عرض مشاركة واحدة
قديم 09-27-2008   رقم المشاركة : ( 20 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم السبت27 رمضان 1429 هـ الموافق27/9/ 2008 ‏ ‏

الاستثمار الزراعي في السودان (2 من 2)
الاقتصادية السعودية السبت 27 سبتمبر 2008 11:07 ص




د. مقبل صالح أحمد الذكير

بعد اجتماع الوفد السوداني الضيف مع رجال الأعمال في غرفة جدة، انتقل الضيوف لشركة صافولا. وكرر رئيس الوفد وزير المالية السوداني أمام العضو المنتدب لشركة صافولا الدكتور سامي باروم رغبتهم في توسيع استثمارات الشركة في السودان، وصارحه بأنه سمع ثناء كبيرا على الشركة وأدائها من جهات عدة. لكن الذي أعلمه أن من بين استثمارات "صافولا" في 11 بلدا في العالم، كان مشروعها في السودان هو من أقلها أداء ونجاحا بسبب تعدد المعوقات. وفهمت من أخي سامي بعد اللقاء، أن مشاريع "صافولا" في تركيا, إيران, ومصر، على سبيل المثال، تحقق تطورا مستمرا ونجاحا كبيرا. وأن أرباح مشروعهم في إيران، الذي لم يتعد عمره أربع سنوات، قد تصل هذا العام لنحو 100 مليون دولار.

في اعتقادي أن الوفد السوداني، لم ينجح في إزالة قلق رجال الأعمال على استثماراتهم الحالية، ولا في تغيير الفتور والإحباط الذي يشعرون به تجاه فكرة توسيع الاستثمارات في السودان. وكنت أتوقع أن يحمل الوفد معه ملفا جذابا يوضح فيه الإجراءات والسياسات الجديدة التي ستعتمدها الحكومة السودانية لتحسين بيئة الاستثمار في السودان وجعلها أكثر إغراء. صحيح أن الوفد جاء برغبة صريحة ونيات طيبة لتعزيز التعاون بين البلدين، بيد أنها لم تخرج عن حدود المجاملات والعموميات، وهي لا تكفي ولا تصلح في عالم المال والتجارة القائم على اعتبارات دقيقة وترجيحات مدروسة بين المخاطر والعوائد ونوعية الحوافز في ظل بدائل عديدة ومنافسات دولية شديدة.

إن جذب الاستثمارات في أي مكان في العالم يتطلب استعدادات منهجية مسبقة وحزمة إصلاحات قانونية واقتصادية وتنظيمية كافية لجعل الاقتصاد جذابا من وجهة نظر المستثمر الخارجي لا من وجهة نظر البيروقراطي الحكومي. فلن يكون لأي إصلاحات قيمة إلا إذا كانت واضحة ومنافسة وموافقة لرغبات وتطلعات المستثمرين. أما الاعتماد فقط على المزايا النسبية للموارد الطبيعية التي توفرها الأراضي السودانية، فلن يكون مجديا إن لم يواكبها بيئة صالحة للاستثمار. ومكمن الخطر أنه متى ما خرج مستثمر محبط من البلاد فمن الصعب أن يعود ثانية مهما تحسنت الأمور فيما بعد، خاصة إذا كان البديل الذي لجأ إليه جيدا. ومع ذلك علينا ألاّ نيأس، وعلى الجميع أن يعملوا على تعزيز التعاون بين البلدين. لكن من مصلحة السودان أن يستمع جيدا لوجهة نظر المستثمرين الذين يرون حاجة إلى إصلاحات عديدة منها:

- العمل على سرعة إنهاء النزاعات الداخلية لتحقيق الاستقرار السياسي المنشود.

- تفعيل الحوافز الواردة في قانون الاستثمار السوداني وتعديلاتها التي جرت في عام 2003.

- حل إشكالية ملكية الأراضي وطريقة تسجيلها وفض النزاعات مع المواطنين المحليين.

- سيادة قوانين الحكومة المركزية على قوانين حكومة الولاية

- معالجة احتكار الدولة تسويق بعض السلع كالسكر والصمغ.

- توحيد جهات التعامل مع المستثمرين الأجانب من خلال التطبيق الفاعل والكامل للنافذة الموحدة المختصة بإنهاء إجراءاتهم.

- الحد من تعدد الضرائب والرسوم والدمغات وتخفيض معدلاتها المرتفعة.

- مراجعة القيود المفروضة على استيراد السلع الوسيطة، وعلى حركة تداول النقد الأجنبي، وعلى بعض الخدمات المصرفية.

- تطوير خدمات البنية التحتية في مجالات الري والنقل البري والبحري والاتصالات والتخزين وخدمات المنافع العامة من حيث الوفرة والتكلفة كوقود الديزل والطاقة الكهربائية.

- توفير الإحصاءات والدراسات الفنية عن الأمراض الحيوانية، والمياه الجوفية، والأسمدة والمبيدات ومواد التعبئة والتنظيف.

- إضفاء مرونة كافية في مجال تسهيل استقدام الخبرات الأجنبية غير المتوافرة محليا اللازمة للمشاريع الكبيرة.

إن لهذه الإصلاحات وسواها فوائد اقتصادية جمة ستعود أولا على السودانيين أنفسهم حكومة وشعبا، وليس فيها مزاحمة على رزقهم بل توسيعا له. فالاستثمارات الجديدة تحقق الرواج للاقتصاد وتزيد الإنتاج ومن ثم ستعمل على تحسين إيرادات الدولة، وتوفير بعض نفقاتها. كما أنها ستفتح مجالات عمل للناس وتشغلهم في كسب الرزق وتبعدهم عن الانخراط في الصراعات، وفي ذلك دعم للاستقرار الداخلي وصون للبلاد من المطامع والتدخلات الأجنبية.

يمكن للسودانيين أن يحدثوا ثورة خضراء ويجعلوا من اقتصادهم سلة غذاء للمنطقة برمتها, لكن صنع الأمجاد وتطوير الأوطان يقتضي العمل المنهجي المنظم، وتبني أساليب الإدارة الحديثة، وتقليد خطى الدول الناجحة، والتحلي بإرادة صلبة قادرة وعازمة علي تبنى المشاريع التحويلية الخلاقة.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس