رد: المسلك الصحيح للتعامل مع المعلم
المبحث الأول : المسلك الصحيح مع المعلمة داخل الحلقة أو الدرس
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: احترام المعلمة وتوقيرها ومحبتها.
المطلب الثاني: أدب الجلوس مع المعلمة.
المطلب الثالث: أدب الإنصات إلى المعلمة.
المطلب الرابع: أدب الحديث مع المعلمة.
المطلب الأول: احترام المعلمة وتوقيرها ومحبتها
إن مما ينبغي على طالبة العلم النبيهة إكرام معلمتها و احترامها وتقديرها، فتوقير المعلمة واحترامها من السنة، قال صلى الله عليه وسلم : ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف، وينه عن المنهي، ويعرف لعالمنا حقه)) [11].
وقال طاووس بن كيسان رحمه الله: ((من السنة أن يوقر أربعة: العالم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد) [12].
ومما يدل على احترام الطالبة معلمتها، محبتها وطاعتها، قال تعالى:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)) ( النساء : 59)
وأولو الأمر هم الفقهاء و العلماء كما قال الضحاك رحمه الله تعالى [13]، فتكون طاعة المعلمة في حدود طاعة الله وما أمر به سبحانه.
ومنه التواضع للمعلمة وحسن الخلق معها، يقول الغزالي: ((لا يدرك العلم إلا بالتواضع فعلى طالب العلم أن يكون متواضعاً)) [14]. وروي عن الشافعي أنه عوتب على تواضعه للعلماء فقال [15]:
أهين لهم نفسي يكرمونها ولن تكرم النفس التي لا تهينها
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لخلف بن الأحمر: ((لا أقعد إلا بين يديك أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه))7.
وعن أبي داوود، سمع شعبة يقول: ((أنا عبد لمن عنده حديثان))8.
وما سبق إنما يدل على اهتمام سلفنا الصالح باحترام معلميهم وتوقيرهم والتواضع لهم والاعتراف بفضلهم، وتعاملهم الصحيح معهم.
ومنه تعظيم المعلمة، فعن معمر الزهري قال: كنت آتي عروة فأجلس ببابه ملياً، ولو شئت أن أدخل، دخلت، فأرجع وما أدخل إعظاماً له [16].
ومنه أن تضع الطالبة للمعلمة في نفسها هيبة، وهذا مما يدل على احترامها لها ومحبتها و توقيرها. فقد كان من تمام احترام السلف لعلمائهم أنهم كانوا يهابونهم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن حديث ما منعني منه إلا هيبته)) [17].
وقال الربيع: ((والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليّ هيبة له)) [18].
ومنه أيضاً النظر للمعلمة بعين الإجلال وهذا يؤدي بطالبة العلم إلى الانتفاع العظيم من معلمتها.
ومنه أيضاً إلقاء السلام على المعلمة.
ومنه الرفق والتودد للمعلمة، وطلب رضاها.
ومنه عدم اغترار الطالبة بنفسها وتوهمها أنها أعلم من معلمتها أو مثلها. فإن هذا تسويل من النفس وخدعة من الشيطان. قال الفراء: قال لي رجل: ما اختلافك إلى الكسائي وأنت مثله في النحو؟! فأعجبتني نفسي، فأتيته فناظرته مناظرة الأكفاء، فكأني طائر يغرف بمنقاره من البحر.ولصالح عبدالقدوس [19]:
[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]وإن عناءً أن تـُفــهّم جاهـــــــــلاً = فيحسب جهلاً أنه منك الفهم
متى يبــــــــلغ البنيان يوماً تمامه = إذا كنت تبــنيه وغيرك يهدم
متى ينـتهي عن سيء من أتى به = إذا لم يكـــــن منه عليه تنـَدّم [/POEM]
ومنه الصبر على غضب المعلمة، وقد قيل لسفيان بن عيينة: إن قوماً يأتونك من أقطار الأرض تغضب عليهم، يوشك أن يذهبوا أو يتركوك، فقال للقائل: ((هم حمقى إذا هم تركوا ما ينفعهم لسوء خلقي)) [20].
ورحم الله القائل [21]:
[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]اصبر على مر الجفا من معلى = فإن رســـوخ العلم في نفراته
ومن لم يذق ذل التــــعلم ساعة =تجرع ذل الجهل طول حياته
حياة الفـــرد والله بالعلم والتقى =إذا لم يكــــونا لا اعتبارَ لذاته
ومن فاته التــــعليم وقت شبابه =فكبر عليه أربعاً لوفـــــــــاته[/POEM]
وإن مما يؤسف له ما يرى من حال الطالبات اليوم في التعامل مع معلماتهن، فغالب الطالبات إلا من رحم الله لا يتحقق فيها شيء مما ذكر سابقاً إلا قليلاً. ولا يرى هذا ولا يعلمه إلا من يعايش الطالبات ويطلع على أحوالهن. فقد تمر المعلمة بمجموعة من طالباتها قد جلس في مكان ما في وقت الراحة وتكون ممن أفنت عمرها في التعليم فلا ترى طالبة منهن وضعت ما بيدها من طعام أو شراب جانباً ولا من كانت تضحك أوقفت ضحكتها احتراماً وهيبة من معلمتها. والله المستعان.
( يتبع )
|