رد: الأخبار الإقتصادية ليومالاحد25 ذو القعدهـ 1429 هـ الموافق23/11/ 2008
العالم بحاجة لهيئة رقابة دولية
الخليج الاقتصادي الإماراتية الاحد 23 نوفمبر 2008 4:27 ص
كارمن رانيهارت و كينيت روجوف
تحسر قادة دول مجموعة العشرين على ضعف الرقابة المالية واهمال وكالات التصنيف وجشع المؤسسات المالية في بيانهم الموسع عن الازمة المالية العالمية في الاسبوع الماضي ولكن غاب عن البيان الاعتراف بمساهمة السياسيين المركزية في الازمة، وهو أمر يؤسف له . ان ايجاد سبل لعزل الرقابة المالية عن التدخل السياسي حيوي من أجل إنشاء نظام مالي عالمي اكثر فعالية في المستقبل .
ولا جدال في ان الحاجة لاستقلال اكبر للرقابة سبب قوي لإنشاء جهاز رقابة دولي، وهو موضوع آخر تجنبه قادة مجموعة العشرين ونحن نقر بأن المؤسسات المالية الدولية ابعد كثيراً عن الكمال وعلى الرغم من ذلك فإن جهاز رقابة دولياً مزوداً بمهنيين مؤهلين يعمل من دون تدخلات سياسية في عمله، سيوفر ثقلاً مقابلاً مطلوباً الى درجة ماسة لجماعات الضغط المحلية القوية في قطاع الخدمات المالية . ويعتبر عصر الاستقلال ضرورة كالحاجة لآليات افضل لتنسيق الرقابة لتقليل المراجحة الرقابية في عالم اسواق رأس المال العالمية .
ولا نقصد الايحاء بأن النظام السياسي وحده مسؤول عن التراخي الذي ادى الى مأزقنا الحالي فالتقييمات المفرطة في التفاؤل من جانب وكالات التصنيف واهمال المستثمرين وسوء تصرفات القطاع المالي لعبت دوراً بلا ريب في ايجاد الازمة .
ولكن السياسيين لعبوا دوراً كبيراً في تأجيج الرفع المفرط الكامن في أساس الازمة الحالية، ولنبدأ بالنظام الضريبي، ولا سيما في الولايات المتحدة، الذي يحابي تمويل الديون . واذا اضفنا المعاملة التفضيلية المقدمة للشراكات، بما في ذلك صناديق التحوط والاستثمار في الاسهم الخاصة، التي تفرض عليها ضرائب بمعدلات ارباح رأسمالية متدنية للغاية بدلاً من معدلات ضرائب دخل اعلى بكثير، وتعتبر التعيينات المهمة في أجهزة الرقابة سياسية الى حد كبير، وتحدد الحكومات نطاق ونفوذ هيئات الرقابة . وخلال فترة الازدهار، تعرضت اجهزة الرقابة في اكثر انحاء العالم الى ضغط من قبل كبار السياسيين للتخفيف من رقابتها . وقد عمل الافتقار الى الشفافية - الذي يشكو منه قادة مجموعة العشرين - كدرع ملائمة لابقاء تدخل السياسيين بعيداً عن عيون العامة .
وعلاوة على ذلك، تفتقر هيئات الرقابة الوطنية الى القدرة على مقاومة مقولات “المناصرين الوطنيين” التي تستخدم في كثير من الاحيان لتبرير المحسوبية التي يحظى بها القطاع المالي . وتحب البنوك والمؤسسات المالية اللعب بورقة “الاوفشور” . وهي تقول للسياسيين وأجهزة الرقابة ان الضرائب الاعلى أو المتطلبات الرأسمالية ستضعها في وضع غير مؤات مقارنة بمنافساتها الاجنبيات . وتتمتع هيئة الرقابة الدولية بوضع افضل لمقاومة هذه المقولات في كثير من الاحيان، ومن حيث المبدأ، يمكن تحقيق التنسيق والرقابة الدولية من خلال سلسلة اتفاقيات بتناظر مع منظمة التجارة العالمية . وقد نجحت اتفاقيات بازل الخاصة بمراقبة البنوك بعض الشيء في تحقيق هذا الهدف، ولكنها تستغرق وقتاً طويلاً للتفاوض بشأنها . وأما اتفاقية بازل “2” فقد ولدت ميتة . وان ترتيبات اجراء تعديلات واتخاذ قرارات لا تتمتع بالمرونة اللازمة للتعامل مع وتيرة التغيير في الانظمة المالية الحديثة .
وينبغي ان تتلخص النشاطات الاساسية لجهاز رقابة دولي في مراقبة الاتفاقيات وتعزيز تدفقات رؤوس الأموال بحرية في النظام القائم على السوق وليس في اعادة مراقبة الاقتصاد العالمي كما كان الحال قبل 40 عاماً، ومن الحماقة ان يتخيل المرء ان عفريت تدفقات رؤوس الأموال الحرة يمكن - أو يجب - اعادته الى داخل القمقم . وبعد الاقرار بهذه الحقيقة، يجب على هيئات الرقابة المحلية والدولية البحث عن سبل لجعل السياسة دورية بدرجة أقل . وعلاوة على فرض متطلبات رأسمالية اكثر تشدداً مما كان متصوراً في بازل “2”، يجب على هذه الهيئات السعي بجدية للوصول لأدوات اخرى لمكافحة الرفع المالي مثل الهوامش المطلوبة والاحتياطيات الالزامية .
ومعروف ان المشكلة الاساسية للرفع المالي المفرط والقوى المحركة السياسية التي افرزتها ليست جديدة . ومن خلال دراستنا لأكثر من 200 عام من الازمات المصرفية نجد ان سرعة ظهور الرفع المالي والتضخم الحاد لأسعار الاصول تمثل في كثير من الاحيان نذر ازمات مالية يتجاهلها السياسيون . وقد كان قادرة دول مجموعة العشرين على حق حين قالوا ان احتواء الرفع المالي يجب ان يكون محور أي اصلاح للنظام المالي العالمي . ونؤكد مجدداً ان وجود هيئة رقابة دولية ذات نفوذ ضروري للحماية من المصالح السياسية الوطنية التي - في حال اهمال مراقبتها - ستدفع النظام العالمي مجددا نحو رفع مالي مفرط ومخاطر جمة .
|