رد: مزيد من أخبار الأسواق الماليه ليوم السبت15/11/2008م
العواقب البشرية المحتملة لانهيار النظام المالي
الخليج الاقتصادي الإماراتية السبت 15 نوفمبر 2008 10:38 ص
بعد أسابيع من الاضطرابات المالية والاقتصادية، تحولت المناقشات العامة أخيراً نحو العواقب البشرية المروعة المحتملة نتيجة لانهيار النظام المالي العالمي . وعلى الفور، أصبحت المقارنات بالأزمة الاقتصادية العظمى التي ألمت بالعالم أثناء ثلاثينات القرن العشرين تشكل جزءاً أساسياً من الخطاب العام وهذا ليس بالأمر المستغرب . وسلطت الأزمة الحالية الضوء على العديد من الدروس التي يتعين على العالم أن يتعلمها من النقطة الأشد إظلاماً في القرن العشرين .
في المقام الأول، يتعين علينا أن ننتبه إلى الحاجة الثابتة إلى التدخلات الاجتماعية والاقتصادية في أوقات الأزمة الاقتصادية . إن الركود الاقتصادي قد يؤدي إلى استبعاد، بل وفي بعض الأحوال اضطهاد، أكثر الفئات ضعفاً في المجتمعات . ولهذا السبب تبنى العالم إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان في العام ،1948 وللسبب نفسه أيضاً أصبحنا في حاجة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى إلى ترسيخ مبدأ المساواة العالمية من أجل كل البشر .
يتعين على دول العالم أن تتحرك الآن لضمان حصول الجميع بغض النظر عن ثرواتهم، أو أعراقهم، أو أجناسهم، أو أديانهم على الحقوق نفسها، وتكريس هذه الحقوق في القوانين حال استنانها .
في أكتوبر/تشرين الأول، اجتمع 128 من كبار الخبراء في مجالات حقوق الإنسان والمساواة من 44 دولة لتدشين محاولة رائدة للبناء على ذلك الإعلان العظيم الذي صدر عن الأمم المتحدة في العام ،1948 لإقامة المساواة والعدل بين البشر . وفعلنا ذلك بإطلاق “إعلان مبادئ المساواة” وهو الإعلان الذي استند إلى السابقات التاريخية المماثلة في تحديد المبادئ القانونية العامة التي تعتبر المساواة حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، للمرة الأولى في التاريخ .
واستناداً إلى سبعة وعشرين من المبادئ، يعكس هذا الإعلان نوعاً من الإجماع الأخلاقي والمهني بين خبراء حقوق الإنسان والمساواة . وهذا الإعلان نتاج لأكثر من عام من العمل تحت قيادة مؤسسة الحقوق المتساوية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها . وغني عن القول إن التوصل إلى الإجماع في الآراء بين مثل هذه المجموعة المتنوعة من الناس من مختلف أنحاء العالم لم يكن بالمهمة اليسيرة .
إن معنى المساواة يختلف وفقاً لما تمثله بالنسبة لمختلف الناس، وطبقاً لاختلاف الزمن . والتفسيرات تعتمد إلى حد كبير على الحقائق العملية التي تشتمل عليها البيئات الاجتماعية والثقافية والسياسية المختلفة، حيث تعمل مبادئ المساواة .
واتفق جميع الموقعين على إعلاننا الجديد على أن التحريض على العنف بدافع من التوجه العرقي أو الجنسي أو التمييز بين الجنسين يشكل انتهاكاً خطيراً للحق في المساواة . ولقد أبدى بعض المحامين الأمريكيين العاملين في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية، انطلاقاً من احترامهم الطبيعي للتعديل الأول لدستور الولايات المتحدة، بعض التردد في التوقيع على هذا المبدأ ما لم يتم تأهيله بالإشارة إلى التهديد بخطر العنف “الداهم” .
كما أعرب بعض المشاركين من البلدان النامية عن رغبتهم في الإعلان عن الفقر باعتباره سبباً غير قانوني للتمييز، في حين ذهب آخرون إلى أن تعبير الفقر يشكل مفهوماً أكثر غموضاً من أن يشكل موضوعاً للحقوق والواجبات القانونية . كما أكد البعض أن الفقر المدقع يختلف عن الفقر النسبي، وتساءلوا عن المسؤوليات التي يتحملها الأفراد في انتشال أنفسهم من الفقر عن طريق التعليم والعمل .
وزعم هؤلاء المشاركون أن الواجبات القانونية المحددة، مثل الحق في الحصول على الحد الأدنى من الأجور والحق في التدريب المهني، أكثر فعالية من التمديد غير الواضح لقانون مكافحة التمييز في تغطية قضية الفقر في هذا السياق . وكانت النتيجة التوصل إلى حل وسط بين هاتين المجموعتين .
وعلى الرغم من كل هذه الاختلافات في الرأي، فإننا مجمعون على اعتقاد مفاده أن المدى الذي قد تصل إليه مبادئ المساواة من الفعالية في عصرنا هذا يتوقف على تجاوزها للنموذج السلبي في مكافحة التمييز والذي تبنته الولايات المتحدة وأوروبا في النصف الثاني من القرن العشرين . بل يتعين على هذه المبادئ أن تعمل بصورة إيجابية على تشجيع الأمم على تعزيز مبدأ الحقوق المتساوية تمشياً مع التفسيرات الحالية للالتزام الدولي . إن الإعلان الذي توصلنا إليه ينظر إلى المساواة باعتبارها “حقاً قائماً بذاته” . أي أنه بعبارة أخرى قائم كحق منفصل، ولا يعتمد على انتهاك بعض الحقوق القانونية الأخرى، مثل الحق في التعليم . ومن ثم فإن الحق في المساواة قد يُنتَهَك حتى في عدم وجود حق قانوني آخر ولنقل على سبيل المثال، الحق في السكن أو العمل .
إن الحق في المساواة لابد وأن يكون قائماً في جميع مجالات النشاط التي تنظمها القوانين المحلية أو الدولية أو الإقليمية . ومن شأنه أن ينطبق على الجميع، بغض النظر عن الجنسية أو انعدام الجنسية، بما في ذلك اللاجئين وطالبي اللجوء السياسي . وهذا من شأنه أن يفرض التزاماً إيجابياً على الدول في تعزيز وفرض الحق في المساواة .
كنا في حاجة ماسة إلى إعلان جديد حين بدأنا العمل عليه منذ عام واحد . واليوم بات هذا الإعلان يشكل أهمية حاسمة إن كانت لدينا الرغبة في أن نحول دون اتساع الصدع الذي قد يؤدي إلى تقسيم العالم إلى من يملكون ومن لا يملكون.
|