رد: مزيد من أخبار الأسواق الماليه ليوم السبت8/11/2008م
الأوتار الثلاثة التي عزف عليها جوردون براون في الخليج
الوطن السعودية - عبدالله ناصر الفوزان 08/11/2008
ثلاثة أوتار انتقاها رئيس الوزراء البريطاني ليعزف عليها وهو يزورنا هنا في الخليج في مهمته (المقدسة) لـ(إنقاذ العالم) من الإفلاس... أولها... الاحتياطيات الخليجية... والثاني... سلامة البنوك السعودية من أضرار الأزمة المالية العالمية... والثالث... القيادات السياسية الخليجية الشابة في دول الخليج.
براون جاءنا في المرة الأولى ليحثنا على زيادة إنتاج البترول كي تنخفض أسعاره... وها هو يأتينا للمرة الثانية بعد عدة أشهر ليس لكي يحاول تخفيض أسعار البترول فقد انهارت الأسعار الآن، ولكن لكي نقدم ما توفر لنا من احتياطيات مالية نتجت من زيادات في إنتاج البترول التي لم نكن أصلاً في حاجة لها وكان المفروض أنها من حق أجيالنا القادمة... جاء ليحثنا على أن نقدمها لدعم اقتصادات الدول الأخرى عن طريق البنك الدولي الذي يسيطر الغرب على سياساته ويستفيد سياسياً من برامجه.
لقد جاء إلينا (براون) للمرة الثانية في مهمة تبدو أنها اقتصادية بحتة، لكنها في حقيقة أمرها سياسية تخصه شخصيا هو وحزبه... جاء ليقول في المرة الأولى إن العالم يحتاج للمزيد من بترولنا وإنه ينبغي علينا أن نزيد إنتاجنا... وليقول في المرة الثانية بعد أن زدنا الإنتاج إنه قد توفر لدينا احتياطيات مالية وإن من يتوفر لديه احتياطيات مالية فلا بد أن يساعد غيره ممن لا يتوفر لديه ذلك... أي أنه بسلامته يعزف على الوتر الأخلاقي كي يأخذ بترولنا ببلاش.
ويبدو أنه بالنسبة للوتر الثاني التقط مجموعة التطمينات التي قالها الإخوة المسؤولون في مؤسسة النقد عندنا عن سلامة النظام المصرفي لدينا من أضرار الأزمة العالمية فأشاد بهذه السلامة وطمأننا (مشكوراً) في قول له ظاهر معروف وباطن مقصود وهو أنه طالما أن نظامكم المصرفي سليم وأن الأنظمة المصرفية في مختلف أنحاء العالم يعمها الخراب والدمار فالمفروض أن تقدموا يد العون للآخرين فالأصحاء لا بد أن يهبوا لإسعاف المرضى.
ويبدو أنه التقط كذلك ما تناقلته بعض الأوساط الخليجية عن قياداتها السياسية الشابة فاستخدم هذا وتراً ثالثاً وعزف عليه في إحدى محطات سفره في بلدان الخليج، فأشاد بهمم ونشاط تلك القيادات السياسية الشابة وطموحاتها وطاقاتها ونخاها بالطريقة الخليجية لكي تنقذ العالم بهمتها وفتوتها وأموالها، وزاد على ذلك بمطالبتها بأن تقدم للعالم (خبرتها) بالقدوم إلى بريطانيا والمساهمة في حل مشاكل العالم الاقتصادية المتفاقمة بأفكارها الفذة من على المنابر الاقتصادية البريطانية.
حسناً... رئيس الوزراء البريطاني جاء إلينا مرتين خلال فترة وجيزة في مهمة تبدو اقتصادية بحتة... كأنه وكيل المجتمعات الإنسانية المعين لإنقاذها من أزمتها العالمية الكبرى... في حين أنه جاء إلينا كما يبدو مستثمرا تلك الأزمة لخدمة نفسه وخدمة حزبه سياسياً.
لقد وصل للسلطة في بلاده منذ فترة وجيزة عن طريق عملية تجميل ضرورية قام بها الحزب أزاح بها عضوه السيد بلير بعد أن أصابه الترهل وزرع مكانه العضو براون... وهي عملية كانت تبدو عندما تمت طارئة تم خلالها زرع العضو الجديد (براون) بشكل مؤقت بينما يرتب الحزب أوضاعه ويعين رئيس حزب جديداً يتسم بالحيوية السياسية والقدرة على نسج العلاقات الإنسانية وعلى الابتسام وهو ما لا يتمتع به براون.
لكن حصل عندما تفجرت الأزمة المالية العالمية وبعد أن فشلت الخطة الأمريكية في السيطرة على تلك الأزمة أن قدم براون خطة بديلة ومختلفة للدول الأوروبية حققت بعض النجاح وأشادت بها أطراف عديدة في أوروبا وأمريكا فأعطى ذلك براون بعض الوهج والأمل في أن يستطيع إذا واصل جهوده كـ(منقذ للعالم) أن يعزز مكانته السياسية لدى حزبه ويستعيد الأمل المفقود في الاستمرار في زعامة الحزب ورئاسة الوزراء.
من حق السيد براون أن يكون له طموحات سياسية عريضة، ومن حقه أن يسعى لتعزيز هذه الطموحات، ولكن ليس على حسابنا في دول الخليج، وليس عن طريق العزف على تلك الأوتار، التي بصراحة أسمعنا باستخدامها ألحانا إذا كانت جميلة في أسماع بعض أعضاء حزبه ومواطنيه وبعض زعامات العالم الغربي فهي بالنسبة لنا ليست ممتعة على الإطلاق، فدول الخليج من أكثر المتضررين من الأزمة بعد انهيار أسعار البترول وأسعار البتروكيماويات إلى أكثر من النصف... ومع هذا نقول إنه يفترض أن تقوم الدول الخليجية بدورها في مواجهة الأزمة العالمية بطريقة الدول الأوروبية الأكثر ثراء منها بما فيها بريطانيا... أفلا يكفي هذا..؟
|