مدينة الكفرة مدينة الكفرة مدينة الكفرة مدينة الكفرة مدينة الكفرة
ليبيا: مدينة الكفرة تترقب عقاباً جماعياً.. والسلطات تحشد قواتها تمهيداً لهجوم
القاهرة: خالد محمود
أرسلت السلطات الليبية تعزيزات عسكرية إلى مدينة الكفرة التي تشهد منذ أربعة أيام حالة تمرد علنية أدت إلى اشتباكات دامية بين سكان المدينة من قبائل التبو وأجهزة الأمن الليبية، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين. وقالت مصادر في المدينة التي تقع جنوب ليبيا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف إن طائرة هليكوبتر عسكرية مسلحة بالرشاشات يطلق عليها السكان المحليون اسم «بوما» هبطت بمطار الكفرة العسكرية قادمة من العاصمة الليبية، طرابلس، بينما استدعت السلطات الليبية احتياطي قوات الأمن وسط حالة تأهب وترقب لاحتمال تعرض المدينة لعقاب جماعي. وروى السكان الذين تمكنت «الشرق الأوسط» من الحديث معهم واشترطوا عدم تعريفهم، أن المدينة دخلت ما وصفوه بحالة الشلل التام حيث اختفت المواد الغذائية والسلع التموينية، بينما خلت شوارع المدينة من حركة المارة والسيارات. وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة لا زالت مطوقة عسكريا وأمنيا والكهرباء مقطوعة ولا توجد مياه شرب، مشيرا إلى أن بعض السكان لجأوا إلى شرب المياه الملوثة والراكدة.
من جهته، قال ياسين التباوي لـ«الشرق الأوسط» هناك تجميع وحشد للقوات العسكرية يجري على مشارف المدينة. وأضاف «بتنا على شفا كارثة. لقد نفد حتى حليب الأطفال من المدينة التي أغلقت محلاتها التجارية أبوابها ولم يعد فيها ما يُشترى ويُباع». وأضاف «حالياً لدينا أربعة جرحى، حالتهم حرجة وخطرة للغاية وبعض الجرحى نقلتهم السلطات الليبية إلى جهات غير معلومة، ونفتقد أية معلومات عنهم». وفى ثاني إشارة شبه رسمية إلى الأحداث التي تفرض عليها السلطات الليبية تعتيما إعلاميا ورسميا، اعتبرت صحيفة «أويا» المقربة من المهندس سيف الإسلام، النجل الثاني للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، أن ما حدث في الكفرة هو نتيجة نزاع نشب بين مواطن وبعض عناصر التبو الذين وفدوا من خارج البلاد، مشيرة إلى أن الشجار تطور إلى اعتداء على المواطن وزوجته وتهشيم سيارته أثناء مروره بمنطقة عشوائية ضمن التجمعات غير الشرعية التي يلجأ إليها الوافدون من البلاد المحيطة. وأضافت «الذين أثاروا المشاجرات الأخيرة هم من غير المقيمين إقامة دائمة في شعبية الكفرة، ومن دخلوا متسللين من الأراضي التشادية». وقالت الصحيفة في عددها الصادر أمس إن قبائل التبو من القبائل العريقة التي يعود تاريخ وجودها إلى مئات السنين، وهي أفريقية يوجد بعضها في ليبيا بشكل رسمي ضمن النسيج الاجتماعي للمجتمع الليبي، توفر لهم الدولة المسكن الصحي اللائق والحياة الكريمة.
ورأت الصحيفة أن الهجرة غير الشرعية التي تستهلك جهود التطوير والبناء تؤرق السكان في مدينة الكفرة. وتبدو الحاجة ملحة حسبما ذكر بعض الأفراد في المدينة للعمل على تنظيم الدخول إلى البلاد عبر نظم متبعة في أنحاء العالم كافة وعدم ترك الثغور والمنافذ مباحة دون تنظيم.
لكن حقوقيين ومعارضين ليبيين مناوئين لنظام العقيد القذافي، قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن التشكيك في جنسية أبناء قبائل التبو ومحاولة الإيحاء بأنهم وافدون أجانب من خارج البلاد لا يساعد على حل المشاكل المتراكمة التي تشهدها المناطق التي يسكنها أبناء القبائل الذين يمثلون نحو 20 في المائة من إجمالي عدد سكان ليبيا. ويشار إلى أن جبهة التبو لإنقاذ ليبيا ناشدت الشهر الماضي، منظمة المؤتمر الإسلامي، بالتدخل لدى الزعيم الليبي، لإثنائه عن قرار غير معلن تقول إن السلطات الليبية اتخذته أخيراً، يقضي بمنع أبناء هذه القبائل من أداء مناسك العمرة وفريضة الحج إلى الأراضي المقدسة هذا العام. وقال عيسى عبد المجيد منصور، رئيس الجبهة لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام الحاكم في ليبيا أصدر قراراً سرياً ويقضي بمنع أبناء التبو من أداء فريضة الحج والعمرة، مع أن وراء كل خمسة أفراد فرداً أمنياً يرافقهم حتى في قضاء حوائجهم على حد تعبيره. وروى منصور أنه من جملة التعليمات الصادرة في القرار السري: عدم قبول الأسماء التي توحي بان المسمى ينتمي إلى قبائل التبو، وعدم تمكين الذين يحملون المستندات من تجديدها، بالإضافة إلى إحضار ما يفيد بتعاون المعني مع الأجهزة الأمنية. وأوضح أن عدد المتقدمين من أبناء قبائل التبو المنتشرين جنوب ليبيا، والذين حاولوا التقدم، العام الحالي، لأداء مناسك الحج والعمرة، بلغ 454 ما بين الرجال والنساء، مشيرا إلى أنهم وبعدما خيبت آمالهم، يناشدون منظمة المؤتمر الإسلامي ويطلبون منها التدخل لدى النظام الحاكم في ليبيا. لكن مصادر ليبية رسمية قالت في المقابل إنه ليس لديها علم بوجود قرار يستثني أبناء قبائل التبو من أداء مناسك الحج والعمرة هذا العام، مشيرة إلى أن قرعة الحج التي أعلنت أخيرا ربما لم تمكن بعضهم من المشاركة. ونفت المصادر وجود حملة اضطهاد رسمي ليبية حكومية مستهدفة ضد أي جماعة أو قبيلة ليبية، مؤكدة أن الحكومة الليبية سعت هذا العام إلى التخفيف عن المواطنين في تحمل نفقات تذاكر السفر والطيران إلى السعودية في هذا الإطار