عرض مشاركة واحدة
قديم 09-27-2008   رقم المشاركة : ( 7 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: السوق السعودي : يوم السبت 27/9/2008

شركات الوساطة السعودية وأزمة القطاع المالي الأمريكي
الاقتصادية السعودية السبت 27 سبتمبر 2008 10:58 ص




قصي بن عبدالمحسن الخنيزي:

كما سجل التاريخ الاقتصادي والمالي أهم الأحداث الاقتصادية العالمية كالكساد الكبير عام 1929، الأزمة الاقتصادية اليابانية مطلع التسعينيات، الأزمة الآسيوية عام 1997، فقاعة الإنترنت وشركات التكنولوجيا نهاية التسعينيات بجانب عديد من الأحداث والأزمات المالية والاقتصادية، فستسجل أحداث الأسبوعين الماضيين التي عصفت بـ "وول ستريت" والقطاع المالي الأمريكي والعالمي ضمن الأحداث الأبرز في التاريخ الاقتصادي والمالي. فبجانب تأميم مؤسستي الرهن العقاري العملاقتين "فريدي ماك" و"فاني ماي"، إفلاس البنك الاستثماري ليمان براذرز، استحواذ بنك أوف أمريكا على البنك الاستثماري ميريل لينش، تخصيص خطة إنقاذ حكومية بنحو 700 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، تم إصدار قرار تاريخي يلغي تطبيقياً قانون غلاس- ستيغال الصادر عام 1933 Glass-Steagall Act, الذي يشتمل على الفصل بين عمليات البنوك التجارية أو التقليدية والبنوك الاستثمارية. هذا القانون الذي سن في أعقاب الكساد الكبير كأحد الحلول المقترحة حينها لتنظيم القطاع المالي الأمريكي تم الرجوع عنه مساء الأحد الماضي 21/9/2008 بالسماح لـ "مورجان ستانلي" و"جولدمان ساكس" بالتحول من بنوك استثمارية إلى بنوك تجارية عن طريق انتقالهما كشركات بنكية قابضة من مظلة هيئة السوق المالية الأمريكية لمظلة المصرف الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي).

وتستدعي أزمة القطاع المالي الأمريكي الحالية استحضار أزمة ذات القطاع والآليات التي استخدمت لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، حيث إن قانون جلاس - ستيجال تضمن إنشاء شركة التأمين على الودائع الفيدرالية، تنظيم نشاطات الإشراف والرقابة، احتواء نشاطات المضاربة، والفصل بين البنوك الاستثمارية والبنوك التجارية بجانب إجراءات تنظيمية أخرى. وبطريقة مماثلة، تم في الأسبوعين الماضيين تعليق نشاطات البيع على الهامش في السوق الأمريكية مع استثناءات بسيطة للحد من نشاطات المضاربة وانخفاض قيم الأصول، السماح بتحول البنوك الاستثمارية لبنوك تجارية وقبول الودائع، وإعادة تنظيم القطاع المالي لتنتقل مهمة الإشراف والرقابة على البنوك الاستثمارية المتحولة إلى الاحتياطي الفيدرالي بدلاً من هيئة السوق المالية الأمريكية.

إذن، هناك تشابه كبير في الآليات المستخدمة في كلتا الأزمتين لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي وضمان تقليل المخاطر المترتبة على الأزمتين على الرغم من أن هذا التشابه يثير نوعاً من الحيرة والشك في فاعلية الإصلاحات والمعايير المتبعة حالياً نظراً لاختلاف الظروف الاقتصادية ودرجة التعقيد بين طبيعة النظام المالي والأدوات المالية المستخدمة حديثاً مع الحال في ثلاثينيات القرن الماضي. فاختفاء أكبر أربعة بنوك استثمارية من خريطة القطاع المالي الأمريكي لا يشير فقط إلى تغيرات مرحلية في "وول ستريت" والقطاع المالي العالمي, بل إلى سقوط نموذج البنوك الاستثمارية التي تعتمد على الاقتراض في تمويل الاستثمار وفشل نماذج تقييم المخاطرة التي لم تثبت قدرتها على الاستمرارية في السوق الأمريكية وإثبات لقدرة البنوك التجارية على مقاومة أزمات الائتمان العاصفة بالاعتماد على قاعدة ودائع العملاء, إضافة إلى نجاح نماذج تقييم وإدارة المخاطر في هذه البنوك التي تتميز بالمحافظة في المخاطرة نظراً لعمليات مراقبة المخاطر التي يتابعها "الاحتياطي الفيدرالي" من كثب.

ويستنتج من أحداث الأسبوعين الماضيين أن نموذج أعمال "وول ستريت" في هذا الأسبوع يختلف عنه قبل ثلاثة أسابيع ومنذ طفرة البنوك الاستثمارية التي أخذت زخماً مع بداية الثمانينيات، أو أن دورة حياة نموذج أعمال البنوك الاستثمارية الأمريكية وصلت إلى نهايتها. ولكن ماذا عن تطبيق هذا النموذج في الأسواق الأخرى وعلى وجه التحديد السوق السعودية التي يعتبر نموذج البنوك الاستثمارية فيها في فترة النمو أو في المراحل الأولى من دورة الحياة التي بدأت مع الترخيص للبنوك الاستثمارية وشركات الوساطة قبل نحو ثلاثة أعوام من قبل هيئة السوق المالية المسؤولة عن الرقابة، التنظيم، والإشراف على البنوك الاستثمارية وشركات الوساطة؟

حقيقة، ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال دون الاعتماد على دراسة علمية معمقة تتناول مختلف الجوانب والمتغيرات التي قد تؤثر في هيكل القطاع المالي السعودي بمختلف وحداته ومدى ارتباطها وانكشافها على الاقتصاد والأدوات المالية المحلية والعالمية. فسيناريو الأسبوعين الماضيين في "وول ستريت" قد يتكرر إذا تكررت الظروف التي أدت إلى الانهيار، وقد يتكرر حتى مع توافر ظروف أخرى والعكس صحيح. أي أن توفر الظروف ذاتها قد لا يؤدي إلى النتائج نفسها إذا اختلفت المعايير والإجراءات الرقابية والتنظيمية في قطاع البنوك الاستثمارية السعودية عن تلك التي كانت متبعة في القطاع المالي الأمريكي بما يتناسب وطبيعة القطاع في المملكة. فدرجة نضج قطاع البنوك الاستثمارية السعودية ومعامل الارتباط بين النمو الاقتصادي ونشاطات البنوك الاستثمارية في المملكة ما زال ضعيفاً مقارنة بالمرحلة المتقدمة في الاقتصاد الأمريكي بينما ما زال النمو الاقتصادي يعتمد على محركات الائتمان الذي توفره البنوك التجارية، الإنفاق الحكومي، والتمويل الذاتي. كما أن نشاطات البنوك الاستثمارية السعودية تتركز إلى الآن على عمليات الطرح العام والخاص، الاستثمار في الأدوات الاستثمارية التقليدية كالأسهم وأدوات الدخل الثابت قليلة التعقيد، الاستشارات المالية، وعمليات الترتيب منخفضة المخاطرة. ومن الطبيعي أن تتسم هذه النشاطات بانخفاض المخاطرة لأنها تستمد مخاطرتها من درجة التعقيد والانكشاف على الأدوات الاستثمارية التي تعتمد بدورها على الخيارات التي يوفرها الاقتصاد كالأسهم، السندات الحكومية وسندات الشركات، والقطاع العقاري.

ختام القول، إن نشاطات البنوك الاستثمارية في المملكة ومستقبلها منوط بقدرة هيئة السوق المالية على التنظيم والإشراف والرقابة الاستباقية لتغيرات قطاع البنوك الاستثمارية وحالة المنتجات الاستثمارية التي تستثمر فيها. فإذا تركزت استثمارات البنوك الاستثمارية في منتجات مالية واستثمارية مرتبطة بقطاع يعاني تكون فقاعة وتضخما في أسعار الأصول، فإن من الواجب التدخل بتشريعات وأنظمة تضمن عدم الانزلاق إلى مصيدة الإفلاس والتدهور التسلسلي، ولن تنجح معايير الرقابة والتنظيم إذا لم يتحقق تنسيق كبير بين مختلف الجهات التنظيمية المالية والاقتصادية لضمان تفادي تكون فقاعات أصول تنتقل بحرية بين نشاطات اقتصادية مرتبطة ببعضها بعضا ومنفصلة تنظيمياً، تشريعياً, ورقابياً.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس