رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الجمعه26 رمضان 1429 هـ الموافق26/9/ 2008
ويبقى شيء
هل سيتم تطوير البيئة القانونية في المملكة ؟؟
خالد الفريان
حدثت قفزة في السنوات الأخيرة في إنشاء الشركات والمؤسسات في المملكة، ففي السابق كان المتوسط خلال الفترة من عام 1996حتى عام 2007نحو 27ألف شركة ومؤسسة جديدة كل عام، بينما وصل العدد خلال النصف الأول "فقط" من عام 2008إلى نحو 40ألف شركة ومؤسسة ، وهو رقم قياسي مقارنة بالأعوام السابقة.
وهذا المؤشر من المؤشرات الايجابية حيث يوضح من جهة تنامي النشاط الاقتصادي، كما يدل على التحسن الذي تم في إجراءات استخراج التراخيص والسجلات التجارية، وفي هذا السياق فإن وزارة التجارة والصناعة تستحق الإشادة بهذا التطوير، والذي حسن من تصنيف تنافسية المملكة في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر مؤخرا عن مؤسسة التمويل الدولية Ifc التابعة للبنك الدولي، حيث احتلت المملكة في مؤشر بدء النشاط التجاري ( الذي يقيس عدد الإجراءات ويقيس المدة و التكلفة والحد الأدنى لرأس المال المطلوب لتسجيل الشركات ) المركز 28عالميا، بعد أن كانت المملكة في تقرير عام 2006في المركز 156عالمياً .
- لكن هذه القفزة الكبرى في النشاط الاقتصادي سوف تخلق مزيدا من الإشكالات، مالم يصاحبها تطوير سريع وشامل للبيئة القانونية في المملكة، حيث إنه من الطبيعي أن تصاحبها زيادة في الحالات التي تحتاج إلى قضاء تجاري متخصص، وفعال، ومرن، ومنفتح على ما يجري في العالم من تطورات سريعة ومتلاحقة، ومن الطبيعي أن يصاحب زيادة النشاط الاقتصادي زيادة في الخلافات بأشكالها مع تأخر حلها، والمزيد من حالات التستر والتي يؤكد انتشارها في دولة ما على ضعف بيئتها القانونية.
- نحن هنا نتحدث عن البيئة القانونية في شقها المتعلق بممارسة الأنشطة الاقتصادية والتجارية والتي أنفي أنها بقيت على حالها دون تطوير، بل هناك ما يشير إلى أنها تتراجع - وياليتها بقيت على حالها - !.
الذي يؤكد التراجع هو تقرير البنك الدولي الذي أشرنا له، حيث حصلت المملكة في مؤشر إنفاذ العقود (الذي يقيس عدد الإجراءات، والمدة والتكلفة اللازمة للتوصل إلى حل للمنازعات التجارية) للأسف الشديد على المركز 137عالميا ! متراجعة عن المركز 120الذي احتلته - ولا فخر - العام الماضي ! وكذلك متراجعة عن المركز 97الذي احتلته - ولا فخر - العام قبل الماضي ! .
وهذا التصنيف لا يمثل حالة خاصة أو يعبر عن انفعال شخص معين واجهته مشكلة في أحد المحاكم، لكنه صادر في تقرير مهم عالميا، لا يستهدف التجني على المملكة - كما يقال دائما عن التقارير الدولية من قبل الجهات التي تنتقدها تلك التقارير - حيث أنه أشاد كثيرا بجوانب أخرى عديدة في المملكة، و صنفها كأفضل بيئة لأداء الأعمال في العالم العربي والشرق الأوسط، ووضعها في المركز السادس عشر عالميا بين 181دولة بعد أن كانت في المركز 67بين 135دولة فقط قبل أربع سنوات .
@ المفارقة الغريبة إن هذا التراجع في مؤشر إنفاذ العقود وهو أحد المؤشرات الهامة لتوضيح مدى تطور البيئة القانونية من عدمه، قد حدث خلال السنوات الثلاث الأخيرة التي شهدت الإعلان عن الرغبة الجادة في تطوير البيئة القانونية في البلاد، وتخصيص مبالغ ضخمة لهذا التطوير المنتظر.
ويؤمل تضافر جهود جميع الجهات ذات العلاقة من أجل الإسراع في وقف التراجع في واقع البيئة القانونية في المملكة، ومن ثم الإسراع في تطويرها بكل جدية وحزم وسعة آفق .
|