رد: مزيد من أخبار الأسواق الماليه ليوم الخميس6/11/2008م
الإفصاح عن كبار المساهمين وانتهاكه للخصوصية
الرياض السعودية الخميس 6 نوفمبر 2008 5:08 ص
هشام بن إبراهيم الحمود
شكك بعض الأخوة الزملاء في شرعية ونظامية القرار الذي اتخذته هيئة السوق المالية من نشر قوائم كبار الملاك باعتباره انتهاكاً لخصوصية الأفراد وافشاء لأسرار خاصة لا ينبغي ان يتم الاطلاع عليها على وجه العموم، والكل يتفق ان الشرائع والأنظمة جاءت لحماية مصالح وحقوق الناس وأفراد المجتمع ودعت لاحترام حريات وخصوصيات الأفراد وعدم انتهاكها واعتبار ذلك مخالفة لأبسط حقوق الإنسان، إلاّ ان هذه الحماية تختلف بحسب طبيعة المصالح والحقوق المعتبرة شرعاً ونظاماً فقد تكون السرية التامة هي الشكل المناسب لحماية تلك المصالح مثل السرية التي تتعلق بالمعلومات التي لدى الطبيب عن مريضه أو لدى البنك عن عميله، وقد يكون الإعلان والافصاح هي الطريقة المثلى لحماية المصالح والحقوق مثل تلك المتعلقة بتسجيل العلامات التجارية وبراءات الاختراع.
وحفظ المال من المقاصد الشرعية التي أكدت عليها الشريعة الإسلامية وحماية الأموال والاستثمارات من حفظ المال، ومما يرتكز عليه الأفراد في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية هو معرفة شركائهم في الاستثمار وإذا كانت القوانين والأنظمة قد أسهبت في أهمية السرية في بعض الأعمال خصوصاً المصرفية منها وجرمت الاعتداء عليها فإنها أكدت على النقيض من ذلك على ضرورة الافصاح والشفافية في أعمال الشركات المساهمة وعاقبت على عدم الافصاح أو إعطاء معلومات مضللة أو غير صحيحة. والحقيقة ان كل ما يحارب الضبابية والتعتيم التي تعانيه بعض منهجيات العمل التجاري والحكومي في التنظيم والإجراءات ويدعو إلى الافصاح والشفافية فإنه لأمر منشود ومرحب به.
ومع ذلك، فإن نشر أسماء الشركاء أو المساهمين ليس بالأمر الجديد في عالم الشركات، فتأسيس أي شركة بأشكالها القانونية المختلفة تتضمن الزامية نشر عقد الشركة الأساسي الذي يتضمن أسماء الشركاء وحصصهم في الجريدة الرسمية بالإضافة إلى جريدة محلية يومية وهذا لا يعد انتهاكاً أو اعتداء على خصوصية الفرد الذي قد يرغب في اضفاء السرية على أعماله التجارية، كما ان أي تغيير في ملكية الشركة يستتبع ذات الإجراء من نشر وإعلان في الصحف.
وكما ان نظام الشركات السعودي (وغيره من أنظمة الشركات في الدول الأخرى) قد قيد حرية مؤسسي الشركات المساهمة في بيع أسهمهم إلاّ بعد مرور فترة معينة خلافاً للأصل في حرية الشخص في بيع ما يملك، فمن المقبول تماماً ان يضع قيوداً على ملكية المستثمر أياً كان بالإعلان عن اسمه إذا تجاوزت ملكيته نسبة معينة ولا يعد ذلك افشاء لسر أو انتهاكاً لخصوصية.
ومن المعلوم أنه عندما يرى المستثمر ان من بين ملاك شركة ما عدداً من كبار رجال الأعمال أو كبار المنشآت الاستثمارية، سيتأثر قراره في الاستثمار في شركة أخرى لا توجد فيها استثمارات ظاهرة بنسب عالية، وكذلك عندما يرى المستثمر ان شركة من الشركات العائلية أو غير العائلية لم ينسحب أياً من أفرادها المؤسسين منها سيتأثر قراره في الاستثمار في شركة قد انسحب أفرادها المؤسسون وباعوا أسهمهم فيها، وقس على ذلك.
ولذلك فلعل الكثير يؤيد في أنه من المستحسن ان تقوم هيئة السوق المالية بنشر أسماء الملاك الذين يملكون 2% أو 3% لكي تكون الصورة أكثر وضوحاً لكل مستثمر عن هوية شركائه في أي منشأة ينوي الدخول فيها، ونؤيد هنا ما ذهب إليه المحلل الأستاذ راشد الفوزان في ان يكون الافصاح عن الذين يملكون تلك النسبة من الأسهم الحرة وليس من مجمل الأسهم.
وقبل كل شيء، فإن الهدف الأساسي من نشوء الشركات المساهمة العامة كشكل من أشكال الشركات هو مشاركة أفراد المجتمع بكافة شرائحه في مثل تلك الشركات ويفترض تباعاً ان يكون لها دور اجتماعي بناء وان يجني ثمارها أولئك الأفراد، لا ان يتعرضوا بين كل فترة وأخرى لخسائر كبيرة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وما عانت منه سوق الأسهم السعودية من خفقات لم يكن بسبب ظروف خارجية على الاطلاق، وإنما كان لأسباب عديدة من أهمها انعدام الشفافية.
وأهم ما يميز الشركات المساهمة العامة عن غيرها من أشكال الشركات الأخرى هي ميزة الافصاح والشفافية ونشرات الإصدار الخاصة بكل شركة يجب ان تكون مليئة بمعلومات مفصلة تعكس مركز الشركة المالي والقانوني والمشاكل والقضايا التي تواجهها وخططها وإمكانياتها بكل حيادية قدر الإمكان وإذا كان أي مستثمر لا يرغب في نشر اسمه من بين كبار الملاك فله ان يدير أمواله خارج السوق المالية، فمن المعلوم ان نشر أسماء كبار المساهمين هو من مسلمات الافصاح في أنظمة الأسواق المالية المختلفة. ولأي قارئ ان يطلع على الأسواق المالية المتقدمة ليرى كيف يتم الافصاح عن كبار المساهمين والذين قد يملكون أقل من نسبة 5%.
ونختم بالتأكيد والتنبيه على ان تفعيل الأسواق المالية وتحديد أسعار الأسهم وغيرها من الأوراق المالية يفترض ان يكون بناء على المعلومات المتاحة لكافة المتعاملين فيها، بمعنى ان السوق الأكثر مثالية هو السوق الذي يحصل كل المتعاملين فيه على نفس القدر من المعلومات في ذات الوقت ما أمكن، وإلاّ فإن أقلية نافذة ستستغل ما توافر لديها من معلومات لتكسب هي وتخسر البقية.
|