عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 01-11-2006
 
ابو ريان الثمالي
مشارك

  ابو ريان الثمالي غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 207
تـاريخ التسجيـل : 09-12-2005
الـــــدولـــــــــــة : جدة
المشاركـــــــات : 309
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : ابو ريان الثمالي
افتراضي لا تؤذوا أحدا.. على الأقل

لا تؤذوا أحدا.. على الأقل لا تؤذوا أحدا.. على الأقل لا تؤذوا أحدا.. على الأقل لا تؤذوا أحدا.. على الأقل لا تؤذوا أحدا.. على الأقل

في مجلس العزاء كنت أتصفح الوجوه، وأقرأ ملامح الحزن البادي على وجوه الحاضرين. محاولات يائسة لإخفاء الحسرة والألم، ومحاولات لفهم ما يصعب فهمه، والتعاطي مع حقيقة كبرى مثل الموت! ليس في مجلس العزاء طبقية، ليس هناك حزن ليبرالي، وحزن إسلامي.

تذكرت أنه ليس للإنسان حكاية مع الموت. لكن للموت حكاية مع الإنسان! يأتي الموت مثل بحر هائج وذئب مفترس فيقتلع الزهور، ويتجرأ على البيوت المطمئنة ويقذف بحممه على الشواطئ المستباحة..يختطف الأحبة، ويلقي بنا في وحشة وشعور عميق بالاغتراب!

أتذكر قبل سنوات طويلة مضت وبعد رحيل والدتي جاءت ابنتي إلى هذه الحياة، أذكر أن في جيبي ورقتين، شهادة وفاة وشهادة ولادة! كانت هاتان الورقتان تلخصان معنى الحياة، وتجعلان الإنسان يتقبل حقيقة الموت بكل رباطة جأش.

المشكلة ليست في الموت، بل في طريقة تعاطينا معه! وفي فهمه وفي التعامل مع نتائجه. الموت حقيقة أزلية تبدأ مع لحظة الولادة، وبين اللحظتين انشغال بالحياة وصراع لا ينتهي بين واقع صعب وطموحات لا يحدها حدود، ولكن النتيجة محسومة سلفا وهي أن اللحظة الأولى، لحظة شهقة الولادة هي بداية للوصول إلى الحشرجة الأخيرة للموت، وعلينا أن ندرك هذه الحقيقة ونقتنع بها، ونتعايش معها. انها مثل حقيقة ان الشمس تشرق وتغرب في رحلة أزلية. أعضاء في نادي الحياة يخرجون وآخرون يدخلون، لكن الحياة تظل تتدفق بلا توقف. يتغير ركاب القطار كلهم، ركاب الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال والدرجة العادية كلهم يغادرون إلى محطاتهم الأخيرة وليس لأكفانهم جيوب! يرحلون عراة كما ولدتهم أمهاتهم إلا من عبق يتركونه هو أشبه برائحة الفردوس، وعمل خير يظل كشجرة وارفة تظلل المحتاجين والغرباء والبؤساء!

علينا ان نفهم المعادلة بكل صفاء وبكل شجاعة وكل راحة ضمير. انها المعركة الأزلية بين السعادة والألم، الدمعة والابتسامة، الصرخة والحشرجة، الخير والشر. ولكن المهم أن نغادر وقد تركنا شيئا غير شواهد قبورنا، نترك للحياة شيئا مما وهبتنا الحياة، نترك للمحتاجين شيئا مما لا نحتاجه، ونتذكر أننا سنرحل في نهاية المطاف. فليكن رحيلنا بداية بقائنا من خلال بصمات الخير والعطاء أو على الأقل الرحيل دون أن نؤذي أحدا.
لأجمد الربعي
توقيع » ابو ريان الثمالي
يا ابن آدم أنا لك محب فبحقي عليك كن لي محبا
رد مع اقتباس