عرض مشاركة واحدة
قديم 11-17-2008   رقم المشاركة : ( 22 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاثنين19 ذو القعدهـ 1429 هـ الموافق17/11/ 2008

الإعصار المالي يضرب أمريكا اللاتينية
الخليج الاقتصادي الإماراتية الاثنين 17 نوفمبر 2008 5:17 ص




قبل بضعة أسابيع كان العالم على حافة الكارثة . ومن حسن الحظ أن الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها السلطات النقدية في البلدان المتقدمة بما في ذلك توفير كميات لم يسبق لها مثيل من السيولة النقدية نجحت في منع الانهيار المالي الكامل . وبالكاد، تجنب العالم تحول النظام المالي الدولي إلى شيء أشبه بالنظام المالي في الأرجنتين الآن .

بيد أن العالم لم يتجنب الركود، الذي سوف يكون عميقاً، وطويلاً، ومنتشراً في مختلف أنحاء العالم . وفي غضون الشهور المقبلة سوف تعاني كل مناطق العالم تقريباً من التباطؤ الاقتصادي، وانحدار الصادرات، وارتفاع معدلات البطالة .

أتت الأحداث الأخيرة لتحطم فكرة أن البلدان الناشئة “فصلت” نفسها عن اقتصاد البلدان المتقدمة . وأثبتت الوقائع أن العكس هو الصحيح . إن اقتصاد أغلب البلدان الناشئة لا يزال هشاً ومتأثراً بكل ما يجري في البلدان المتقدمة . ولسوف تكون التأثيرات المترتبة على هذا الركود حادة في أمريكا اللاتينية بصورة خاصة .

كانت البرازيل والمكسيك الأكثر تضرراً حتى الآن، إذ هبطت قيمة الشركات في البلدين بمقدار 50% تقريباً . والموقف في هذين البلدين بالغ الخطورة إلى الحد الذي جعل الولايات المتحدة منذ بضعة أيام تمنحهما أرصدة ائتمانية بلغت ستين مليار دولار .

بيد أن التقلبات المالية الحالية لم تضرب البرازيل والمكسيك فحسب: ففي تشيلي خسرت العملة ثلث قيمتها، وفي بيرو ارتفعت تكاليف التمويل إلى عنان السماء، وفي الأرجنتين اضطرت الحكومة إلى اللجوء إلى تدابير متطرفة مثل تأميم نظام معاشات التقاعد في محاولة لتجنب كارثة مالية محدقة .

وبعدما بات من المرجح أن تستمر حالة الركود ثمانية عشر شهراً أو أكثر الأمر الذي يجعلها الأطول منذ الحرب العالمية الثانية فلسوف تكون الأرجنتين واحدة من أشد دول العالم تضرراً بها . إذ إن احتياجاتها من التمويل الخارجي هائلة، ولسوف تسجل صادراتها هبوطاً حاداً . بيد أن السياسات المتبعة في الأرجنتين سوف تلعب أيضاً دوراً في تعميق ضائقتها الاقتصادية .

نجحت إدارة الرئيسة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر في توليد قدر عظيم من اهتزاز الثقة بين المستثمرين المحليين والأجانب، الذين باتوا في خوف مقيم من أن تتخذ الحكومة إجراءات تعسفية . وكان القرار الذي اتخذ أخيراً من جانب ستاندرد آند بورز بتخفيض تصنيف الأرجنتين مبرراً تمام التبرير، وهو يعكس مخاوف العديد من المحللين من عجز الأرجنتين عن سداد ديونها العامة مرة أخرى .

سوف تعاني المكسيك وأمريكا الوسطى أيضاً من الركود الطويل . فلأعوام عديدة كان مصير الاقتصاد في المكسيك وأمريكا الوسطى مرتبطاً على نحو وثيق باقتصاد الولايات المتحدة . وتزايدت هذه الروابط تشابكاً بتوقيع اتفاقات التجارة الحرة الثنائية مع الولايات المتحدة، ومن ثَم فهناك احتمال قوي بأن تشهد هذه البلدان نمواً سلبياً أثناء العام ،2009 وربما أثناء النصف الأول من العام ،2010 مع انزلاق الولايات المتحدة إلى الركود .

سوف تكون البلدان الأقل تأثراً بالأزمة المالية والركود في الولايات المتحدة تلك البلدان التي اتخذت من البلدان الآسيوية نموذجاً لها في التنمية وبصورة خاصة تشيلي وكولومبيا وبيرو والتي كانت حريصة على جمع وادخار الموارد تحسباً للعواصف المالية غير المتوقعة . ولسوف تتمكن هذه البلدان من استعادة مستويات تشغيل العمالة بسرعة أكبر .

بيد أن السؤال الأعظم أهمية هنا يتعلق بما قد يحدث في البرازيل، عملاق أمريكا اللاتينية . على مدى الأعوام القليلة الماضية، بدأ المحللون والمستثمرون في مختلف أنحاء العالم في النظر إلى البرازيل باعتبارها قوة اقتصادية قيد الصنع، وهناك من تحدث عن معجزة، وزعم العديد منهم أن البرازيل سوف تشهد نمواً مذهلاً، مثل الصين والهند، وأنها سوف تتجاوز أخيراً وصف “بلد المستقبل” الذي ظل ملتصقاً بها منذ الأزل . ولكن من المؤسف أن كل شيء يشير إلى أن كل ذلك كان مجرد وهم قائم على التمني .

الحقيقة أن الازدهار الذي شهدته البرازيل خلال السنوات القليلة الأخيرة كان قائماً على أسس ضعيفة إلى حد مذهل . وقرر الرئيس لويز ايناسيو لولا دا سيلفا بالفعل أن يتجنب ذلك النوع من الشعوبية المتفشية في فنزويلا تحت زعامة هوغو شافيز، كما نجح في السيطرة على التضخم، ولكن الأمر

يتطلب أكثر من هذا كي تتحول أي دولة إلى قوى اقتصادية عظمى .

قرر “لولا” ببساطة أن تكون البرازيل دولة “طبيعية” . بيد أن الأمر يستلزم أكثر من مجرد السيطرة على التضخم لتأسيس اقتصاد قوي يتمتع بمعدلات نمو مرتفعة ومستدامة . فالأمر يتطلب سرعة التحرك والنشاط والإنتاج، والجرأة والمغامرة، فضلاً عن السياسات الاقتصادية القادرة على تعزيز الكفاءة .

وكما أثبتت دراسات عدة فإن البرازيل لم تكن قادرة أو لم تكن راغبة في تبني إصلاحات التحديث المطلوبة لتعزيز الازدهار القائم على الإنتاج . فالبرازيل لا تزال دولة بيروقراطية إلى حد هائل، فضلاً عن الأزمة التي يمر بها نظامها التعليمي، والضرائب البالغة الارتفاع، والبنية الأساسية المتواضعة، والعوائق التي تعترض إنشاء الأعمال التجارية، والفساد المستشري .

إنه لأمر محزن، ولكنه حقيقي: ففي السنوات الأخيرة لم تختر البرازيل التحديث والكفاءة، ولسوف يكون لزاماً عليها أن تتحمل العواقب أثناء السنوات العصيبة المقبلة .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس