رد: الأخبار الإقتصادية ليومالاحد25 ذو القعدهـ 1429 هـ الموافق23/11/ 2008
السوق ...المرآة السوداء
اليوم الإلكتروني الاحد 23 نوفمبر 2008 7:37 ص
خالد الزومان
لم تقف تداعيات الأزمة العالمية، عند أبواب البنوك الأميركية المفلسة، بل وصلت إلى اقتصادات العالم بأسره، وضربت أعماقه حتى أنهكته ، واختلفت حركات حكومات الدول لمجابهة سرطان الائتمان الذي استشرى في عروق أسواقها وقطع أوصاله ليفقد العالم مطلع الأزمة 2.8 تريليون دولار ابتداء من الولايات المتحدة التي خصصت 700 مليار دولار كانت مخدرة لمفعول الأزمة في حينها، إلا أنها لم تفلح في تحقيق المزيد من الخسائر في أوساط الاقتصاد الأميركي الذي تنوع في خسائره بين افلاس البنوك وكساد التجارة وانتشار البطالة التي تؤدي إلى زيادة معدل الجريمة وتقترب من انهاء الوحدة واللحمة الوطنية في تلك الدولة ما ساهم في اهتزاز عرشها كأمبراطورة العالم في جانبيه التجاري والسياسي، ولم تتوقف أزمة الائتمان عند ذلك بل تجاوزت إلى إفلاس دول بعينها.
هناك عينة أخرى من الدول تحركت وسأذكر هنا نموذجين رئيسيين الأولى روسيا الاتحادية التي أوقفت تعاملات البورصة لديها لأيام وأصدرت قرارات لتجاوز السقوط الذي أضر ببورصتيها ، والأخرى الكويت التي أوقفت تعاملات بورصتها بقرار محكمة ثم عاودت تداولها ورافق ذلك قرارات بتدخل الصناديق الحكومية لدعم السوق، وفي المقابل نفت الامارات التدخل في بورصاتها كونها تعتمد النظام الحر في تعاملاتها.
الاقتصاد السعودي يبدو أنه بخير وهو الأقل تضرراً بين الدول العالمية، وما دعم ذلك اتخاذ خادم الحرمين الشريفين قرارات ساهمت في اعادة تحريك عجلة الاقتصاد الذي تباطأ نتيجة الأزمة العالمية المالية ومشكلة التضخم العالمية التي سبقتها، وهو ما جب تصاريح الجهات الحكومية المتضاربة في أرقامها أو في أقولها أو أفعالها بعد تصريحات مسئوليها، وكانت كلمة المليك في قمة العشرين التي عقدت قبل أيام مفترق طرق أمام الاقتصاد سار من خلاله بقوة إلى الجانب الايجابي بعد دعم الاقتصاد المحلي والبنى التحتية بـ 400 مليار دولار خلال السنوات المقبلة ما يعزز قوة الاقتصاد محلياً ويدعم الجزء الأخر من الناتج الوطني غير المعتمد على النفط.
ويبقى عرفاً سوق المال مرآة للاقتصادات العالمية تعكس نظارة بيئتها الاستثمارية وقوة ومتانة اقتصادها وهو ما يجعل تلك الحكومات تحرص على اضفاء المزيد من التلميع لأسواقها كي تزداد رونقاً ولمعاناً، إلا أننا في سوقنا السعودي فقدنا مايزيد على 254 مليار دولار منذ بداية العام وتهاوت أسهمنا دون تدخل حكومي وبفرض أن السوق يعتبر حراً.
ويبدو أن هذا السوق سيكمل مسيرة الحرية حتى لن يبقى فيه أحد مع احتراق أموال المستثمرين عنوة بـ «تعلقهم» بالسوق والذين لايعلمون إلى أين ستصل خسائرهم، وأعتقد أن الصمت المطبق لصناديق الحكومة وعلى رأسها صندوق الاستثمارات العامة وعدم وجود صانع سوق، وتوقف الاجراءات سيجعل السوق والمؤشر العام يكمل مسلسل السقوط الذريع حتى تتكسر المرآة وتتسخ ويملؤها الغبار وتزيد نتانتها مع تجنب دخول الأموال الاستثمارية في اقتصاد يقع خلف تلك المرآة القاتمة وفي الأخير سينسج العنكبوت غزل عشه على أطلالها في مستقبل منظور يلوح سواداً.
|