عرض مشاركة واحدة
قديم 09-27-2008   رقم المشاركة : ( 22 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم السبت27 رمضان 1429 هـ الموافق27/9/ 2008 ‏ ‏

الاستثمار العقاري والمواطن من المساهمات إلى الصناديق
الاقتصادية السعودية السبت 27 سبتمبر 2008 11:01 ص




د. فهد عبد العزيز السعيد:

في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات الميلادية انتشرت المساهمات العقارية كسمة بارزة من سمات الاستثمار العقاري واستفاد منها من استفاد واكتوى بنارها من ساقه حظه العاثر إلى الوقوع في أيدي الطارئين والمغامرين من مديري تلك المساهمات.

وإن كنا لم نسمع كثيراً عمن استفاد، ولكن أحاديث المجالس ومطالعات الصحف تحاصرنا بأخبار المساهمات المتعثرة ومحاولة إرجاع حقوق المساهمين . أخيرا طرحت وزارة التجارة وتبعها هيئة سوق المال نظام الصناديق العقارية وريثاً للمساهمات، ولكن تلك الصناديق لم تخص بالترحاب المأمول من المستثمرين, وبالتالي المواطنين، فحسب علمي لم يتم حتى الآن تنفيذ إلا عدد قليل من الصناديق العقارية لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. فهل عزوف المستثمر وبالتالي المواطن تم لعدم جاذبية الاستثمار في المجال العقاري, أم أن الصناديق العقارية لم تحقق للمواطن والمستثمر ما يصبو إليه؟

ونتذكر أنه عندما ازدهرت المساهمات العقارية في السبعينيات الميلادية، أتي نشؤها وطرحها وآليتها ببساطة وأمانة المجتمع في ذلك الوقت . فبَدأ المساهمة بإعلان مدير المساهمة عن شراء أرض (خام أو مطورة) ومتطلبات تطويرها آنذاك مقصورة على إعداد المخططات فقط, حيث إن الأمانات في تلك الحقبة اضطلعت بمهام تنفيذ المخططات من بنية تحتية (كهرباء مياه، صرف صحي، هاتف) والبنية الفوقية (سفلتة، رصيف، إنارة) ومن ثم يتم بيع المساهمة أو "التحريج عليها" لكامل الأرض أو بلكات أو قطع أراض. وكان العائد على المستثمر مجزياً لمدير المساهمة أو للمواطن. وقد تمكن البعض (مديرون ومواطنون) في تلك الفترة من الإثراء من المساهمات أو تملك أرض أو مسكنا، أو على الأقل الحصول على عائد مجز من المساهمات العقارية، وتميز معظم المديرين لتلك المساهمات بالثقة المطلقة للمواطن, وبالتالي إيجاد اسم حرصوا على صيانته، وفوق ذلك كله - وعلى سجية جميع أفراد المجتمع في ذلك الحين – بالخوف من الله ثم مجتمعهم.

ولا يعني ذلك عدم ارتكاب بعض الأخطاء بحسن أو سوء نية، أدى إلى تعثر أو خسارة بعض المساهمات. ونذكر من جملة تلك الأخطاء أولاً: سوء الاختيار من موقع الأرض، أو سلامة الصكوك أو تقييم مبلغ الشراء. وثانياً عدم الضبط المحاسبي الجيد لأموال المساهمة سواء بالمبالغة في سعر طرح السهم للمواطن، أو عدم إقفال المساهمة عن تحقيق المبلغ المطلوب، أو آلية حفظ وأرشفة أسماء ومبالغ المساهمين. أما ثالث هذه الأخطاء فسوء إدارة أموال المساهمة واستثمارها في غير المقصود منها مثل شراء عقار آخر أو الصرف المبالغ فيه، ورابعاً سوء تقدير مدير المساهمة موعد وسعر بيع المساهمة، أو ركود السوق العقارية (كما حصل في منتصف الثمانينيات). وخامساً وهو الأهم، انفراد مدير المساهمة بجميع القرارات المذكورة سابقاً ناهيك عن عدم الشفا فية في جميع القرارات المالية من ثمن شراء وبيع ونسبة أرباح، مما نتج عنه. سادساً دخول طارئين على المساهمات العقارية استفادة من الثغرات في الآلية البسيطة واستغلوا غياب الرقابة، وبساطه وثقة المواطن بسمعة المساهمات العقارية الناجحة، فتم جمع أموال طائلة لمساهمات فاشلة أو حتى وهمية ما زال البعض منا يدفع ثمنها حتى الآن.

عند ذلك قامت وزارة التجارة مشكورة بوضع أنظمة وآليات تلافت سلبيات المساهمة العقارية التقليدية. فتم وضع أنظمة الصناديق العقارية، بما فيها ضوابط لتقييم الشراء والبيع وتلافي الانفراد بصنع القرار لاستثماري وركزت على الشفافية في تلك الإجراءات بما يضمن حقوق المساهمين. ومن سوء حظ تلك المبادرة المشكورة أن أتت في فترة ركود عقاري لأسباب عدة منها فورة سوق الأسهم السعودية, وبالتالي انصراف المستثمرين عن الاستثمار في العقار، فلم يتم العمل بها أو على الأقل تجربتها العملية. وتبع ذلك التنظيم تدخل من هيئة سوق المال بتبني تلك المبادرة وإعادة صياغتها بما يواكب المستجدات الاستثمارية والمالية والإدارية تحت اسم الصناديق العقارية, فتم التأكيد على الشفافية وعدم التفرد بصنع القرار من خلال مجالس إدارة ومحاسبين، ومتابعة الهيئة جميع خطوات إصدار الصناديق العقارية، وتحديد سقف أعلى لمدة الصندوق مما يضمن جميع حقوق المساهمين المالية.

وأبدى وقتها بعض المستثمرين العقاريين من خلال اللجان العقارية في مجالس الغرف التجارية، بعض الملاحظات تركزت في مجملها على كثرة آليات المراجعة والمجالس الإدارية مما يبطئ اتخاذ القرار ويرفع التكلفة المالية، إضافة إلى عدم الأخذ في الحسبان الحجم المالي للصناديق مما يجعل المصروفات الإدارية للصناديق العقارية الصغيرة مرتفعة جداً توازي قيمة أرباحها في بعض الأحيان، ورأى المستثمرون أن التمويل عن طريق البنوك وما تمليه من أنظمة وفوائد مرتفعة على قروضها أجدى مالياً من التمويل للاستثمار العقاري من خلال الصناديق العقارية. لذلك ولأسباب أخرى اتجه بعض المستثمرين العقاريين إلى تمويل استثماراتهم من خلال الاستثمار الخاص المغلق (الاتصال المبـــاشر بالمستثـــمرين الممولين) أو الاستــــثمــار الخــاص المـفتوح (البنوك المحلية والعالمية وتأسيس الشركات أو الإعلانات الشفهية ومواقع الإنترنت غير الرسمية).

وتركزت أرباح الاستثمار العقاري في أيدي قلة، والأهم تم إقصاء المواطن العادي عن إحدى أهم قنوات الاستثمار المالي: الاستثمار العقاري, فلم يتبق لديه إلا قنوات أخرى محدودة مثل سوق الأسهم أو الوقوع في أيدي الأفاقين من مديري مساهمات الوهم والبطاقات والبيعة.

الخلاصة

أدت المساهمات العقارية التقليدية أغراضها في الوقت الذي وجدت فيه كإحدى القنوات الاستثمارية المهمة للمواطن، ولكنها لم تواكب التطورات المحلية والعالمية والإدارية والتغيرات الاجتماعية مما أدى إلى تعثر بعضها, وبالتالي موتها وإيقاف العمل بها.

وأتت التنظيمات الجديدة من وزارة التجارة ومن ثم هيئة سوق المال تحت اسم الصناديق العقارية لتواكب التغيرات المحلية والعالمية, ويكفل حقوق المساهمين من شفافية ومتابعة من الهيئة. ونظراً لخلو تلك التنظيمات تقسيم الصناديق العقارية بحسب حجمها المالي وتقديم الرهونات والضمانات مما يضمن حقوق المساهمين والصرامة المتوقعة والمطلوبة للإجراءات المالية والإدارية، أدى ذلك إلى انصراف بعض المستثمرين العقاريين إلى تمويل مشاريعهم من خلال البنوك المحلية أو العالمية أو أسهم الشركات، أو من خلال المساهمات الخاصة المقفلة غير الرسمية .

وفي كل الأحوال بين الوزارة والهيئة والمستثمرين العقاريين تم إقصاء المواطن البسيط عن إحدى أهم قنوات الاستثمار المهمة, التي تمكنه من تملك قطعة أرض أو مسكن أو على أقل الأحوال استثمار مالي أكثر ضماناً من بعض القنوات الاستثمارية الأخرى.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس