عرض مشاركة واحدة
قديم 11-05-2008   رقم المشاركة : ( 26 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاربعاء7 ذو القعدهـ 1429 هـ الموافق5/11/ 2008

الأزمة رأس .. أم مال!
الاقتصادية السعودية الاربعاء 5 نوفمبر 2008 6:29 ص




نبيل بن عبد الله المبارك

ما يحدث هذه الأيام لم يحدث من قبل حتى إن تحدث الناس عن أنه مشابه للكساد العظيم في عام 1929. وبطبيعة الحال لا يوجد أحد ممن عاشوا وفهموا أحداث 1929 لأن من ولد في ذاك العام يتخطى عمره اليوم 79 عاماً، فما بالك بمن كان في عمر يفهم ويستوعب كما هي حال المراقبين أو المتطفلين اليوم؟! وبالتالي كل من يتحدث عن تلك الأيام فهو يتحدث عن تاريخ مكتوب وليس عن واقع معاش. وبالتالي فإن هذه الأزمة المالية التي نعيشها لن تتكرر كما قال آلان جريسبان قبل 100 عام أخرى. لذا علينا أن نعلم أن أي نظام جديد سينشأ من هذه الأزمة سيستمر مدة قرن جديد كامل على أقل تقدير. إذن مثلما أن هناك أزمة فإن هناك فرصة أمام الجميع لن تتكرر إلا لأجيال لاحقة بعد جيلنا الحالي!


وحتى نختصر في شرح الأزمة من الناحية الفنية، فإن ما حدث كان نتيجة التوسع الكبير في الرهونات العقارية. ولنتخيل حجم هذا التوسع، فقد قفزت من تريليوني دولار إلى ما يقرب من 12 تريليون دولار خلال فترة لا تزيد على ثلاث سنوات. وهو الأمر الذي أصبح الجميع في أمريكا بغض النظر عن الملاءة المالية، قادرا على الحصول على رهن عقاري لشراء منزل ليس بالضرورة للسكن، ولكن للمضاربة وتحقيق هوامش ربحية! والسبب الذي جعل البنوك تتوسع في الرهونات العقارية كون الشركات الاستثمارية أقنعت البنوك والجهات الرقابية والإشرافية على أن المنتجات المهيكلة ستمنع التركز الائتماني لدى تلك البنوك عبر بيع السندات المكونة لتلك الرهونات. وبخلق تلك السلسلة، قفز حجم السندات المهيكلة إلى أرقام حتى اليوم لم تستطع الحكومة الأمريكية تحديدها، ونحن نسمع عن أرقام ما بين 30 تريليون دولار إلى 60 تريليون دولار تشمل استثمارات القطاع المصرفي والاستثماري والتأمين في تلك الأدوات المهيكلة, الأمر الذي يعني أنه حتى يتم تحديد الخسائر الحقيقية فلن نستطيع تحديد إلى أي مدى ستسوء الأزمة . وأنا هنا أتحدث فقط عن أمريكا وما ربط نفسها بها من دول!

كنت أتمنى بصراحة أن تكون هذه الأزمة فرصة لنا كأمة لديها إمكانات ومؤهلات حقيقية تستطيع من خلالها تحقيق إنجازات عالمية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية! وقال زعماء كثيرون على رأسهم ساركوزي رئيس فرنسا إن ما سيتمخض عن الأزمة هو اقتصاد جديد وقوى سياسية جديدة وفكر اجتماعي جديد. ولكن مع الأسف وجدنا أنفسنا نخسر أكثر مما خسره أصحاب الأزمة مقارنة بما نملك. ووجدنا أنفسنا في موقع دفاع بدلاً من موقع الهجوم كما هي العادة. فحالة الهلع التي نعيشها منذ أكثر من شهرين لا تدل على أننا سننجو من أزمة لا ناقة لنا فيها ولا جمل. فما بالك بالمشاركة في تأسيس نظام جديد عالمي! رغم أن الوقت لم يفت حتى الآن وما زال الأمل في بعض القيادات العربية أن تبادر لاستغلال الفرصة، فقد بدأ مسؤولو تلك الدول في طلب المساعدة من دول الخليج!

بالقدر الذي أرى أن تلك الأزمة وحدوثها كان خيراً للإنسانية في هذا التوقيت، بالقدر الذي أرى أننا على هامش المعادلة، إلا من نظريات وحديث عام دون خطط ورؤى واضحة، فقد أُهدرت الأحبار في كل وسائل الإعلام بأن "المصرفية الإسلامية هي الحل". كما هي عبارة الإخوان المسلمين منذ أكثر من 100 عام أن "الإسلام هو الحل". وكل ذلك عبارة عن حق صحيح 100 في المائة.. ولكن! هل حل الإخوان المسلمون مشكلات العالم من خلال مفهومهم الخاص للإسلام؟ وهل حلت المصرفية الإسلامية آلاف الأسئلة التي تطرحها الرأسمالية "الكافرة" كل يوم كما صوروها؟ هل تمت (أسلمة) الرأسمالية؟! فقط للمعلومية فإن جزءاً كبيراً من أسس الرأسمالية الغربية التي جاءت بعد الإقطاعية الغربية مأخوذة أصلاً من الفكر الإسلامي في حرية الملكية الفردية وحرية السوق.

كذلك قرأنا من أرسل خطابات نعي الرأسمالية بجرة قلم، وأنها النظام الفاسد الربوي الذي دمر البشرية! ولم ينتبه إلى أن هذا النظام الفاسد هو الذي يقود البشرية اقتصاديا وحضارياً. فيما انبرى آخرون إلى نفي النعي وتأكيدهم أن الرأسمالية لن تموت وكأنه يتنافس مع فوكوياما حول "نهاية التاريخ" بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. ويريد أن يصبح ملكاً أكثر من الملك نفسه.

الأمور لا تؤخذ بتلك الحدية ولا يتم تناولها بهذه الطريقة, خصوصا في مثل أزمة مالية لها تشعبات متشابكة أكثر من أن تحصى أو يدركها غير المتخصصين. فهل هي أزمة نظام عام أم أزمة تمويل خاص؟ أم أزمة قوى تنهار تحت وطأة العجز المتراكم وصيرورة التاريخ؟ أم هي تصحيح مسار طبيعي لطبيعة ديناميكية مثل النظام الرأسمالي؟


إذا تحدثنا عن الغرب فإن الأزمة هي أزمة مال بحتة مربوطة بمؤشرات تؤثر في كل النواحي الحياتية للغرب. بدأت الأزمة من خلال الاختراعات المالية المتوالية خلال أكثر من عقدين من الزمن. وهذه الاختراعات هي الأدوات المالية المهيكلة التي بنيت على أساس التمويل الائتماني وعلى رأسها الرهن العقاري في أمريكا، وهو ما يعني "صناعة المال من المال"، وبالتالي ابتعدنا عن الإنتاج الاقتصادي الحقيقي إلى اقتصاديات ورقية!

علينا أن نفهم أن المشكلة ليست في التمويل وإنما في المنتجات التي بنيت على أساس التمويل، بحيث إن الجميع حصل على تمويل حتى ذوو الملاءة المالية الضعيفة. حتى يقال إن هناك مهاجرين غير شرعيين مكسيكيين في أمريكا مُنِحوا رهونات عقارية! وبطبيعة الحال كل رهن تبنى عليه أوراق مالية يتم تداولها داخل أمريكا وخارجها. إنها أزمة حقيقة مالية تواجهها أمريكا والغرب ولكنها أزمة مالية خانقة سيستطيعون التغلب عليها خلال فترة قصيرة لا تتعدى ثلاث سنوات على أكثر تقدير إن لم تكن أقل لأسباب كثيرة لا يسع المقام هنا لسردها .. وهذا الفكر لم يكن وليد اليوم والليلة، لكنه جاء نتيجة تراكمات منهجية منذ 1971 عندما تم إلغاء التغطية بالذهب للدولار رسمياً وبقية العملات حول العالم وتحول الفكر ليدور في فلك الدولار الورقي بدلا من الإنتاج الحقيقي والقيم الحقيقية. لا شك أن ثمة أضرارا ستلحق بالغرب عموماً وسيخسرون كثيرا جراء هذه الأزمة على الأصعدة الاقتصادية والسياسية وسيجدون من يبدأ بمساومتهم في تحقيق الحلول لهم وللعالم أجمع. ولكن إحدى أهم مميزات الحضارة الغربية هي المرونة والتفكير البراغماتي الواضح في سبيل تحقيق الأهداف. بيد أن الشاهد من هذا كله أن الأزمة لديهم أزمة مالية ستؤدي إلى مزيد من إعادة التنظيم والتشريع وصياغة نظام مالي عالمي جديد يدور أيضا في فلك الغرب!

أما نحن في الوطن العربي الكبير، فالصورة مختلفة تماماً. نحن لا نعيش أزمة مال وإنما أزمات من نوع مختلف. هل يمكن تلخيص تلك الأزمات؟ نعم إنها أزمة في الرؤوس التي تفكر وتدير وتطور وتزاحم الأمم الأخرى في الإنجاز! إنها أزمة أن تكون متضرراً من رياح لم تنشأ عندك، وتكون أنت أكثر تضرراً رغم أنه كان بالإمكان أحسن مما كان. إنها أزمة في إدارة الثروات وتسجيل الحضور الحقيقي على الأصعدة كافة. بل حتى في عناوين الأخبار التي تتعامل مع الأزمة، لديها أزمة!!! وللتدليل على ذلك عندما تبحث في "جوجل باللغة" العربية تحت عنوان "الأزمة المالية العالمية" تجد نحو 4.2 مليون موضوع حول تلك الأزمة، وعندما تبحث باللغة الإنجليزية نجد أكثر من 30 مليون موضوع تتحدث عن الأزمة! والله من وراء القصد.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس