عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2008   رقم المشاركة : ( 10 )
جعبة الأسهم
ذهبي مشارك


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2235
تـاريخ التسجيـل : 19-02-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,513
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : جعبة الأسهم يستحق التميز


جعبة الأسهم غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الاقتصاد السعودي اليوم الثلاثاء

هل يمكن للأزمة المالية العالمية أن تحدث في الأنظمة المالية الإسلامية «1-2»

عصام الطواري - خبير مالي

هل يمكن للأزمة الحالية التي تعصف بأسواق المال الأمريكية والأوروبية والأسواق العالمية الأخرى أن تحدث في ظل نظام مالي يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية؟ لا أحد يعلم ولكن من المرجح أنه غير قابل للحدوث. فالنظام المالي الذي يراعي أحكام الشريعة الإسلامية في صلب طبيعته لا يشجع بل يمنع زيادة المضاربة (عمليات الاقراض) المحفوفة بالمخاطر التي تعتبر أصل المشكلة في الأزمة المالية الدولية الراهنة.
فالقوانين الإسلامية التي تحرّم الديون العالية وغير المضمونة والمضاربة تضمن درجة عالية من الحصانة والحذر. علاوة على ذلك، فإن الإلتزام بمبدأ العدالة يتطلب من المستثمرين الذين يعملون وفق أحكام الشريعة الإسلامية المشاركة في المخاطر والمكاسب ويحرّم إعطاء ضمانات لبعض المستثمرين على حساب المستثمرين الآخرين. إن فقدان هذه المفاهيم والمبادئ في النظام المالي التقليدي يؤدي إلى الجشع والتقلب والانهيار الذي نشهده هذه الأيام.
يعتبر التوريق (التسنيد) أحد المكونات الأساسية في أسواق رأس المال اليوم. والتوريق هو عملية تحويل الأصول المدرة للدخل إلى أوراق مالية. وقد أصبحت عملية التوريق جزءاً هاماً من أسواق رأس المال منذ أوائل السبعينيات. لقد قدمت عملية التوريق أسعارا متدنية للمقترضين، وضمانات أفضل للمقرضين، وزيادة في السيولة إضافة إلى توفير مصادر تمويل بديلة في أسواق رأس المال. رغم ذلك وفي ظل الأزمة المالية الراهنة تتكرر الإشارة إلى أن عملية التوريق هي أحد أسباب هذه الأزمة الناجمة في جلّها عن عمليات الرهن بفوائد متدنية. ولكن من الأهمية إدراك أن زيادة عمليات المضاربة (الإقراض) المثقلة بالديون التي بدأت تزحف نحو التوريق خلال السنوات العشر الأخيرة (مثل سندات القروض برهن موجودات، عمليات الرهن بأسعار فائدة متدنية، مبادلات التخلف عن إيفاء القروض بضمان موجودات) هي التي أدت إلى الانهيار المالي وليس عملية التوريق بحد ذاتها.
إن أساس طبيعة عملية التوريق هو التزامها بأحكام الشريعة. ففي عملية التوريق يمتلك المستثمرون الأصول التي تدر عليهم الأرباح. وفي عملية التوريق تستمد أرباح المستثمرين من التدفق النقدي للأصول الحقيقية.
كما أن المستثمرين في عملية التوريق يتعرضون لمخاطر الأصول التي تدر عليهم العوائد. كل هذه المزايا لعملية التوريق هي شروط يتطلبها النظام المالي الذي يراعي أحكام الشريعة الإسلامية.
إن التوريق في ظل النظام المالي وفق أحكام الشريعة يتضمن مكوناً أخلاقياً، وهذا أمر أخلاقي يفتقره النظام المالي التقليدي. إن التوريق في ظل النظام المالي وفق أحكام الشريعة يستخدم في تمويل النشاطات الانتاجية، وتمويل عمليات شراء وبيع الأصول الحقيقية إضافة إلى أنها تستخدم عموماً في خلق فرص تمويل مفيدة اجتماعياً.
إن المزايا الهيكلية للتوريق الذي يراعي أحكام الشريعة يحرّم تلك المزايا الجشعة والمجردة من المبادئ الخلقية لعملية التوريق التقليدية التي نجم عنها مشاكل جمة. فمن أجل الالتزام بقانون الشريعة فإنه يحرّم على عمليات التوريق التي تراعي أحكام الشريعة القيام بمعاملات فيها ميسر، ومخاطر غير محسوبة، والغرار(الغش والخداع)، ودرجات عالية من الشك. كما تحرّم المعاملات المثقلة بالديون وعمليات الإقراض المحفوفة بالمخاطر وغير المضمونة. لو أن النظام المالي التقليدي بني على قاعدة أخلاقية شبيهة لما وقعت الأزمة المالية العالمية الراهنة أو أنها كانت على الأقل أخف وطأة مما هي عليه اليوم.
التوريق وفق أحكام الشريعة لا يستهوي المضاربين المستهترين أصحاب الرؤية الضيقة وقصيرة المدى الذين يسيرهم بالتناوب إما الجشع أو الخوف. إن التوريق وفق أحكام الشريعة في الواقع لا يشجع المستثمرين الذين يضاربون دون الانخراط في معاملات مفيدة والسعي وراء عوائد من مشاريع ذات أهداف اقتصادية حقيقية.
ولطالما حذر المشرعون النظام المالي التقليدي إلى وجوب تجنب «الوفرة اللاعقلانية». ولكن لايهم مهما تعزى أعداد كبيرة من الانهيارات المالية إلى معاملات المضاربة التي تعد بأرباح ضخمة دون إنتاجية تذكر، وفئات الموجودات التي ليست فاسدة أخلاقياُ فحسب وإنما مؤذية اجتماعياً، والاحتكام إلى أدنى غرائز المستثمرين الجشعة، فإنه مكتوب على النظام المالي التقليدي فيما يبدو أن يكون قدره السقوط في براثن الانهيارات الدورية المتكررة.
يجب على المستثمرين ألا يخشوا من عمليات التوريق المتوافقة مع أحكام الشريعة الاسلامية، ولكن عليهم الحذر من التوريق التقليدي الذي سمح بزيادة المضاربة والدخول في مخاطر غير ضرورية للسيطرة على هدف المعاملات. وعلى المستثمرين أن يدركوا أنه إضافة إلى تحريم الميسر والغرار فإن عمليات التوريق وفق الشريعة تحرم القيام بالغش، وحجب المعلومات، والجهالة، والادعاء الكاذب، والتغرير، والخداع. ففي التوريق وفق الشريعة يعلم المستثمر أنه ملتزم ومقيد بقدر ومصير التجارة التي تم تمويلها. لو كانت هذه القيود والمبادئ مطلوبة في النظام المالي التقليدي لكان العالم في وضع أفضل مما هو عليه الآن.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس