رد: [موضوع مهم للغاية ] يبين منهج السلف في النقد والتحذير والنصيحة والتعيير !!!
يقول الشيخ صالح بن فوزان الفوزان معلقاً على كلام بن القيم الأخير :
( بعد ذلك بيَّن ما يجب نحو هؤلاء : هل نسكت ونترك هؤلاء كما يُطالب بذلك اليوم بعض الجهَّال يقولون : اتركوا الناس ، ولا تدرسوا مذاهبهم ولا شبههم ، ولا تردوا عليهم ما لكم ولهم ، اتركوهم .
الإمام ابن القيم يقول : " لا " لا نتركهم ، هؤلاء يجب جهادهم قبل جهاد الكفار بماذا نجاهدهم ؟ بالأسلحة " لا " نجاهدهم برد باطلهم ودحض زيفهم ومناقشة شبههم هذا هو جهادهم .
أمر الله بجهاد الكفار والمنافقين ، فالكفار يجاهدون بالسيف والسِّنان والمنافقون يجاهدون بالحجة واللسان ، وهؤلاء أشد المنافقين ، وهم أخطر على الإسلام من غيرهم ، فيجب مجابهتهم ، والوقوف ضدهم ، وبيان باطلهم ، وتجلية حقائقهم ، وبيان ما يؤول إليه مذهبهم ، حتى يكون الناس على بصيرة ، ولئلا تنطلي شبهاتهم ؛ لأن كتبهم الآن كثيرة ومنتشرة ، فالمطابع تقذف إلينا من كل جانب ، وورثة هؤلاء ينشرونها ويحققونها ويقدمون لها ويروجونها فلا بد في المقابل أن نخرج كتب السلف والأئمة التي ترد على هؤلاء ، وأن ندرِّسها والمفقود منها ، نبحث عنه ونخرجه للناس ، هذا أمر واجب وهو من الجهاد في سبيل الله .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به قبل الجهاد بالسيف ، أُمر به يوم أن كان بمكة ؛ لأن الله أمر به يوم أن كان الرسول بمكة ليس هناك جهاد بالسيف ومع ذلك أمره الله : (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ ) [الفرقان : 52] هذه مكية (وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً) [الفرقان : 52] الضمير يرجع إلى القرآن يعني : جاهدهم بالقرآن العظيم وبيان باطلهم وتجلية مذهبهم وألا نغفل عن ذلك ونسكت عنه ونتجاهله .
يجب علينا مقاومة أهل هذا المذهب قبل مقاومة غيرهم من أهل الباطل ؛ لأن هذا مذهب يتسم بأنه مذهب إسلامي ، أما مذهب الكفر والإلحاد فهذا مفضوح ومعروف أنه كفر وإلحاد لكن المشكل الذي يأتيك متلبساً بالإسلام ، وهو يأخذ نصوص القرآن ونصوص السنة المتعلقة بالله ويجحدها ويؤولها ويجهِّل الناس بها هذا أشد خطراً .
والسكوت عنه والإعراض عنه أخطر من السكوت عن جهاد الكفار والمنافقين الخارجين ، هذا هو مقصود الإمام – رحمه الله - ، أن هؤلاء لا يجوز السكوت عنهم ، ولا ترك مذاهبهم تنتشر بين الناس ، ولا إعطاء الفرصة لكتبهم أن تنشر بين الناس وتكون بأيدي الجهال وبأيدي شباب المسلمين ، بل يجب أن يبصَّروا بها ويحذَّروا منها ، وأن يبين لهم باطلها حتى نأمن على عقائدنا وشبابنا وعلى بلادنا من دخول هذه المذاهب الفاسدة .
ولذلك الكفار لا يجاهدون ولا يقاتلون إلا بعد الدعوة وبيان الحق لهم ، فيبين لهم الحق ويدعون إلى قبوله والدخول في الإسلام ، فإن أبوا فإنهم يقاتلون بالسيف ، لكن لا يقاتلون بالسيف حتى تقام عليهم الحجة بالقرآن والسنة ، وبيان أن ما هم عليه هو الكفر ، فالجهاد بالحجة مقدم على الجهاد بالسيف .
فأهل الحق يقاومون أهل الباطل ، والمنافق يعيش في راحة ورغد ولا كأن الأمر يهمه ، كما قال تعالى في أهل النفاق : (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ) [التوبة : 57] هذه صفة أهل النفاق : (وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ ) [التوبة : 81] ويخذلون عن الجهاد ، دائماً يدعون إلى الراحة وإلى التلذذ بالدنيا ، وينهون عن ارتكاب المشاق وعن الجهاد في سبيل الله ، فالجِلاد مع الأعداء : " يدعون إلى المسالمة حتى يتمكن الباطل ويدخل إلى قعر بلاد المسلمين وهم يقولون : تلذذوا بدنياكم واجلسوا في الظل والبراد إلى آخره ... " .
ومنهم الذين يقولون : لا تردوا على أهل الباطل ، يقولون : فلان هذا عجل وطائش ومتسرع وعقليته ليست مضبوطه إلى غير ذلك من الأوصاف القبيحة وأنهم لا يعرفون فقه الواقع .
من كتاب التعليق المختصر على القصيدة النونية ص (24-27).
|