الموضوع: قصص أعجبتني
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2008   رقم المشاركة : ( 4 )
* أسير الصمت *
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية * أسير الصمت *

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2586
تـاريخ التسجيـل : 18-06-2008
الـــــدولـــــــــــة : في قلب من يحبني !!!
المشاركـــــــات : 3,469
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 2454
قوة التـرشيــــح : * أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة* أسير الصمت * تميز فوق العادة


* أسير الصمت * غير متواجد حالياً

Thumbs up قصص أعجبتني

القصـــة الرابعة..
الرحيـــــل ..
بدت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم.. لكنها كعادتها تقـــــرأ القرآن الكريم .. تبحث عنها تجدها في مصلاها راكعة ساجـــدرافعة يديها إلى السماء .. هكذا في الصباح وفي المساء وفـي جوف الليل لا تفتر ولاتمل .. كنت أحرص على قراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي .. أشاهدالفيديو بكثرة لدرجة أني عُرفت به.. ومـن أكثر من شيء عُرف به.. لا أؤدي واجباتيكاملة , ولســـــت منضبطة في صلواتي ..
بعد أن أغلقت جهاز الفيديو وقد شاهدتأفلاماً منوعـــــــة لمدة ثلاث ساعات
متواصلة.. ها هو ذا الأذان يرتفعمـــــــن المسجد المجاور .. عدت إلى
فراشي .
تناديني من مصلاها .. قلت نعمماذا تريدين يا نورة ؟
قالت لي بنبرة حادة : لا تنامي قبل أن تصلي الفجر ..
أوه.. بقي ساعة على صلاة الفجر وما سمعته كان الأذن الأول بنبرتها الحنونة ــهكذا هي حتى قبل أن يصيبها المـــــــــرض الخبيث وتسقط طريحة الفراش ــ نادتني : تعالي يا هناء إلــى جانبي .. لا أستطيع إطلاقاً ردّ طلبها ..تشعر بصفائها وصدقهانعم ماذا تريدين ؟ أجلسي .. ها قد جلست ماذا تريدين ؟ بصوت عذب {كل نفس ذائقة الموتوإنما توفون أجوركــــم يوم القيامة }.
سكتت برهة .. ثم سألتني: ألم تؤمنيبالموت ؟.. بلى مؤمنة ألم تؤمني بأنك
ستحاسبين على كل صغيرة وكبيرة ؟
بلى .. لكن الله غفور رحيم .. والعمر طويل ..
يا أختي ألا تخافين من الموت وبغتته؟
انظري هنداً أصغر منكِ وتوفيت في حادث سيارة .. وفلانـــــة وفلانة .. الموتلا يعرف العمر وليس مقياساً له ..
أجبتها بصوت خائف حيث مصلاها المظلم ..
إنني أخاف من الظلام وأخفتيني من الموت .. كيف أنام الآن؟
كنت أظن أنكِوافقتي على السفر معنا هذه الإجازة .
فجأة .. تحشرج صوتها وأهتز قلبي ..
لعليهذه السنة أسافر سفراً بعيداً.إلى مكان آخر..ربما يا هناء الأعمار بيد الله .. وانفجرتُ بالبكاء..
تفكرت في مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي ســــراً أنالمرض ربما لن يمهلها طويلاً .. ولكن من أخبرها بذلك .. أم أنها تتوقع هذا الشيء ؟ما لك بما تفكرين ؟ جاءني صوتها القوي هذه المرة ..
هل تعتقدين أني أقول هذالأني مريضة ؟ كلا .. ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء .. وأنت إلى متى ستعيشين ؟ربـــما عشرين سنة .. ربما أربعين ..
ثم ماذا ؟
لمعت يدها في الظلام وهزتهابقوة..لا فرق بيننا, كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا إما إلى الجنة أو إلى النار ..
..
تصبحين على خير هرولتُ مسرعة وصوتها يطرق أذنــــــــي هداك الله .. لاتنسي الصلاة
وفي الثامنة صباحاً أسمع طرقاً على الباب .. هذا ليس موعد استيقاظي ..
بكاء .. وأصوات .. ماذا جرى ؟
لقد تردت حالة نورة وذهب بها أبي إلىالمستشفى ..
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
لا سفر هذه السنة , مكتوب عليّالبقاء هذه السنة في بيتنا ..
بعد انتظار طويل .. بعد الواحدة ظهراً هاتفنا أبيمن المستشفى ..
تستطيعون زيارتها الآن .. هيا بسرعة..
أخبرتني أمي أن حديثأبي غير مطمئن وأن صوته متغير ..
ركبنا في السيارة .. أمي بجواري تدعو لها ..إنها بنت صالحة ومطيعة .. لم أرها تضيّع وقتاً أبداً ..
دخلنا من البابالخارجي للمستشفى وصعدنا درجات السلـــــم بسرعة . قالت الممرضة : إنها في غرفةالعناية المركــــــــزة وسآخذكم إليها , إنها بنت طيّبة وطمأنت أمي إنها في تحســنبعد الغيبوبة التي حصلت لها .. ممنــــــوع الدخول لأكثر من شخص واحد . هذه غرفةالعناية المركزة . وسط زحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرىعيني أختي نورة تنظر إليّ وأمي واقفة بجوارها , بعـــد دقيقتين خرجت أمي التي لمتستطع إخفاء دمعتها .
سمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط أن لا أتحدّث معهاكثيراً . كيف حالك يا نورة ؟ لقد كنتِ بخير البارحة.. ماذا جرى لك ؟ أجابتني بعد أنضغطت على يدي : وأن الآن والحمد لله بخير كنتُ جالسة على حافة السرير ولامست ساقهافأبعدته عنـــي قلت آسفة إذا ضايقتكِ .. قالت :
كلا ولكني تفكرت في قولالله
تعالى : { والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذ المساق }
عليك يا هناءبالدعاء لي فربما أستقبل عن ما قريب أول أيام الآخرة ..
سفري بعيد وزادي قليل .
سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت وبكيت ..
لم أنتبه أين أنا .. استمرت عيناي في البكاء .. أصبح أبي خائفاً عليّ أكثر من نورة .. لم يتعودوا هذاالبكاء والانطواء في غرفتي ..
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين .. ساد صمت طويل فيبيتنا .. دخلت عليّه
ابنة خالتي .. ابنة عمتي
أحداث سريعة.. كثر القادمون .. اختلطت الأصوات .. شيء واحد عرفته
.........
نــــــــــــورة مـــــــــاتت .
لم أعد أميز من جاء .. ولا أعرف ماذا قالوا ..
يا الله .. أين أنا ؟ وماذايجري ؟ عجزت حتى عن البكاء ..
تذكرت من قاسمتني رحم أمي , فنحن توأمان .. تذكرتمن شاركتني همومي ..
تذكرت من نفّـست عني كربتي .. مـــن
دعت لي بالهداية .. من ذرفت دموعها ليالي طويلة وهي تحدّثني عن الموت
والحساب ..
الله المستعان .. هذه أول ليلة لها في قبرها .. اللهم ارحمهـا ونور لها
قبرها .. هذا هو مصلاها .. وهذا هو مصحفها
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس