عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-2008   رقم المشاركة : ( 35 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الخميس22 ذو القعدهـ 1429 هـ الموافق20/11/ 2008

إدارة بوش وحساب الأرباح والخسائر
الخليج الاقتصادي الإماراتية الخميس 20 نوفمبر 2008 4:44 ص




د . غسان قلعاوي

قاربت ولاية الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش على الانتهاء، وأفرز النظام القائم في الولايات المتحدة من خلال الانتخابات المطرزة بالإعلام المسخر لصالح ذلك النظام “كما هو معهود” إدارة جديدة تَعِدُ بالتغيير الذي اتخذته شعار حملتها الاعلامية خلال الانتخابات إياها .

هلل معظم العالم، وانفرجت أسارير المنطقة العربية منه خاصة، وبدا تفاؤل البعض واضحا على الرغم من استمرار المجازر والحصارات وتوالي الأزمات والانهيارات المالية، واتسعت فسحة الأمل لدى البعض الآخر بانتظار عهد أمريكي جديد مغاير لمنهجية العهد السابق عسكريا ولتوحشه ماليا واقتصاديا، كما اتسعت في الوقت نفسه موجة التشفي من عهد الإدارة الأمريكية التي شارفت ولايتها على الانتهاء فأسرف البعض في اتهامها بالفشل وسوء الأداء . . فهل كانت إدارة الرئيس بوش الابن فاشلة حقا؟

هناك من يرى أن تلك الادارة كانت ناجحة بامتياز في تحقيق أهدافها، وأن نجاحها فاق نجاح إدارة بوش الأب السابقة، وأن العهد الأمريكي المقبل ليس سوى عهد خطط له أن يكون عهد علاج عسر هضم ناجم عن التخمة “تخمة مكاسب النظام الأمريكي القائم والمسيطر من خلال لعبة الجمهوريين والديمقراطيين”، تماما كما كان عهد كلينتون عهد هضم مكاسب العهد البوشي الأول “بوش الأب” الذي استطاع أن يحقق كومة من الأهداف خلال فترة رئاسية واحدة على رأسها ما سمي بحرب الخليج الأولى التي حقق من خلالها وحدها مجموعة من الأهداف . يبنى هذا الرأي على بديهية تقول إن قياس الربح والخسارة وتقييم أداء أي نشاط لابد من أن يرتبط بأهدافه، وأن الذين يتهمون إدارة الرئيس بوش بالفشل يستنتجون فشلها استنادا إلى قياس يبنى على أمان وأهداف تمنونها لتلك الإدارة بدوافع انسانية مثالية في حين أن مثل تلك الأماني والأهداف لم تكن لتخطر على بال تلك الإدارة .

فأهداف معظم العالم في إشاعة السلام والإعمار وتحقيق العدل والمساواة والنمو المتوازن والقضاء على الجوع واستبدال الحروب العسكرية والاقتصادية بالتجارة الحرة لصالح البشر كل البشر والوقوف موقف القوي العادل في الصراع العربي “الإسرائيلي” كما مازال، من دون جدوى، يرجو ويتمنى بعض العرب، ومثل هذه الأهداف ليست ولم تكن يوما من أهداف النظام الحاكم في الولايات المتحدة، بل إن أحلام معظم الشعب الأمريكي نفسه بأمريكا الحرية والعدل والديمقراطية والسمعة والمكانة العالمية ليست أيضا في نطاق استهداف تلك الإدارة، لذلك لا يمكن الحكم على مدى فشلها أو نجاحها في ضوء تلك الأماني والأهداف .

في حين أن نجاح أو فشل تلك الإدارة وكل إدارة أمريكية ينتقيها ويفرزها النظام الحاكم الأمريكي الذي يتركب من أرباب تجارة وصناعة السلاح والنفط والمال وما يلحق بها من إعلام واتصالات ومعلوماتية والذي يتعانق ايديولوجيا ومصلحة مع الصهيونية وأحلامها . . يقاس بمدى تحقيق الأهداف التي رسمها ذلك النظام في الإثراء بنهب العالم وضمان أمن “إسرائيل” وتوسعها وهيمنتها على المنطقة .

لا شك أن خسارة العالم والانسانية خلال فترة الإدارة البوشية الثانية للولايات المتحدة الأمريكية كانت كبيرة واضحة: دمار نتيجة الحروب وضحايا معظمها بريء ومزيد من الجوع والفقر الذي تزداد وتائره حتما مع اتساع نطاق الحروب وازدياد الانفاق على آلات الدمار و افتعال الأزمات المالية لتحميل سكان الأرض في اقتصاد مفتوح تكلفة تلك الحروب حشوا في جيوب وخزائن ومصارف تجارها . فإذا نظرنا من زاوية تطلعات وأهداف غالبية الشعب الأمريكي وسمعة ومكانة الولايات المتحدة فإن الخسائر التي كبدتها إدارة بوش لبلدها تبدو واضحة أيضا، فالناس البسطاء الذين يمثلون غالبية الشعب الأمريكي والذين يتطلعون إلى إنجازات ترفع اسم أمريكا ومكانتها في العالم كانوا من الخاسرين أيضا إذ ساءت سمعة الولايات المتحدة نتيجة عدوانها على العراق وأفغانستان قبله وبدت همجيتها في العراق صريحة واضحة وأسفر التقييم الشعبي الموضوعي لوضع الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة البوشية بأنها إدارة أغرقت الولايات المتحدة في مستنقعات حروب استنزفت طاقاتها المالية بأرقام تريليونية فلكية قامت تلك الإدارة بتحميل أعبائها لشعبها نفوسا وضرائب وديونا معلقة في عنقه تجاوزت ناتجه القومي، كما حملت أعباءها ( التي هي في المقابل عوائد مجزية لأرباب النظام تجار السلاح والنفط وبارونات المال) لكل حامل دولار في العالم من خلال تخفيض قيمته ومن خلال افتعال الأزمات المالية التي طالت سكان المعمورة مما فاقم سوء السمعة وأضعف مركز الولايات المتحدة في العالم .

الفترة البوشية تمثل إذاً خسارة واضحة للعالم ولغالبية الشعب الأمريكي لكنها بالمقابل حققت أرباحا مجزية لأرباب النظام القائم في الولايات المتحدة ولبعض توابعه في العالم وإنجازات صهيونية باهرة فاقت، في الغالب، إنجازات أي عهد أمريكي سابق، إذ تم التلاعب بأسعار النفط من خلال المضاربة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح لمن يدير تلك المضاربات ويملك زمامها، كما تم انتاج وبيع كميات هائلة من السلاح استخدمت في الحرب التي ما تزال قائمة، ذلك أن نتائج الأزمة المالية وخسائر الناس فيها وسخاء المصارف المركزية في ضخ الأموال العامة وسخاء الحكومات في دعم المؤسسات الخاصة المقبلة على الانهيار لابد من أن يعني تكدسا للأرباح والثروات لدى من يقف وراء تلك الأزمة، وقامت إدارة الرئيس بوش بتلك الانجازات بامتياز لا يمكن نكرانه أو تجاهل سماته ونتائجه .

فإذا تم النظر من زاوية الأهداف الثابتة للحركة الصهيونية التي تتمثل في تمزيق المنطقة العربية والاسلامية والسيطرة عليها واستمرار الاستيطان والتهويد في فلسطين وجوارها فإن الأهداف هنا يبدو أنها تحققت لا بامتياز فقط بل بامتيازمنقطع النظير:

تمزق العراق الذي كان يعد في التصور الصهيوني الخطر الأكبر على “إسرائيل” وانتشرت القواعد العسكرية والأمنية المختلطة في العراق مستوعبة أكبر مجموعة من الموساد وعملائهم، تنشر الرعب وتنفذ أخطر إرهاب شهده العالم الحديث من تدبير معظم المجازر والتفجيرات والتعذيب الوحشي حتى قتل العلماء أو الضغط عليهم بخطف وبقتل أهلهم وأبنائهم .

وفي فلسطين وفرت إدارة بوش زمنا سهلا آخر أمام الصهيونية لمزيد من التوسع في الاستيطان والتهويد . وانقسمت فلسطين المنكوبة غير القابلة للانقسام، واتسعت الهوة بين فلسطين السلطة وفلسطين المقاومة، وغاب بذلك حلم الدولة رغم كل الوعود البوشية والأوروبية والعربية، واتسع نطاق احتمالات سلام الاستسلام والتطبيع مع كل العرب في ظل المزيد من الاستيطان والتهويد واستمراره مع كل ما يعنيه ذلك مما لايخفى على كبير العرب وصغيرهم .

وهكذا فإن النظرة الموضوعية إلى حساب أرباح وخسائر الفترة البوشية وتقييم أداء الإدارة خلالها لابد من أن يشيد بقدرة تلك الإدارة على تحقيق أهدافها التي تناقضت مع مصالح شعوب العالم بمن فيهم شعب الولايات المتحدة بالذات، إذ استطاعت تحقيق تلك الأهداف تحت سمع العالم وبصره، وباستخدام وتسخير هيئاته ومؤسساته الدولية، وجانب كبير من إعلامه، لقد كانت، في مجال تحقيق أهدافها إدارة ناجحة بامتياز ولو على حساب شعبها وشعوب العالم .

كسبت إدارة بوش “المتصهينة” خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، وخسرت أمريكا وخسر العالم . فهل سيتمكن الرئيس “ المنتخب” (أوباما) تعديل أهداف النظام الحاكم في الولايات المتحدة فيبعد ذلك النظام عن صهيونيته وعن إصراره على نهب العالم، أم أن فضائح عهد كلينتون ومصير الرئيس كيندي ستقف لصدق نيته بالمرصاد .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس