عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2008   رقم المشاركة : ( 19 )
فاعل خير
أبو عبدالله

الصورة الرمزية فاعل خير

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 566
تـاريخ التسجيـل : 26-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 13,279
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 339
قوة التـرشيــــح : فاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادة


فاعل خير غير متواجد حالياً

افتراضي رد: صور من ابتلاء العلماء

بين أبي يوسف القاضي وهارون الرشيد
عندما طلب هارون الرشيد من أبي يوسف القاضي وضع كتاب الخراج لم يفت القاضي أن يقدم النصيحة للخليفة في مقدمة الكتاب فقال: يا أمير المؤمنين: ان الله وله الحمد, قد قلّدك أمرا عظيما, ثوابه أعظم الثواب, وعقابه أشد العقاب, قلدك أمر هذه الأمة, فأصبحت وأمسيت وأنت تبني لخلق كثير, قد استرعاكهم الله وائتمنك عليهم وابتلاك بهم وولاك أمرهم, وليس يلبث البنيان اذا أسس على غير التقوى أن يأتيه الله من القواعد فيهدمه على من بناه وأعان عليه. فلا تضيّعن ما قلدك الله من أمر هذه الأمة الرعية, فان القوة في العمل باذن الله, لا تؤخر عمل اليوم الى الغد, فانك اذا فعلت ذلك أضعت, ان الأجل دون الأمل, فبادر الأجل بالعمل فانه لا عمل بعد الأجل, ان الرعاة مؤدون الى ربهم ما يؤدي الراعي الى ربه فأتم الحق فيما ولاك الله وقلدك ولو ساعة من نهاره, فانّ أسعد الرعاة عند الله يوم القيامة راع سعدت رعيّته, ولا تزغ فتزيغ رعيّتك, وايّاك والأمر بالهوى والأخذ بالغضب واذا نظرت الى أمرين, أحدهما للآخرة والآخر للدنيا فاختر أمر الآخرة على الدنيا, فان الآخرة تبقى والدنيا تفنى ولكن من خشية على حذر, واجعل الناس عندك في أمر الله سواء القريب والبعيد, ولا تخف في الله لومة لائم, واحذر فان الحذر في بالقلب وليس باللسان, اتق الله فانما التقوى بالتوقي, ومن يتقي الله يتقه.
اني أوصيك يا أمير المؤمنين بحفظ ما استحفظك الله, ورعاية ما استرعاك الله, وألا تنظر في ذلك الا اليه وله, فانك ان لا تفعل تتوعّر عليك سهولة الهدى وتعمى في عينيك وتتخفى رسومه, ويضيق عليك رحبه, وتنكر منه ما تعرف, وتعرف منه ما تنكر, فخاصم نفسك خصومة من الفلج لها لا عليها, فان الراعي المضيّع يضمن ما هلك على يديه ما لو شاء رده عن مواطن الهلكة باذن الله.
وأورده أماكن الحياة والنجاة فان ترك ذلك أضاعه وان تشاغل بغيره كانت الهلكة عليه أسرع وبه آخذ. واذا أصلح كان أسعد من هنالك بذلك, ووفاه الله أضعاف ما وفى له.
فاحذر أ، تضيع رعيّتك فيستوفي ربها حقها منك ويضيّعك بما أضعت أجرك, وانما يدعم البنيان قبل أن ينهدم, وانما لك من عملك ما عملت فيمن ولا الله أمره, فلست تنسى ولا تغفل عنهم وعما يصلحهم, فليس يغفل عنك ولا يضيع حقك من هذه الدنيا. وأوصيك في هذه الليالي والأيام بكثرة تحريك لسانك في نفسك بذكر الله تسبيحا وتهليلا وتمجيدا والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة وامام الهدى.
(مقدمة كتاب الخراج للامام أبي يوسف القاضي).
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس