رد: المسلك الصحيح للتعامل مع المعلم
المبحث الثاني : المسلك الصحيح للتعامل مع المعلمة خارج الحلقة أو الدرس
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: رعاية حرمة المعلمة.
المطلب الثاني: حسن معاشرة المعلمة.
المطلب الثالث: كيفية التعامل مع خطأ المعلمة.
كما أن هناك طرق صحيحة للتعامل مع المعلمة داخل الحلقة، فإن هناك طرق صحيحة للتعامل معها خارج الحلقة، ينبغي للطالبة أن تمتثلها وتعمل بها، فتكون بذلك قد ردت لمعلمتها شيئاً يسيراً من حقوقها.
وهذه المسالك أو الطرق هي:
المطلب الأول: رعاية حرمة المعلمة [36].
على الطالبة رعاية حرمة معلمتها لأن ذلك عنوان النجاح والفلاح والتحصيل والتوفيق. ومما يترتب على رعاية حرمة المعلمة ما يلي:
عدم غيبة المعلمة [37]. فلا ينبغي للطالبة أن تغتاب معلمتها، وتقابل حسناتها بالسيئات، فتحرم بذلك الخير الكثير. وإذا كان الله سبحانه قد نهى عن غيبة المسلم لأخيه المسلم وصور المغتاب بآكل لحم من يغتابه ميتاً كما قال تعالى: "ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله توابٌ رحيم" [38]. فإذا كانت هذه الصورة البشعة في غيبة المسلم تجاه أخيه، فكيف بالطالبة تغتاب معلمتها التي علمتها وربتها ووجهتها للخير والصلاح والفلاح.
وتزيد حرمة غيبة المعلمة لأن غيبتها وسيلة للطعن في العلم الذي تلقنه لطالبتها وخاصة إذا كان من العلوم الشرعية، وبالتالي يكون وسيلة للطعن في دين الله، والعياذ بالله. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: ((لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها، معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطها بها، ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود وكلاهما مقصود لكنه مقصود قصد الغايات، وهي مقصودة قصد الوسائل، فإذا حرم الرب تعالى شيئا، وله طرق ووسائل تفضي إليه فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقاً لتحريمه وتثبيتاً له، ومنعاً أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضاً للتحريم وإغراءً للنفوس به، وحكمته تعالى وعلمه يأبى كل ذلك الإباء)) [39].
ومن الواجب على الطالبة أيضاً الاعتراف بفضل معلمتها، والدعاء لها، ونشر محاسنها [40]. لأن المعلمة لها فضل عظيم وحق كبير، يكفي من ذلك أنها تعلمت على يديها كيف تقرأ وتكتب، ووجهتها للخير والهدى، وحرصت على كل ما ينفع طالبتها في دينها ودنياها.
وفضل المعلم على الطالبة أعظم من فضل الأب عليه، كما اعترف بذلك بعض النجباء الأذكياء حيث يقول [41]:
[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]أفضل أستاذي على فضـل والدي = وإن نالني من والدي المجد والشرف
فهذا مربي الروح والروح جوهر = وذاك مربي الجسم والجسم كالصدف[/POEM]
وقال آخر:
[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]إذا أفادك إنســــــــان بفائدة ٍ= من العلوم فلازم شكره أبدا
وقل فلان جزاه الله صالحةً = أفادنيها وألق الكبر والحسدا[/POEM]
المطلب الثاني: حسن معاشرة المعلمة.
ومن ذلك خفض الجناح للمعلمة ولين الجانب واللطف معها [42]. فعلى الطالبة أن تلين جانبها، وتخفض جناحها لمعلمتها، وتتواضع لها خارج الدرس، فإذا رأتها في ممر أو ساحة لم تشح بوجهها عنها، بل وتقبل عليها، وتبتسم لها، وتطلق لوجهها العنان بالتعبير عن حبها لمعلمتها، واحترامها، وتقديرها وشكرها لما تفضلت به عليها من تعليم وتوجيه، وتسرع في السلام عليها والسؤال عن حالها.
ومنه المسارعة في خدمة المعلمة [43]. فإذا رأت الطالبة معلمتها في حاجة لمساعدة سارعت في خدمتها، كأن تراها تحمل ما يثقل عليها سارعت وحملت منها ما يخفف عنها، وإن احتاجت معلمتها المساعدة في أمور أخرى كإعداد أمر من الأمور الخاصة بمجال التعليم كنشاط تريد تقديمه للطالبات أسرعت وبادرت إلى مساعدتها وعونها.
المطلب الثالث: كيفية التعامل مع خطأ المعلمة.
ينبغي على الطالبة أن تستدرك على خطأ معلمتها بكل هدوء ولباقة حتى لا يؤدي خلاف ذلك إلى نتائج غير محمودة فيعظم الخطأ و تغضب المعلمة عليها.
وموقف الطالبة من خطأ معلمتها له وجهان:
الوجه الأول: أن يكون قصد الطالبة تصحيح الخطأ.
وهذا أمر واجب، حتى لو كانت المعلمة من المعلمات القديرات المعروفة بعلمها وفضلها لأن بيان الحق أمر واجب، وبالسكوت يخشى أن يضيع الحق لاحترام من قال بالباطل، لأن احترام الحق أولى بالمراعاة.
الوجه الثاني: أن يكون قصد الطالبة تبيين معايب المعلمة لا تصحيح الخطأ.
وهذا أمر وفعل خاطئ لأنه يؤدي إلى القدح في المعلمة وعدم احترامها. ومن كان قصدها إظهار الحق وفقت لقبول قولها، ومن كان قصدها إظهار العيوب فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته. فعلى الطالبة إن رأت خطأ معلمتها أن تحرص على تصحيح الخطأ بأسلوب لائق ولا يمنعها ذلك من احترامها، وتحاول بقدر استطاعتها أن تدفع اللوم عن معلمتها.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ماذا يجب عليّ تجاه أحد الأساتذة عندما يخطئ وخصوصاً في المواد الدينية، وأنا متأكد من الجواب الصحيح؟
فأجاب رحمه الله بقول:
((هذا سؤال مهم حيث نجد بعض الأساتذة لا يريد لأحد أن يخطئه مهما ارتكب من الخطأ، وهذا ليس بصحيح، فكل إنسان معرض للخطأ، والإنسان إذا أخطأ ونُبِّهَ فهذا من نعمة الله عليه، حتى لا يغتر بخطئه، ولكن ينبغي للطالب أن يكون عنده شيء من اللباقة، فلا يقوم أمام الطلبة يرد على هذا المدرس، فهذا خلاف الأدب، ولكن يكون ذلك بعد انتهاء الدرس، فإن اقتنع المدرس فعليه أن يعيد ذلك أمام الطلبة في الدرس المقبل، وإن لم يقتنع فعلى الطالب أن يقوم أمام الطلبة في الدرس المقبل، ليقول يا أستاذ إنك قلت كذا وكذا، وهذا غير صحيح)) [44].
( يتبع )
|