رد: تهادوا تحابوا
قبول الهدية من النساء
(محل ذلك إذا أمنت الفتنة كما سيأتي التنبه عليه إن شاء الله تعالى )
* وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية من النساء كذلك .
ففي الصحيحين ( البخاري: 2575 ومسلم ص 1544) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : أهديت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطا وسمنا وأضبا فأكل صلى الله عليه وسلم من الأقط والسمن وترك الأضب تقذرا .
قلت : وفيه من الفقه أن المهدي إذا أهدى هدية ورد منها شيء لعلة فلا يحزن ويلتمس العذر لمن رد الهدية أو جزاء منها ما دامت العلة واضحة .
* وأخرج الإمام أحمد (المسند:4/189) بإسناد حسن من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: كانت أختي تبعثني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدية فيقبلها .
لا ترجع في هبتك
وشيء سيئ أن تهدي ثم تعود في هديتك وترجع في هبتك فأولى لك أن لا تهدي أصلا أفضل من أن تهدي وترجع في هديتك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( العائد في هبته كالكلب يرجع في قيئه ) . { البخاري:2589 ومسلم:1622 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا } .
إياك أن تهدي ثم تمن
وكذلك لا تهدي ثم تمن على من أهديت له ، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : ( قول ومعروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقتكم بالمن والأذى) .
{البقرة:263،264} .
فلا تعطي الأعطيات وهب الهبات وتقدم الصدقات ثم تتبع ذلك بالمن فالمن يبطل ثواب الصدقات وثواب الهدايا قضلا عما يدخر للمنان من العذاب .
* قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) قال فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار ، قال أبو ذر : خابوا وخسروا ، من هم يارسول الله ؟ قال : ( المسبل والمنان والنفق سلعته بالحلف الكاذب ) .اخرجه مسلم :106 من حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا .
* وفي رواية أخرى عند مسلم أيضا : ( المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منه ) .
الهدية من أحد الزوجين للآخر
* وللهدية من أحد الزوجين للآخر أثر طيب في توطيد أواصر المحبة وتنمية مشاعر الود ، ومن ثم قال الله تبارك وتعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ) . {النساء:4}.
أي : إن طيبت المرأة نفسها وأعطت زوجها من صداقها فلا حرج على الزوج في قبوله والأكل منه ، فليأكله هنيئا مريئا .
وبالنظر إلى الآية الكريمة ، نرى _ والله أعلم _ أن الزوجة إذا أهدت إلى الزوج تهدي إليه شيئا من الصداق ، ليس كل الصداق ، وذلك حتى تبقى لنفسها شيئا تتصرف فيه عند احتياجاتها الخاصة ، والله أعلم .
وكذلك للهدية من الزوج لزوجته عظيم الأثر في جلب مودتها ودفع الوساوس عنها وإثبات محبتها ، وهي دليل على التراحم وخاصة إذا صحبت بالكلمات الطيبة والعبارات المريحة والابتسامات الصادقة .
وإذا كان عندك هدية واحدة فلمن تهديها ؟
تهديها للأقرب فالأقرب ، قرابة النسب وقرابة الجوار ؛ فها هي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كان لها وليدة ( أي : أمة من الإماء ) فأعتقتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : (أما إنك أعطيتيها أخوالك كان أعظم لأجرك) . { البخاري :2592 ومسلم :999 }.
فمع انها أعتقت الأمة فهي _ بلا شك إن شاء الله _ مأجورة لعتقها الرقبة ولكن هنا فاق أجر الهدية أجر العتق لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ولو وصلت بها بعض أخوالك كان أعظم لأجرك ) .
فالهدية في بعض الأحيان تفوق الصدقة في الأجر ، وذلك إذا وقعت موقعها في التأليف والوصل وابتغاء الأجر والثواب .
* وأخرج البخاري: 2595 من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي ؟ قال : ( إلى أقربهما منك بابا ) .
* فيستفاد من هذين الحديثين أن القريب يقدم على الغريب وأن الأقارب إذا استووا في درجة القرابة قدم الأقرب بابا ، وهذا كله إذا كان هؤلاء محل احتياج ، والله أعلم .
|