عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2008   رقم المشاركة : ( 17 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الثلاثاء 23 رمضان 1429 هـ الموافق23/9/ 2008

العواقب الجغرافية السياسية المترتبة على الأزمة المالية
الاقتصادية السعودية الثلاثاء 23 سبتمبر 2008 7:40 ص




هارولد جيمس

أصبح المستثمرون وصانعو القرار السياسي مهووسين بمضاهاة الأزمة الحالية بالأزمة العظمى. بيد أن الدرس الذي تعلمه العالم من أزمة عام 1931 كان في جزء منه فقط مالياً أو اقتصادياً. إذ إن حجم الخراب الذي خلفته أزمة عام 1931 كان راجعاً إلى كونها دراما مالية تُـعرَض على مسرح سياسي جغرافي.

نشأ عن المناقشات الدائرة اليوم استنتاجان مدهشان، إلا أن أحدهما فقط كان استيعابه بشكل كامل أمراً ممكناً. الأول أن الأمر بات يتطلب تحركا ضخما من جانب القطاع العام. والثاني أن مثل هذا التحرك معقد لأن الحاجة إلى المساعدة في عالمنا الذي تحكمه العولمة تمتد لتتجاوز الحدود.

لقد جربنا حلول القطاع العام، ولكن هذه الحلول منيت بالفشل في غضون برهة وجيزة من الزمن. وكان العزاء المألوف دوماً في هذا الفشل هو أن الأزمات السيئة حقاً تؤدي إلى التطهير، حيث تخرج الشركات المفلسة من سوق العمل، ويتم شطب القروض السيئة، ويستطيع المقرضون أن يعودوا إلى الإقراض بقدر جديد من الثقة.

ويبدو أن هانك بولسون، الذي أتى إلى وزارة الخزانة الأمريكية من البنك الاستثماري الأكثر قوة في الولايات المتحدة، جولدمان ساكس، خاض مقامرة التطهير بالسماح لمؤسسة ليمان برذرز بالإفلاس. ولقد زعم أن الولايات المتحدة ليس من الممكن أن تتسامح مع ثقافة الإنقاذ. وهذا النوع من الإنكار الصارم من جانب الحكومة لا بد وأن يُـنظَر إليه باعتباره إشارة إلى أن أغلب الاقتصاد الأمريكي سليم جوهرياً، وأن الأسواق المالية الأميركية محنكة بالدرجة التي تسمح لها بالقدرة على تمييز الممارسات التجارية السليمة.

كان وزير خزانة الولايات المتحدة أثناء الأزمة العظمى أيضاً واحداً من جبابرة التمويل، وهو أندرو ميلون. كانت النتيجة المباشرة التي خلص إليها ميلون في مواجهة الهلع الذي اعترى سوق البورصة في عام 1929: "ضرورة تسييل العمالة، وتسييل الأوراق المالية، وتسييل المزارعين، وتسييل العقارات... وتطهير النظام من الفساد".

ولقد بات من الواضح أن المقامرة المشتملة على مجازفة عالية في عام 2008 لم تؤت بثمار أفضل مما أتت به مقامرة عام 1929. بل إن الأمر على العكس من ذلك، فالفشل في عملية إنقاذ واحدة جعل المزيد من عمليات الإنقاذ أمراً ضرورياً: إنقاذ بنك AIG، وبنك HBOS، في بريطانيا. وليس من المرجح أن تكون هذه هي النهاية. فهناك قوائم متداولة تحمل أسماء المؤسسات الآتي دورها على سلم السقوط ـ أو دورها في الإنقاذ. إن أفضل تشبيه لهذا النوع من الحالة المزاجية يتلخص في رواية أجاثا كريستي "ثم لم يعد هناك شيء..." حيث كانت كل جريمة قتل تحض على المزيد من جنون الشك.

في ظل هذا النظام المالي الذي أصابه الخبل، لن يصمد في مواجهة مثل هذه العاصفة سوى المؤسسات التي تمتلك موارد غير محدودة بشكل أو آخر. ونستطيع أن نتصور مثل هذه المؤسسات باعتبارها منظمات قادرة على مساعدة نفسها، مثل مجموعات البنوك المتحدة القوية. ولقد حاولت وزارة الخزانة في الولايات المتحدة حقاً أن تجمع مثل هذه المجموعات المتحدة في يوم الأحد الرابع عشر من أيلول (سبتمبر).

ولكن في هذا المناخ الذي يسوده التشكك وعدم اليقين، فإن مساعدة الذات ليست كافية. فالأمر يتطلب تدخل الحكومات والبنوك المركزية لأنها فقط التي تتمتع بالحجم والسرعة الكافيين. فهي فقط القادرة على المسارعة إلى مساعدة مؤسسات تمويل الإسكان العملاقة مثل فاني ماي وفريدي ماك في الولايات المتحدة، ثم التعامل مع بنك AIG.

والسؤال هنا هو وصف الحكومة القادرة على الاضطلاع بهذه المهمة. فهي ليست بالمهمة التي تستطيع أي حكومة أن تقوم بها. والحكومات الأوروبية متوسطة الحجم ربما كان بوسعها أن تنقذ المؤسسات الأوروبية متوسطة الحجم، ولكن في حالة التكتلات المالية الكبرى التي تتربع في مركز النظام المالي العالمي، فلن تتوفر القوة الكافية للقيام بهذه المهمة إلا في حكومتين فقط: الولايات المتحدة والصين.

وفي ظل الظروف المشابهة للانهيار المالي الذي شهده عام 1931، فلم نجد سوى عدد محدود من الحكومات القادرة على العمل بفعالية في هذا السياق. كانت بريطانيا، القوة الاقتصادية العظمى القديمة، أكثر إنهاكاً وإجهاداً من أن تتمكن من مساعدة أي جهة غيرها. وكانت الاحتياطيات العالمية مكدسة في الولايات المتحدة.

وعلى هذا، فإن السبيل الوحيد المعقول إلى الخروج من الأزمة العظمى العالمية في عام 1931، كما أكد المؤرخ الاقتصادي العظيم تشارلز كيندلبيرغر، كان يتلخص في تخلي الولايات المتحدة. في ذلك الوقت برزت جميع أشكال الأسباب المقنعة لعزوف الأميركيين عن تحمل عبء عملية إنقاذ عالمية: إذ أن إرسال المزيد من الأموال إلى أوروبا قد يُـعَد إهداراً للمال؛ أم يخوض الأوروبيون حرباً عالمية كانت المنبع والأصل للفوضى المالية العالمية؟ من الناحية الاقتصادية، ربما كان مثل هذا التحرك منطقياً إلى حد كبير من وجهة نظر بعيدة الأمد؛ بيد أنه من الناحية السياسية كان ليصبح بلا جدوى في غياب أية توقعات بالسداد في الأمد القريب.

في هذا القرن تمثل الصين نفس الموقف الأميركي الذي كان في القرن العشرين. فقد تم التعامل مع المراحل الأولى من الأزمة المالية التي بدأت في عام 2007 على نحو خال من الآلام بسبب صناديق الثروة السيادية من الشرق الأوسط، ولكن الصين كانت في المقام الأول على استعداد للتدخل وإعادة تمويل دين المؤسسات الأميركية والأوروبية. فضلاً عن ذلك فإن اللحظة المحورية في أحداث اليوم أتت حين قررت شركة SWF China الصينية للاستثمار عدم الاستمرار في استكشافاتها الأولية لشراء ليمان برذرز. وفي المستقبل يُنظَر إلى ارتداد بنك CIC باعتباره اللحظة التي كان التاريخ فيها قد يتحول في اتجاه مختلف.

والآن سيبرز عدد كبير من الأسباب التي جعلت الصين تتراجع. والمنطق الظاهري قد يبدو شبيهاً بالمنطق الأميركي في عام 1931. وبعض الحجج التي يتردد صداها في بكين معقولة للغاية: فهناك قدر عظيم من عدم اليقين، وربما كان الأمر قد يسفر عن خسارة كبيرة لشركة SWF. وربما كان بنك CIC قد يخسر بعض المال في البداية مع ليمان. وهناك بعض الخطوط الأكثر عاطفية: أليس من الممكن أن تكون أزمة عام 2008 بمثابة ضربة انتقامية إزاء التصرف الأميركي الأخرق أثناء أزمة 1997 – 1998 التي ألمت بشرق آسيا؟

نحن الآن على وشك أن نرى مدى اهتمام الصين الحقيقي ببقاء الاقتصادي العالمي الذي تحكمه العولمة. في عام 1931 كانت الحجج السياسية جميعها ضد مثل هذه العملية. ولسوف يكون بوسع أصحاب النظر البعيد فقط أن يدركوا أن الحجة الاقتصادية الداعية إلى الإنقاذ ملزمة وقوية إلى حد بعيد.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس