[عثمان الثمالي]

تقرير "جدوى للاستثمار" للأسواق العالمية
المكاسب القوية في أسواق أمريكا تحفز الأسهم السعودية للنهوض
"الاقتصادية" من الرياض - - 01/11/1429هـ
ارتفعت أسواق الأسهم العالمية خلال اليومين الماضيين حيث استفاد المستثمرون من الأسعار المنخفضة للأسهم بعد التراجعات الأخيرة في الأسواق وسط دلائل على وجود نية لدى البنوك المركزية الرئيسية حول العالم لإجراء خفض على أسعار الفائدة في القريب العاجل. ففي الولايات المتحدة ارتفع كل من مؤشر إس آند بي 500 ومؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 10 في المائة لكل منهما أمس كما حققت أسواق اليابان وهونج كونج مكاسب كبيرة. وتأتي هذه الارتفاعات على الرغم من ورود الأخبار الاقتصادية القاتمة وتزايد الضغوط في دول أوروبا الشرقية، وذلك حسب تقرير "جدوى للاستثمار".
وأدت التوقعات بقيام البنك المركزي الياباني بخفض أسعار الفائدة في اجتماع يعقده غدا إلى تسجيل الين أكبر انخفاض له مقابل الدولار في يوم واحد منذ 30 عاماً. والآن يبدو أنه سيكون هناك خفض لأسعار الفائدة في جميع الاقتصادات العالمية الرئيسية خلال الأسبوع المقبل. كذلك يتوقع أن يقرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي اليوم خفض سعر الفائدة بواقع 0.5 نقطة مئوية كما ينتظر أن يتخذ البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا الخطوة نفسها الأسبوع المقبل.
وساعد التوقع بانخفاض أسعار الفائدة مقروناً بسعي المستثمرين لاصطياد الصفقات الرابحة في دفع الأسواق العالمية نحو المزيد من الارتفاع حيث سجلت الأسواق الأمريكية أفضل ثاني يوم لها على الإطلاق وارتفعت الأسواق اليابانية بنسبة 7.7 في المائة هذا الصباح بعد ارتفاعها أمس بنسبة 6.4 في المائة بينما قفزت أسواق هونج كونج بنسبة 19.8 في المائة خلال اليومين الماضيين. كذلك تحسنت الأسواق الأوروبية أمس حيث ارتفعت الأسواق البريطانية بنسبة 2 في المائة والفرنسية بنسبة 1.6 في المائة والألمانية بنسبة 11.3 في المائة.
وجاء ارتفاع الأسواق الألمانية خلال اليومين الماضيين إثر إعلان شركة بورش زيادة حصتها بدرجة كبيرة في شركة فلكسواجن. وكان كثيرون في السوق يراهنون على أن سعر سهم شركة فلكسواجن سينخفض انطلاقاً من الافتراض بأن الشركة ستتضرر من الكساد الحالي غير أن الخطوة التي اتخذتها شركة بورش أغرتهم فتدافعوا لشراء أسهم فلكسواجن مما أدى إلى ارتفاع قيمة سهمها بأكثر من أربعة أضعاف خلال اليومين الماضيين. والآن تعد فلكسواجن بالقيمة الإجمالية للأسهم أكبر شركة في العالم.
وأيضاً تفاعلت الأسواق الخليجية بطريقة إيجابية مع التحسن الذي شهدته الأسواق العالمية حيث ارتفعت السوق السعودية أمس بنسبة 5.3 في المائة بينما ارتفعت سوق دبي بنسبة 4 في المائة هذا الصباح، وقد جاءت هذه المكاسب في أعقاب الانهيار الحاد الاستثنائي خلال الشهر الماضي. وقبل ارتفاعات أمس كان مؤشر إم إس سي آي Msci لسوق الأسهم العالمية قد تراجع بنسبة 30 في المائة خلال تشرين الأول (أكتوبر) الجاري وأغلق سوق دبي يوم الإثنين على مستوى أقل من 3000 نقطة لأول مرة منذ آذار (مارس) 2005 كما هبطت السوق السعودية إلى أدنى مستوياتها منذ أيار (مايو) 2004.
وجاءت مكاسب أمس على الرغم من ورود المزيد من أخبار التدهور الاقتصادي حيث هبط مؤشر ثقة المستهلك الأمريكي إلى 48 لتشرين الأول (أكتوبر) مقارنة بـ 61.4 لأيلول (سبتمبر) مسجلاً أدنى مستوى له خلال 41 عاماً. وشهدت أسعار المنازل الأمريكية المزيد من الانخفاض في آب (أغسطس) حيث انخفضت الأسعار في هذا الشهر بنسبة 1 في المائة وفقاً لمؤشر كيس- شيلر مما جعلها تقل بنسبة 16.6 في المائة عن مستواها في آب (أغسطس) 2007 وتقل بنسبة 20.3 في المائة عن سعرها الأقصى الذي حققته في تموز (يوليو) 2006. وارتفعت مبيعات المنازل الأمريكية الجديدة بنسبة 2.7 في المائة في أيلول (سبتمبر) وتقلص العدد المتاح من البيوت الجديدة غير المباعة نتيجة لقيام المطوِّرين العقاريين بخفض الأسعار إلى أدنى مستوى لها منذ أربعة أعوام. وبما أن سوق المنازل هي أصل المشكلات التي يعاني منها النظام المالي العالمي حالياً فإن انتعاشها يعد عاملاً مهماً لإحداث انتعاش اقتصادي كبير.
ووقعت دول أوروبا الشرقية تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والمالية خلال الأيام القليلة الماضية. ووافق صندوق النقد الدولي على حزمة إجراءات لإنقاذ المجر وأوكرانيا وشهدت عديد من الدول تدني تصنيفها الائتماني وقامت كازاخستان بضخ خمسة مليارات دولار في قطاعها المصرفي. وفي أيسلندا التي وافقت على برنامج صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي ارتفعت أسعار الفائدة 6 نقاط مئوية لتصل إلى 18 في المائة وذلك بهدف تحقيق الاستقرار لعملتها. وجدير بالذكر أن عديداً من دول أوروبا الشرقية يعتمد بشدة على تدفقات رأس المال الأجنبي الذي نضبت مصادره في الوقت الحالي.
في الوقت الذي تحوّل فيه تركيز الأسواق إلى المخاوف بشأن عمق الركود ومدة بقائه بدأ التحسن في الأوضاع المالية يتوطد، فانخفضت أسعار الاقتراض بين البنوك بالدولار لأجل ثلاثة أشهر بنسبة الربع مقارنة بمستوياتها القصوى التي سجلتها مطلع هذا الشهر حيث تقف الآن عند مستوى 3.46 في المائة. وقد جاء هذا الانخفاض بسبب التحسن الطفيف في مستوى الثقة بسلامة أوضاع البنوك نتيجة انطلاق مختلف البرامج التي أعلنتها الحكومة الأمريكية حيث أعلن 22 بنكاً من البنوك الكبيرة موافقتها على بيع حصص لوزارة الخزانة الأمريكية بموجب خطة إنقاذ القطاع المالي التي خصص لها مبلغ 700 مليار دولار وتمت الموافقة عليها مطلع الشهر الحالي وكذلك بسبب بدء برنامج مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شراء الأوراق التجارية هذا الأسبوع.

التداعيات:

يشير الارتفاع في الأسواق الأمريكية والآسيوية إلى احتمال مكاسب قوية تحققها سوق الأسهم السعودية اليوم. وفي اعتقادنا أن انتعاش السوق السعودية تأخر عن موعده، فقبل تداولات أمس كان السوق منخفضاً بنسبة 28 في المائة منذ نهاية رمضان وبنسبة 39 في المائة منذ نهاية آب (أغسطس). خلال هذه الفترة ضعفت التوقعات بشأن أرباح الشركات بصورة واضحة ولكنها لم تكن بالمستوى الذي انخفضت به السوق حيث يتم تداوله حالياً بمكرر ربحية لسنة سابقة قدره 10.5 في المائة. وعلاوة على ذلك نجد أن هناك 16 شركة يتم تداول أسهمها بأقل من قيمتها الدفترية وهذا يعني أنه إذا ما تمت تصفية شركة ما من تلك الشركات وبيعت كل أصولها تكون القيمة التي تحققها أكثر من القيمة السوقية الحالية للأسهم المطروحة.
تعد سوق الأسهم السعودية عند مستواها الحالي جاذبة للاستثمار على المدى الطويل أما على المدى القصير فستبقى متذبذبة بصورة كبيرة حيث يتأثر اتجاهها بشدة بتقلبات الأسواق العالمية، وليس من الواضح مستوى أدنى انخفاض ستسجله السوق في ضوء الخوف الكبير الذي يسيطر على المستثمرين. وعلاوة على ذلك لا تزال السوق تبدو مرتفعة السعر مقاسة بمكرر الربحية السابق مقارنة بالأسواق المشابهة في الدول الناشئة والدول النامية (يتم تداول أسهم سوق دبي بمكرر ربحية 7.9، سوق البرازيل بمكرر 8.7، سوق الصين بمكرر 8، السوق الروسية بمكرر 4.5، السوق البريطانية بمكرر 7.7، ومؤشر داو جونز الصناعي الأمريكي بمكرر 10.8).