كيف تبخرت 2000 مليار ريال في سوق الأسهم؟

متعاملون يتابعون حركة الأسهم بإحدى الصالات البنكية بالرياض
الرياض : شجاع الوازعي
أعادت الأوضاع السيئة لسوق الأسهم طرح سؤال يتردد على ألسنة المراقبين، أين ذهب تريليونا ريال (2000 مليار) تبخرا في السوق منذ هزة فبراير 2006؟.
ويقول أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور وديع أحمد كابلي إن ما نسبته 25% من تلك الخسائر ذهب إلى حسابات بعض المضاربين، وإن الخسائر المتبقية هي خسائر ورقية.
وأضاف كابلي لـ"الوطن" أن هبوط سوق الأسهم حاليا هذه المرة بانخفاض أسعار السلع مثل البترول والذهب والحديد وبقية المعادن الرئيسية التي كانت تعتبر ملاذا آمنا وبديلا استثماريا للأسهم.
وقال إن كثيراً من المضاربين يفضلون السيولة على الاستثمار في الأسهم أو العقارات والأصول الأخرى، وذلك على شكل ودائع في البنوك حتى لو بفوائد منخفضة.
بدوره يقول الخبير الاقتصادي فضل البوعينين إن بعض الأموال المتبخرة من السوق ذهبت بالفعل لجيوب المضاربين الذين لم تطلهم تلك الخسائر، والنسبة الكبرى من الخسارة المتبقية دفترية محققة".
تبخرت في سوق الأسهم السعودية أموال طائلة خلال الفترة من 26 فبراير من عام 2006 حتى الآن، تقدر بنحو تريليوني ريال، ويرى خبراء اقتصاديون أن نحو 75% من تلك الخسائر هي خسارة ورقية محققة، فيما يؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور وديع أحمد كابلي أن ما نسبته 25 % من تلك الخسائر والأموال ذهبت إلى حسابات بعض المضاربين، مشيرا إلى أن الخسارة المتبقية هي خسائر نقدية من قيمة حجم السوق الكلي.
وقال كابلي لـ"الوطن" :"ما حدث في عام 2006 من تراجعات شديدة كان نتيجة فقاعة داخلية تأثرت بها تعاملات السوق عقب ارتفاعات كبيرة لمؤشر السوق وأسعار أسهم الشركات المتداولة"، مشيرا إلى أن تلك الفترة اتسمت بارتفاع أعداد المتداولين وانخفاض كميات أسهم الشركات المتداولة.
وذكر كابلي أن السمة الأبرز لتعاملات السوق في مطلع عام 2006 هي ارتفاع حجم المضاربات اليومية مع دخول سيولة نقدية عالية آنذاك، مشيرا إلى أن الذين استطاعوا بيع أسهمهم قبل هزة فبراير هم من استفادوا من تلك الطفرة. وأوضح كابلي أن خروج السيولة النقدية بشكل متتابع مع انخفاض أعداد المتداولين قاد لهزات متتالية عانت منها السوق، مقدراً بذلك حجم المتداولين المتضررين من هذه الهزات بما نسبته 90%.
وأوضح كابلي أن الانخفاض الحالي لتعاملات السوق نتيجة طبيعية لمؤثرات خارجية تتركز في إعلان بنك "ليمان براذرز" الأمريكي إفلاسه، مضيفا أن "إشهار إفلاس رابع أكبر مصرف استثماري في أمريكا يدل على الأزمة الاقتصادية الكبرى التي يعاني منها العالم".
وذكر كابلي أن المكررات الربحية لمؤشر السوق العام وأسهم بعض الشركات المدرجة خلال الفترة الحالية تعد مغرية بشكل كبير.
وأضاف كابلي: "الهبوط الكبير في أسواق المال العالمية يشجع كثيرا من المتعاملين على اقتناص الفرص بحثا عن تحقيق الأرباح"، وقال إن الذين يضخون أموالهم في الأسواق هذه الفترة يعتبرون مستثمرين ذا طبع مغامر جدا. وأوضح أن طبيعة المستثمرين تنقسم إلى: مستثمر مغامر، وآخر متحفظ، مشيرا إلى أن نسبة الخطورة لدى المستثمر المتحفظ تعد متدنية عكس المغامر الذي قد يحقق أرباحا عالية وقد يخسر نسبا عالية أيضا من رأسماله.
من جهة أخرى قال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين لـ"الوطن": "تبخرت الأموال النقدية في السوق السعودية على مدى أكثر من عامين وذهبت إلى جيوب بعض المضاربين الذين لم تطالهم تلك الخسائر والنسبة الأكبر هي خسارة دفترية محققة".
وذكر البوعينين أن من يحتفظ بأسهمه منذ عام 2006 تعتبر حاليا ً خسارته المحققة كبيرة جداً ولا يمكن استيعابها، وقال: "إن كانت بعض الشركات فقدت خلال شهرين ما نسبته 50% من قيمتها، إذا كيف حال من يحتفظ بها منذ عامين".
وأوضح أن الخسارة الدفترية تعد محققة لملاك أسهم الشركات حال بيعهم بأسعارها الحالية عند مناطق سعرية متدنية مقارنة بسعر الشراء، مشيرا إلى أن تعاملات السوق شهدت أمس عمليات شراء احترافية عند وصول أسهم الشركات أسعارا متدنية.
وأكد البوعينين أن الصناديق الحكومية والبنكية فقدت خلال عامين أرباحا هائلة كانت قد حققتها في وقت سابق، إلا أن تلك الأرباح تآكلت بشكل كبير مما أوصل تقييماتها الحالية لمستويات متدنية.
من جهة أخرى ذكر المحلل المالي والفني فهد السالم لـ"الوطن" أن المضاربين المحترفين عادة ما يحققون المكاسب اليومية، عكس بقية المتداولين الذين عانت محافظهم الاستثمارية من خسائر فادحة خلال هذه الفترة. وأعرب السالم عن أمله في استقرار أسواق المال العالمية مما سيقود لامتصاص الأزمة الاقتصادية الكبرى.
يذكر أن خسائر سوق الأسهم السعودية من 26 فبراير وحتى إغلاق تعاملات أول من أمس تريليونا ريال، وهي خسائر حادة قادت الشركات المتداولة لكسر قيم اكتتابها وأسعارها الدفترية بشكل سريع ومتتابع.