كلمته أمام قمة العشرين جسدت الرؤية السعودية ووصفت العلاج
الملك عبدالله قدم برنامجا شاملا لتجاوز الأزمة المالية وتحفيز النمو الاقتصادي العالمي
قراءة : جمال أمين
جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله أمام قمة العشرين التي عقدت في واشنطن أمس الأول مجسدة للرؤية السعودية الشاملة لدعم استقرار الاقتصاد العالمي ليس فقط من خلال تجنيب العالم خطر الانزلاق الى الكساد، وإنما أيضا من خلال تحفيز النمو الاقتصادي العالمي بما يعود على البشرية جمعاء بالخير والنماء. ووفق هذه الرؤية لفت خادم الحرمين الشريفين انظار المشاركين في القمة الى أسباب الأزمة المالية العالمية وقدم يحفظه الله للقمة "روشتة" شاملة لعلاج جذور المشكلة من أساسها وعدم الاكتفاء بالحلول الوقتية أو مجرد المسكنات للأزمة.
أسباب الأزمة
لقد لخص خادم الحرمين الشريفين أسباب الأزمة في مايلي:
أولاً: العولمة غير المنضبطة وجاء هذا الادراك منه أيده الله أن هذه العولمة المنفلتة اطلقت العنان لجشع الرأسمالية دون أن تولي اهتماما بالبعد الإنساني رغم أهميته مما نتج عنه تضرر ملايين البشر حول العالم بتحولهم الى فقراء على هامش الحياة نتيجة الرغبة الجامحة لدى المؤسسات المالية والنقدية في تعظيم أرباحها دون الاهتمام بمصالح الناس وهذا ماجعل هذه العولمة تجابه بمعارضة في مختلف أرجاء العالم بل وفي عقر دار الدول الرأسمالية ذاتها.
ثانيا: الخلل في الرقابة على القطاعات المالية وعدم الشفافية.
وقد ساهم هذا العاملان في الانتشار العالمي السريع للأزمة المالية في كافة أرجاء المعمورة.
برنامج العلاج
وقدم خادم الحرمين الشريفين برنامجا واضحا يمثل الرؤية السعودية لإنقاذ الاقتصاد العالمي من الأزمة الراهنة ودعم النمو العالمي.
ويرتكز برنامج العلاج أو الرؤية السعودية لحل الأزمة العالمية كما أوضحه خادم الحرمين الشريفين في النقاط التالية:
1- تطوير الجهات والانظمة الرقابية على القطاعات المالية.
2- تعزيز دور صندوق النقد الدولي في الرقابة على هذه القطاعات في الدول المتقدمة.
3- المساهمة في إصلاح صندوق النقد الدولي وفي تطبيق المعايير الدولية للإقراض والرقابة.
4- توفير النقاشات البناءة حيال التغييرات السكانية وأمن الطاقة والتجارة.
5- وضع أسس متينة للنظام المالي العالمي بما يمنع حدوث وتكرار الأزمة العالمية.
6- أهمية التنسيق والتعاون الدولي لإيجاد حلول مناسبة للأزمة المالية العالمية وذلك بأن تعمل كل دول العالم حسب ظروفها واحتياجاتها لاتخاذ السياسات الضرورية والمناسبة وذلك باعتبار أن الأزمة المالية الفريدة في الحجم والنوع وسرعة الانتشار والمخاطر تفرض ذلك التنسيق.
7- قيام الدول المانحة وصندوق النقد والبنك الدوليين والمؤسسات المالية الأخرى بدورها في تخفيف آثار الأزمة وانعكاساتها على الدول النامية وخاصة الفقيرة لتتمكن من مواجهة آثار الأزمة على اقتصادها.
8- العمل الجماعي لمواصلة جهود تحرير التجارة الدولية والاستثمار لتحسين مستويات المعيشة العالمية وانتشال الملايين من ربقة الفقر.
الأزمة والمنطقة
ولأن الصراحة والصدق ديدنه فقد أعلن حفظه الله عن تأثر المنطقة العربية بالأزمة العالمية . ولمواجهة تلك التأثيرات والانعكاسات وضع أيده الله عدة إجراءات سيتم القيام بها:
- الاستمرار في اتخاذ السياسات الاقتصادية الضرورية ليواصل الاقتصاد الوطني النمو.
- مواصلة تنفيذ برنامج الاستثمار الحكومي بالإنفاق على المشاريع والخدمات الأساسية.
- تعزيز الطاقة الاستيعابية وفي هذا الصدد توقع حفظه الله أن يتجاوز برنامج الاستثمار في القطاعين الحكومي والنفطي 400 مليار دولار (1500 مليار ريال خلال الخمس سنوات المقبلة) وهذا بالطبع سيحرك النمو ويولد آلاف الوظائف للشباب.
- الاستمرار في التنسيق مع الدول العربية فيما ينبغي عمله لضمان تخفيف الآثار السلبية لهذه الأزمة على المنطقة.
التزامات المملكة ودورها
ولم تخل الرؤية السعودية التي قدمها الملك المفدى من تقديم استعراض لالتزامات المملكة لدعم استقرار الاقتصاد العالمي والإقليمي والمحلي ومن ذلك:
- استمرار المملكة في القيام بدورها في ضمان استقرار السوق البترولية انطلاقا من السياسة البترولية المتوازنة والمتزنة التي تنتهجها المملكة والتي تأخذ في الاعتبار مصالح المنتجين والمستهلكين والتي في سبيل تحقيقها تحملت المملكة ولا تزال الكثير من التضحيات.
ومن ذلك الاحتفاظ بطاقة إنتاجية إضافية قدرها مليونا برميل يوميا كما قامت المملكة بالتعاون مع الدول الصديقة لإنشاء الأمانة العامة لمنتجي الطاقة الدولي بالرياض لتفعيل الحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة.
وطالما أن المملكة تراعي مصالح المستهلكين فقد دعا الملك المفدى الدول المستهلكة الى عدم استهداف البترول بسياسات تؤثر سلبا عليه فما زال البترول هو أرخص طاقة يمكن الحصول عليها وأسهل طاقة يمكن استخدامها في الوقت المناسب وبالكميات المناسبة.
- استمرار المملكة في مساعدة الدول النامية سواء بمفردها من خلال تقديم القروض الميسرة والمنح والتي تجاوزت 72 مليار دولار وهو مايتجاوز المساعدات التي تقدمها النسبة التي قررتها الأمم المتحدة للمساعدات من الدول المتقدمة. أو من خلال التعاون مع البرامج الانمائية الدولية مثل الدعم الذي تقدمه المملكة لبرنامج الغذاء العالمي بتوجيه 21 ألف طن من التمور لاطعام الشعوب الفقيرة. ولاشك أن المملكة تقدم العديد من برامج المساعدات والمبادرات التي كان آخرها مبادرة الملك عبدالله التي أطلقها في منتدى جدة للطاقة الذي عقد منتصف العام الحالي والتي تسمى "الطاقة من أجل الفقراء" والتي تنص على تقديم طاقة رخيصة للدول النامية الفقيرة بالتعاون مع البنك الدولي من خلال انشاء صندوق بقيمة مليار دولار وتخصيص قروض ميسرة بقيمة 500 مليون دولار من المملكة لمساعدة الدول الفقيرة على الحصول على احتياجاتها من الطاقة باسعار لا تثقل على كاهل شعوبها. -واخيرا لم ينس الملك المفدى دعوة مجموعة العشرين الى مزيد من العمل بالمرونة اللازمة لتقوية التعاون والتنسيق بين اعضائها إذا أرادت أن تكون بالفعل مجموعة ممثلة للاقتصادات العالمية وفاعلة في كل أزماته.