[عثمان الثمالي]

بعد التداول
مسرحية الاقتصاد العالمي



عبدالله الجعيثن
يبلغ الناتج الاقتصادي للعالم كله ما يقارب تسعين ألف مليار، هذا هو الاقتصاد الحقيقي، في المقابل بلغت أقيام بورصات العالم مجتمعة أكثر من مئتي ألف مليار قبل انهيارها، وحتى بعد الانهيار لا تزال قيمها أعلى من الاقتصاد الحقيقي.
أما الطامة فهي الأموال الوهمية التي خلقتها البنوك (وخاصة الأمريكية) فهي تزيد على ستمائة ألف مليار، أي أكثر من اقتصاد العالم كله ست مرات!!.. وتم ذلك عبر المشتقات المالية وتداول سندات الرهن العقاري بين المصارف أكثر من عشر مرات!.

ان هذا شيء خارج عن المعقول، يشبه تماماً المسرحية المصرية الهزلية (عش المجانين) بطولة (حسن عابدين) و(محمد نجم) والأخير يقوم بدور ثلاثة رجال طبق الأصل عدا الملابس، فلا يكاد (عابدين) يخلص منه ويرتاح حتى يخرج له من تحت الأرض، مرة رماه في البحر من النافذة لأنه آذاه جداً ولم يكد يفرح برؤيته يغوص في الأعماق حتى جاءه من الخلف يصرخ: "شفيء ياراجل"!.

قيمة الأسهم المتداولة في البورصة السعودية (في عز ارتفاعها).

وهو أضعاف الناتج الوطني للمملكة.. ان هذا يعني اعادة النظر في الحرية المطلقة للسوق والتي تبناها (فريدمان) الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد ومستشار (ريجان) والذي قال حين أحاط به الصحفيون فور تتويجه بجائزة نوبل مجيباً على كل اسئلتهم بجملة واحدة.

(الاقتصاد لعبة)!..

ثم خرج، ثم اقنع الرئيس (ريجان) بتخلي الدولة عن الانشطة التجارية بالتخصيص الكامل وعدم التدخل في أعمال الشركات والمصارف إلا بأقل الحدود، وسابقت (مسز تاتشر) ريجان ومستشاره في تطبيق ذلك وجعل السوق يعمل كما يشاء، باعتبار أن الناس راشدون وأن المنافسة كاملة على رأي (فريدمان) فيد السوق الخفية تصلح الأمور.

الواقع أثبت أن يد السوق الخفية أفسدت السوق والاقتصاد والبنوك، في ظل غياب الرقابة او شبه غيابها، فتم تداول سندات الرهن العقاري المطالب بها مفلسون عدة مرات (بيعت مراراً ورهنت مراراً بما يشبه مسرحية عش المجانين).

خلاصة هذا كله أن الرأسمالية بدون أنظمة دقيقة ورقابة وعقبات صارمة تمنع الاحتيال والتدليس والاحتكار تصبح غابة.