بيع وشراء العقار ونشأت في المملكة سوق عقارية واضحة المعالم, تأسست شركات تمويل الصفقات العقارية جنبا إلى جنب مع البنوك, وظل الوضع على هذا النحو حتى صدر مرسوم ملكي مع بداية الستينيات الميلادية بتأسيس صندوق التنمية العقاري, وكان هدف الحكومة من تأسيس الصندوق هو وضع ثلة من التسهيلات أمام المواطن كي يبني ويتملك بيته.
ولكن يبدو أن تلك الفرصة لم تعد بفائدة واسعة, بل شابها بعض القصور لضعف رأسمال الصندوق أمام الزيادة الكبيرة في الطلب على القروض, وبالتالي ظل المواطن السعودي بعيدا عن الهدف النموذجي الذي توخته الحكومة من إنشاء صندوق التنمية العقاري.
والآن تتجه الحكومة بجبهة عريضة لتحقيق هدفها الأسمى.. ألا وهو تمكين المواطن السعودي من بناء وتملك سكنه, وسيصدر المقام السامي ــ كما أومأنا ــ خلال الأيام القليلة المقبلة أربعة مراسيم ملكية بتطبيق أربعة أنظمة عقارية لتمكين أكبر عدد من المواطنين من تحقيق هذا الهدف.
واضح أن كل هذه الخطوات التي اتخذتها الحكومة هي إنشـاء سوق عقارية تموج بالتسهيلات التي تعطي لكل مواطن فرصة بناء سكن العائلة.
وإذا كانت الحكومة قد قامت بمسؤولية بناء الهياكل وصممت الأنظمة العقارية, فإن المطلوب من هيئة الإسكان أن تصمم مشروعا معلنا هدفه رفع نسبة مالكي العقار في المملكة من 41 في المائة إلى 69 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة.
وهذه النسبة لا نطلقها جزافا بل هي نسبة تتناسب مع معدلات الدخل الفردي السنوي للإنسان السعودي وتتناسب مع معدلات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2007.
وعلى كل قوى السـوق دور كبير في تحقيق هذا الهدف, فنحن نطالب بشدة وزارة التجارة والصناعة بأن تسعى ما وسعها الجهد لضبط الأسعار ومنع بعض التجار من أصحاب النفوس الضعيفة من اسـتغلال فرص زيادة الطلب على مواد البناء وزيادة الطلب على شراء الأراضي والعقار, كما نطلب من كل مواطن في أي موقع داخل السلطة أو خارجها أن يؤكد مواطنته ورجولته وأن يمارس في جهوده الرامية إلى تحقيق هذا الهدف كل أنواع الشفافية والنزاهة.
دعونا نعترف بأن الأمور لن تكون سهلة إزاء تنفيذ مشروع كهذا المشروع, ولا سيما أن العقار هو المورد المهم التالي بعد البترول في الاقتصاد الوطني, ولذلك نتوقع أن يترتب على تنفيذ هذا المشروع وغيره من المشاريع العقارية تأثير واضح في معدلات أداء الاقتصاد الوطني السعودي بحيث لا تقل كثيرا عن تأثير زيادة أسعار البترول في معدلات النشاط الاقتصادي.
حتى تبدو الصورة أكثر وضوحا فإن العودة إلى النتائج السلبية التي حدثت بعد انفجار أسعار الأراضي والعقار في مطلع الثمانينيات.. توضح ما سيكون عليه المجتمع السعودي بعد عشر سنوات من اليوم.
أكثر من هذا نستطيع القول ــ بإيجاز شديد ــ إن ثورة العقار التي حدثت مع مطلع الثمانينيات أعادت تشكيل الهرم السكاني في مجتمع السعودية وأخذت شريحة كبيرة من الطبقة العليا وهوت بها إلى الطبقة الوسطى, ثم أخذت شريحة صغرى من الطبقة الوسطى وصعدت بها إلى الطبقة العليا, وهذا التخلخل في الطبقتين العليا والوسطى أدى إلى خلخلة التوازن بين الطبقات في مجتمع المملكة, أما الأسخم من ذلك فإن انفجار الأسعار في سوق العقارات في الثمانينيات أدى إلى تســكين الأغلبية العظمى من المجتمع السعودي في المنطقة السفلى من الطبقة الوسطى.
وهؤلاء هم الذين نريد لهم أن ينهضوا وينتشروا في منتصف الطبقة الوسطى بدلا من البقاء في المناطق الأدنى.
ولكن ما فقدناه بالفعل ونحن نتحدث عن إعادة تشكيل الهرم السكاني لمجتمع المملكة هو أن جزءا كبيرا من الطبقة الدنيا انهارت وانزوت بعيدا عن الأنظار, وهذه الطبقة هي التي ذهب إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في جولته الميدانية التي قام بها لبعض الأحياء في العاصمة الرياض في رمضان 2003, وهناك وجد البشر يسكنون المغارات ويتوارون بعيدا عن الأنظار, وكان المفروض أن يأتي من هذه الطبقة السائق, النجار, الكهربائي, السباك, المزارع, البناء, الدهان, السمكري, الخراط, المراسل, والبياع.. إلخ, ولكن المؤسف أن الخجل الاجتماعي سرق هؤلاء الناس بعيدا عن الأنظار, فكانت النتيجة المؤسفة أن المجتمع السعودي لم يحل مشكلته, بل اتجه إلى العالم الخارجي ينشد الحل باسـتقدام الملايين من القوى العاملة القادمة من بنجلادش, الهند, باكستان, سريلانكا, والفلبين.. حتى فيتنام الشمالية والصين اللتان بدأت الأنظار تتجه إليهما في هذه الأيام (وكأن العملية ناقصة!), هذه هي الآثار السلبية للانفجار العقاري الذي حدث في الثمانينيات.
إذن ونحن نسـتعد لمرحلة جديدة من مراحل الاستثمار العقاري الكبير, فإننا يجب أن نبذل الجهد كيلا يكون من نتائج المشاريع أن نعيد تشكيل المجتمع السعودي من خلال الحراك في ثروتنا العقارية التي ستتمخض عنها تغيرات اجتماعية واقتصادية وسياسية واســعة, ولذلك نؤكد أن هناك محاذير كثيرة ونحن في اتجاه تحريك الثروة العقارية حتى لا نتورط فيما سبق أن تورطنا فيه بسبب تحريك الثروة العقارية في اتجاهات غير متوازنة, وأهم ما يجب أن نتجه إليه هو تطبيق الأنظمة العقارية الأربعة بكل شفافية ونزاهة.. بعيدا عن المزايدات والمجاملات وتعلية فلان وتهبيط علان.
أرجو أن يكون المواطن في هذه المرحلة واعيا جدا ومتمسكا جدا بأربعة أنظمة تضع له مسارات تنمية ثروته العقارية بكل عدالة وتوازن وإنصاف, وأن يكون الشعار أولا وأخيرا هو "بيت تمليك لكل مواطن".
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس