أكدت أنه إذا حدث تراجع كبير وسريع في أسعار العقارات فستكون آثار سلبية.. وكالات تصنيف لـ "الاقتصادية":
لا بد من قياس الالتزامات المباشرة للبنوك الإسلامية الخليجية أمام سوق العقارات
محمد الخنيفر من الرياض
حذر عدد من وكالات التصنيف الدولية من أن يكون تأثير الأزمة الائتمانية العالمية أقوى على البنوك الإسلامية الخليجية من البنوك الآسيوية، مرجحين أن انكشاف بعض تلك البنوك على العقارات سيؤدي إلى "انهيارها".
وقال بادلشاه عبد الغني، كبير التنفيذيين في بنك CIMB الإسلامي في ماليزيا، "إن المساعدات الحكومية يفترض أن تعمل على إنقاذ الصناعة من التعرض لتباطؤ طويل الأمد".
ومع هذا فقد بثت وكالة "موديز" الطمأنينة في نفوس المراقبين للقطاع المصرفي السعودي عندما أثبت لـ "الاقتصادية" بالأرقام مدى انكشاف البنوك السعودية بكافة أطيافها للقروض العقارية والتي تبلغ 7.1 في المائة مقارنة بالمتوسط العام لمنطقة الخليج الذي بلغ 13 في المائة بصورة عامة نهاية عام 2007.
البنوك الإسلامية لم تتأثر على أي نحو يذكر بالجمود المترتب على الأزمة الائتمانية حتى الآن، ولكن يحذر بعض الخبراء من أن هذه الصناعة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار لن تكون بمعزل عن تداعيات الأزمة، في الوقت الذي تهبط فيه أسعار السلع والعقارات والنفط. وجميع هذه القطاعات من المحركات الرئيسية لقطاع التمويل الإسلامي.
وأضاف بادلشاه أن أثر الأزمة الائتمانية الطاحنة على البنوك الإسلامية الخليجية يمكن أن يكون أقوى من أثرها على البنوك الآسيوية، وذلك بالنظر إلى انكشافها الكبير أمام سوق العقارات.
وقال في كلمة أثناء مؤتمر قمة رويترز لإدارة الثروات المنعقد في سنغافورة: "البنوك الإسلامية المدعومة من الدولة مأمونة تماماً، وستدعمها الدولة إذا تعرضت لمشاكل في السيولة". "ولكن بالنسبة للبنوك الخاصة فإنها ستعاني بعض الصعوبات. ولا يعلم أحد على الإطلاق إن كانت ستنهار أم تصمد أمام العاصفة، ولكن هناك توقع بأن بعضها سيتعرض للانهيار".
ولمعرفة مدى صحة تلك التصريحات الآسيوية من عدمها، تحدثت "الاقتصادية" مع أحد خبراء الصيرفة الإسلامية لدى "موديز"، وهو أ??ر ???ن، ???? ا????? و???? ا????ن أول ??ى "??د??"، أهمية التثبت من مسألة قياس الالتزامات المباشرة للبنوك الخليجية أمام سوق العقارات.
وقال " إن نسبة القروض العقارية إلى إجمالي القروض في منطقة الخليج كانت 13 في المائة بصورة عامة بنهاية عام 2007. أما في السعودية فقد كانت النسبة 7.1 في المائة، وهو معدل يقل كثيراً عن المتوسط العام للمنطقة. ومن حيث الترتيب بالنسبة لمقدار الالتزامات في سوق العقارات فإن البنوك العمانية فقط هي التي توجد فيها التزامات تقل عن التزامات البنوك السعودية. وفي جميع الدول الأربع الأخرى فإن نسبة التزاماتها في سوق العقارات تزيد على نسبة السعودية".
وتابع "ومن حيث الاتجاهات العامة، فإن التزامات البنوك السعودية في مجال العقارات في دفاتر قروضها مستقرة منذ فترة وتقع في خانة 7 إلى 9 في المائة. أما في الكويت وقطر والبحرين فإن القروض التي منحت للعقارات وللإنشاءات شهدت زيادة حادة. أما في عمان والإمارات فقد انخفضت النسبة قياساً بالدول الأخرى. وبصورة عامة فإن هذا يعني أن المخاطر أمام البنوك السعودية من حيث التزاماتها بالسوق العقارية هي أدنى من المخاطر أمام معظم البنوك الخليجية".
تقول "موديز" في تحليلها الذي خصت به "الاقتصادية" " حين نأتي للبنوك الإسلامية على وجه التحديد، نرى مقارنة تبين موقع المؤسسات المالية الإسلامية السعودية من حيث التزاماتها المباشرة وغير المباشرة في سوق العقارات. يشتمل هذا على القروض العقارية والقروض المخصصة للإنشاءات، وقروض الممتلكات العقارية المباشرة وبعض الافتراضات بخصوص القروض الأخرى، التي يمكن أن تُستخدَم نسبة معينة منها في تمويل العقارات. و يقوم افتراضنا على أن 25 في المائة من القروض الاستهلاكية تستخدم للعقارات، وأن 15 في المائة من الالتزامات الائتمانية الأخرى غير المحددة تخصص هي الأخرى للعقارات بصورة أو بأخرى".
وهنا يقول أنور:" إن البنوك الإسلامية في المملكة لا توجد لها شهية عالية تذكر للدخول في التزامات ائتمانية خاصة بسوق العقارات، شأنها في ذلك شأن البنوك غير الإسلامية. وحتى حين نقوم باحتساب الالتزامات غير المباشرة لقروض سوق العقارات وإدخال هذه الالتزامات ضمن النسبة التي تقيس مقدار "القروض المخصصة لأغراض عقارية" إلى "إجمالي محافظ القروض والموجودات وحقوق الملكية"، فإن هذه النسبة تظل عادية دون إفراط. في الأحوال العادية، بالنظر إلى افتراضاتنا ، فإن الالتزامات المباشرة وغير المباشرة أمام سوق العقارات يمكن أن تشكل ثلثي حقوق ملكية المساهمين، وهو ما يعني بدوره أنه إذا خسرت هذه القروض 50 في المائة من قيمتها، فإن ثلث قيمة حقوق الملكية (أي الأسهم) ستتعرض للتلف. وبالنظر إلى أن البنوك السعودية في المتوسط ستخدم نسبة العائد على حقوق الملكية بمعدل 20 في المائة، فإن أسوأ سيناريو (في حالة انهيار سوق العقارات) يعني أن البنوك تستطيع امتصاص الخسائر بعد تحقيق 18 شهراً من الأرباح، وهو رقم يعتبر طيباً بالمقارنة بالدول الأخرى في منطقة الخليج".
ولم تختلف وكالة "ستاندرد آند بورز" عن نظيرتها "موديز" من حيث تطميناتها الخاصة بالقطاع البنكي السعودي، يقول محمد دمق، كبير المحللين الائتمانيين، "في اعتقادي أنه ما زال تعرض البنوك السعودية وانكشافها لقطاع العقار في حدود المعقول. فأحد البنوك السعودية الإسلامية لديه نحو 15 في المائة من موجوداته فقط في هذا القطاع مقارنة بأكثر من 30 في المائة لبنك دبي الإسلامي مثلاً." و يتابع "ولكن إذا حدث تراجع كبير وسريع في أسعار العقارات، فمما لا شك فيه أن الآثار ستكون سلبية. إن السيناريو الافتراضي الأساسي الذي وضعناه لا يفترض حدوث انهيار في القطاع العقاري. وبالنسبة للسعودية، فإن الديناميكيات مختلفة لأن هذه السوق أقل ميلاً إلى المضاربة من الأسواق الأخرى، كسوق دبي. أضف إلى ذلك أن نسبة كبيرة من سكان المملكة تحت سن الخامسة والعشرين وإن نسبة المّلاك متدنية مقارنة بالأسواق الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتعتبر هذه العوامل من الأمور القوية التي تعمل لصالح استدامة الطلب على العقارات في المملكة".
علامات على وقوع المتاعب
خلال العام الماضي ذكرت وسائل الإعلام أن التمويل الإسلامي، الذي لا يقبل بالمضاربات والإفراط في المخاطر التي تدخل فيها البنوك التقليدية، يعتبر ملاذاً آمناً، في الوقت الذي تعصف فيه الأزمة الائتمانية بالأسواق المالية العالمية.
ولكن هناك علامات، بحسب "رويترز"، تشير إلى وجود مشاكل في صناعة التمويل الإسلامي، منها موجة إلغاء بيع عدد من الصكوك الإسلامية، وتدني الأرباح في بعض البنوك الخليجية الكبرى.
وقال بادلشاه إنه لو انهار أحد البنوك الإسلامية الخليجية فإن هذا يمكن أن يؤذي الصناعة، رغم أنه لو حدث أي تباطؤ فإن من المرجح أنه لن يكون طويل الأمد.
وعن الأسباب التي جعلت "موديز" تتيقن من كون البنوك الإسلامية السعودية أقل عرضة للتأثر في حال وقوع صدمة في سوق العقارات ، يقول أنور "السبب الأول هو الأنظمة. إذ يغلب على مؤسسة النقد العربي السعودي أن تضع سقفاً على نسبة التزامات البنوك أمام قطاعات معينة، خصوصاً قطاع العقارات والممتلكات، وهي ترصد مقادير الالتزامات بعناية. الثاني هو عدم تفعيل قوانين الرهن العقاري، الذي يحد إلى درجة لا يستهان بها من شهية البنوك لتمويل العقارات السكنية والتجارية على نطاق واسع. الثالث هو أن المملكة بلد واسع يشتمل على تنوع طبيعي في قطاع الممتلكات يفوق ما لدى الدول الخليجية الأخرى الأصغر حجماً. الرابع هو أن الضغط الموجود على سوق الممتلكات في المملكة أقل نسبياً مما هي الحال في بعض الدول الأخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بالنظر إلى القدر الأقل من المضاربات والأسعار الأقل عرضة للتقلب، والقدر الأكبر من الطلب الفعلي على المساكن والممتلكات التجارية، وهو طلب تحركه العوامل السكانية في المملكة أكثر مما يحركه المزاج العام وأهواء المستثمرين".