عرض مشاركة واحدة
قديم 10-13-2008   رقم المشاركة : ( 38 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاثنين 13 شوال 1429 هـ الموافق13/10/ 2008

آن الأوان لعمليات إنقاذ شاملة للأنظمة المالية
الاقتصادية السعودية الاثنين 13 أكتوبر 2008 6:09 ص




قيل إن جورج مينارد كينز قال ذات مرة: "حين تتغير الحقائق، أغير رأيي. فماذا تفعل أنت يا سيدي؟" وأنا غيرت رأيي مع تصاعد الهلع في الأسواق. انتقل المستثمرون وانتقلت البنوك من الثقة بأي شخص إلى عدم الثقة بأي شخص. والخوف الذي يحرك انهيارات اليوم في الأسواق المالية هو خوف مبالغ فيه مثلما كان الجشع الذي كان يحرك السلوك المعاكس قبل حين. لكن الهلع الذي لا مبرر له يؤدي كذلك إلى التشتت والدمار، ولا بد من وقفة. ليس الأسبوع المقبل، وإنما الآن على الفور.

انتهى زمن الحلول الفوضوية والتعامل مع كل حالة أو مؤسسة بصورة مستقلة، وكل بلد يتصرف وحده. أخذت وقتاً طويلاً (ربما يجادل البعض أنه أطول مما يجب) قبل أن أُدرِك المخاطر الكاملة. ربما كانت أخطاء وزارة الخزانة الأمريكية، خصوصاً القرار القاضي بالسماح لبنك ليمان أن ينهار، هي التي أشعلت فتيل الهلع الذي نعاني منه اليوم. وبالتالي فما الذي يجب عمله؟ الجواب: "كل شيء". الاقتصادات المتضررة تشكل أكثر من نصف الناتج العالمي. وهذا يجعلها الأزمة الأكثر الأهمية منذ الثلاثينيات.

أولاً لا بد من التصدي لحالة الهلع. وهذا أقنع بعض الحكومات الآن بتقديم ضمانات كاملة أو جزئية للمطلوبات. هذه الضمانات تشوه المنافسة، لكنها حين تُعطى للبنوك فلا يمكن سحبها إلا حين تنتهي الأزمة. لذلك ينبغي للبلدان الأوروبية الآن تقديم ضمانات مقيدة بمدة زمنية محدودة (ستة أشهر مثلا) لمجمل المطلوبات من المؤسسات ذات الأهمية المنهجية الشاملة التي تؤثر على النظام بأكمله. أما في الولايات المتحدة، حيث يوجد عدد هائل من البنوك، فإن الضمان الذي من هذا القبيل ليس معقولاً ولا هو ضروري.

يفترض أن تعمل هذه الضمانات المقيدة بفترة زمنية محددة على تشجيع المؤسسات المالية على الإقراض فيما بينها. فإذا لم تفعل ذلك فلا بد للبنوك المركزية من أن تقرض بحرية، حتى على أساس غير مؤمَّن، للمؤسسات التي تبلغ من الأهمية حداً أن انهيارها يضر بالنظام المالي العام.

من خلال هذه السبل يفترض أن حركة الائتمان ستبدأ. لكن الحكومات لا تستطيع أن تدع البنوك تقامر على هواها بأموال القطاع العام. خلال فترة الضمان لا بد للحكومات من أن تشرف بدقة على المؤسسات التي قررت حمايتها من الانهيار.

الأولوية الثانية إعادة رسملة البنوك. العبرة المهمة المستفادة من أزمات التاريخ المعاصر، كما يبين لنا فصلا ممتازا في أحدث تقرير حول آفاق الاقتصاد العالمي من صندوق النقد الدولي، هي أن "صانعي السياسة ينبغي لهم أن يرغموا البنوك على الإقرار والتعرف على الخسائر في مرحلة مبكرة وأن يتخذوا الخطوات لضمان أن تكون المؤسسات المالية مرسملة بصورة مناسبة".

إعادة الرسملة أمر لا بد منه إذا أريد للمؤسسات أن تتمتع بالجدارة الائتمانية بعد سحب الضمانات. يجب أن تصر الحكومات على مستوى من الرسملة يجعل من الممكن القيام بالمزيد من عمليات شطب الأصول. ثم ينبغي عليها بعد ذلك إما ضمان إصدار جديد للأسهم (مع الأولوية للمساهمين الأصليين) أو شراء الأسهم الممتازة. على أي الحالين يفترض أن تتوقع الحكومات أن تحقق ربحاً من استثماراتها حين تتحسن أحوال هذه المؤسسات، وهو ما يفترض بها أن تفعله.

إعادة الرسملة التي من هذا القبيل هي بديل عن الحل الذي ترغِم فيه الحكومة البنوكَ على إعطائها أسهما جديدة مقابل رأس المال المقدم من الحكومة. والواقع أنني أجد الفكرة الأخيرة فكرة جذابة. مع ذلك فإنها لو طبقت اليوم ستزيد من الهستيريا، إلا إذا كان بالإمكان تطبيقها على نحو موثوق بصورة حاسمة. سيقول البعض كذلك إن أفكاري تهدف إلى تجنب حدوث تقلص في الميزانيات العمومية للبنوك التي تقع في قلب النظام المالي الأساسي. لكن بعض التقلص في النظام المالي أمر لا مفر منه، خصوصاً في الولايات المتحدة وبريطانيا. ويجب أن يسمح له بالحدوث في ما يسمى "بنوك الظل".

وهذا يؤدي بنا إلى سؤال ثالث: ماذا يجب أن نفعل بالموجودات الرديئة؟ أحياناً يكون من المعقول إخراج الموجودات التي من هذا القبيل من البنوك. وهذا هو الهدف الذي وضع من أجله "برنامج إغاثة الموجودات المعتلة". ولأن الموجودات الأمريكية الرديئة موزعة بصورة واسعة في جميع أنحاء العالم، فإن البرنامج الأمريكي الرامي إلى إنشاء سوق لهذه الموجودات، وربما رفع أسعارها إلى مستوى توازن أعلى من ذي قبل، سيفيد كثيراً من الأنظمة البنكية في البلدان الأخرى.

لاحظ أنه خارج البنوك الأمريكية كمية الموجودات الرديئة التي تم توليدها محلياً تبدو صغيرة. وبالتالي الخطط التي من قبيل البرنامج المذكور لا ضرورة لها. وإذا أعيدت رسملة البنوك على نحو ملائم فإن هذه الخطط ستكون كذلك لا داعي لها. بالمثل، إذا كانت البنوك مرسملة على نحو ملائم ستقل أهمية المخاوف من الأسلوب المحاسبي القائم على تسجيل الموجودات في القيود بحسب قيمتها السوقية، على اعتبار أن الميزانيات العمومية تستطيع التعامل عمليات تخفيض قيمة الموجودات اللازمة لذلك. لكن ربما يكون من المنطقي أن نقول بصراحة إن الأجهزة الرقابية لن تركز فقط على القيمة الحالية للموجودات في تحديد المتطلبات الرأسمالية.

أهم سؤال في هذه المقترحات هو ما إذا كان بمقدور الحكومات القيام بها من الناحية المالية. يجادل بعض الاقتصاديين بأن كثيراً من البنوك ليست فقط كبيرة إلى درجة لا تسمح لها بالانهيار، وإنما كذلك كبيرة إلى درجة لا تسمح بإنقاذها. وهم يدللون على حجتهم بالإشارة إلى نسبة المطلوبات الإجمالية للبنوك إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلد المضيف. لكن النسبة المهمة هي نسبة إعادة الرسملة من الميزانية العامة للدولة حين تكون الأمور في الحضيض، إلى الناتج المحلي الإجمالي. لسوء الحظ حتى هذه النسبة يمكن أن تكون هائلة.

خذ مثلاً حالة بريطانيا، حيث يبلغ إجمالي موجودات البنوك الخمسة الكبرى أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي. فإذا افترضنا أن إعادة الرسملة ستكون بنسبة 1 في المائة من هذه الموجودات، فإن ذلك سيكلف الحكومة مبلغاً يعادل زيادة الدين العام بنسبة 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا كانت نسبة إعادة الرسملة هي 5 في المائة من تلك الموجودات فإن ذلك يرفع الدين العام ويكلف الدولة 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وحين يبدأ النظام البنكي في أي بلد معاناة الخسائر على هذا النطاق الهائل، فربما تصبح عملية شراء الحكومة لأسهم في البنوك مقابل الأموال العامة أمراً لا مفر منه. ولعل هذا هو الحل الوحيد المتاح الآن لآيسلندا.

يجادل البعض بأن البلدان الأعضاء في منطقة اليورو تواجه تحدياً خاصاً، وهو أن كل بلد على حدة لا يستطيع الاستفادة من البنك المركزي في ذلك البلد. إن القفزة المذهلة في الفترة الأخيرة في الفروق بين العوائد على سندات الحكومة الألمانية وسندات الحكومة الإيطالية إلى رقم الذروة الذي وصل مباشرة إلى ما دون 90 نقطة أساس، يمكن أن يُفهم منها أن الأسواق ربما توافق على وجهة النظر السابقة. لكن التضخم أيضاً أحد أشكال الإعسار المالي والعجز عن السداد. والبلد الذي يوجد لديه بنك مركزي، مثل بريطانيا، فهناك احتمال كبير أن يعاني من أسعار فائدة مرتفعة على المدى الطويل إذا ازدادت الشكوك حول قدرته على تمويل عمليات الإنقاذ اللازمة للبنوك.

مع ذلك، إذا دعت الحاجة إلى إعادة رسملة عدد لا يستهان به من بنوك منطقة اليورو، فربما لا يكون بوسع بعض البلدان الأعضاء توفير المال اللازم. وسيكون هناك خطر بالنسبة للبلدان الأخرى إذا اختارت الحكومة الضعيفة مالياً عدم اتخاذ أية إجراءات، أو إذا فرضت عملية شراء للأسهم الجديدة مقابل المال. فالإجراءات التي من هذا القبيل ربما تنشر الهلع في كل مكان. وبالتالي ربما نجد أنه لا مفر من التضامن في المالية العامة بين جميع البلدان. وعلى أية حال من الضروري تماماً التنسيق بين البلدان حول كيفية العمل في المرحلة المقبلة إذا أريد للنظام البنكي في منطقة اليورو أن يستعيد صحته ويعاود الظهور كما كان.

كذلك سيكون للهلع وقع كبير على اقتصادات البلدان. وبالتالي ينبغي للبنوك المركزية، باستثناء البنك المركزي الأمريكي، تخفيض أسعار الفائدة. حتى الأسبوع الماضي فقط كنت أرى أن النسبة المعقولة للتخفيض بالنسبة لبريطانيا بحدود نصف نقطة مئوية. ولو كنت عضواً في لجنة السياسة النقدية (في البنك المركزي البريطاني) اليوم، سأجادل لتخفيض أسعار الفائدة 1 في المائة بالتمام والكمال. لقد تغير العالم، ومعظم هذا التغير نحو الأسوأ.

قريباً سيجتمع في واشنطن وزراء المالية ومسؤولو البنوك المركزية في بلدان مجموعة البلدان الصناعية السبع ذات الدخل العالي. هذه المرة نرى أن هؤلاء هم الأشخاص المناسبون للتوصل إلى حل. يجب عليهم حضور المؤتمر وفي ذهنهم هدف واحد: استعادة الثقة. وسيحكم التاريخ على مدى نجاحهم. ربما تذهب سيرتهم في التاريخ على أنهم كانوا مسؤولين عن وقوع كساد اقتصادي عظيم آخر. هذا قدرهم ولا بد لهم من مواجهته، لأجلنا جميعاً.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس