عرض مشاركة واحدة
قديم 11-29-2008   رقم المشاركة : ( 3 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: أراء الأقتصاديين

إلى متى ونحن نكرس مفهوم المستشفى والعلاج؟
كلمة الاقتصادية
كما يبدو أن الهيئات الصحية في المملكة العربية السعودية أصبحت تركز وتولي الجانب العلاجي اهتماما بالغا على حساب الجانب الوقائي، وهذا ما يعتبره المهتمون بالتخطيط الصحي اختلالا في المعادلة الصحية، ما قد يؤثر مستقبلا في المفاهيم والسياسات الصحية لتلك الجهات وأيضا المجتمع.

لقد رصدت الدولة منذ سنوات ميزانيات عالية على ما يسمى البرامج الوقائية التي منها برنامج مكافحة مرض نقص المناعة، وبرنامج الاستعداد المبكر للأوبئة والتصدي لها، وبرنامج متابعة التسمم الغذائي والدوائي، إضافة إلى برنامج استئصال شلل الأطفال والكزاز الوليدي، وبرنامج إزالة الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف والتهاب الكبد الوبائي بأنواعه، وأيضا برنامج مكافحة الأمراض السارية والدرن والجذام والحميات النزيفية والحمى المالطية، وبرنامج مكافحة نواقل المرض والعدوى.. إلخ من البرامج الوقائية، التي فُضل أن تسمى برامج من أجل أن يخصص لها ميزانيات مستقلة، أصبحت في آخر المطاف ملاذا للتنفيذيين الصحيين للاستفادة من أموالها في دعم برامج ومشاريع إنشائية تكرس الجانبين العلاجي والإنشائي، ما أدى إلى ضعف تلك البرامج وبرامج الرعاية الصحية الأولية الوقائية وتوقف بعضها عن أداء دوره.

إن ما يشغل العالم الآن التكلفة الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت من الاتجاه نحو التركيز على البرامج العلاجية على حساب البرامج الوقائية، وعدم قيام كثير من الدول ومن بينها المملكة بإحداث نوع من التوازن المنطقي ما بين الوقاية والعلاج، وأن مبدأ توفير الصحة للجميع لا يأتي إلا من خلال دعم برامج الرعاية الصحية الأولية الوقائية كعنصر من العناصر الاستراتيجية الصحية.

إن المحاولات الرامية إلى إثبات الذات لتلك البرامج من خلال الاحتفاليات التي تقام بمناسبة الأيام العالمية الصحية والركون باقي أيام السنة دون حراك توعوي وبرامج تنفيذية يلمسها أفراد المجتمع والتجمعات السكانية والأحياء والمدن والقرى، إنما يمثل ذلك تدهورا للنظام الصحي ستكون نتائجه المزيد من تفشي الأمراض المزمنة، وتوافر بيئة مناسبة لظهور ونمو كثير من الأمراض الوبائية وتوافر عوامل تنشيط الأمراض المستوطنة.

إن رفع مستوى الوعي الصحي لأفراد المجتمع من خلال عديد من البرامج الوقائية سيقلل دون أدنى شك من الضغط والحاجة المتزايدة للبرامج العلاجية، وما قد تشكله تلك من استهلاك للميزانيات الصحية التي كان من المتوقع أن تنفق على تحسين حياة الناس ورفاهيتهم الصحية بمفهومها الشامل النفسي والجسدي والاجتماعي، إضافة إلى التقليل من التكلفة التشغيلية الناتجة من الافتتاح المتزايد للمستشفيات وتأمين الأدوية والأجهزة غالية التكلفة.

إننا في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التركيز على البرامج الوقائية والتوعوية الموجهة والمقننة من خلال منظومة الرعاية الصحية الأولية، وتنفيذ ذلك من خلال المجتمعات المحلية والتجمعات الثابتة كالمدارس والجمعيات والجامعات والأحياء السكنية، وأن تكون التوعية الصحية والبرامج الوقائية ضمن المقررات الدراسية وتفعيل مشاركة المجتمع من خلال ورش العمل والندوات والمحاضرات التي تم إعدادها من قبل مراكز الرعاية الصحية في الأحياء، واستخدام المرافق العامة ومراكز الأحياء لتنفيذ تلك البرامج، ويمكن الاستفادة من المدارس الحكومية والأهلية في المساء لتنفيذ تلك البرامج في الأحياء وبرامج أخرى لتدريب المدربين من أفراد المجتمع للمساهمة في التوعية كمتطوعين ومنحهم حوافز مادية كالشهادات التي تبين حصول الشخص على مثل تلك البرامج التوعوية.

إن هناك إحباطا ينتاب منظمة الصحة العالمية نتيجة عدم الأخذ بما دعت إليه منذ سنوات عندما عرفت الصحة بأنها حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا لا مجرد انعدام المرض أو العجز، وهو تعريف حظي بمقاومة وسخرية من شركات الأدوية وبعض الممارسين الطبيين، وفي ضوء ذلك هناك توجه من قبل المنظمة للخروج من حالة الإحباط والعودة إلى تطبيق ذلك التعريف، بل تقييم البلدان المتقاعسة في تنفيذه واعتبارها بلدانا غير متعاونة.

إن استحداث برامج إلزامية تعطى على شكل جرعات توعوية شبيهة ببرامج التطعيم الإلزامية التي حققت نجاحات في صد كثير من الأمراض الوبائية والفيروسية ضمن الشهادات الصحية لكل فرد وضمن ملفه الصحي، بحيث لا يقبل منه أداء عمل ما أو الالتحاق بأي نشاط إلا بعد تقديمه لما يثبت تلقيه للجرعات التوعوية، لهو إنجاز نحو تحقيق الصحة للجميع وتحسين مستوى الصحة عند أفراد المجتمع وتنشيط وحفز الفرد للمشاركة في سلامته الصحية، وأنه عضو مشارك ضمن المنظومة الصحية العامة والمتكاملة.

كما أن على المؤسسات والهيئات الصحية تجاوز الرعاية الصحية الاختيارية، كونها لا تخدم تكريس وتنفيذ المفاهيم الصحية، خاصة في المجتمعات التي تعودت على مفاهيم وسلوكيات اكتسبتها من البرامج الصحية القائمة على تكريس مفهوم المستشفى والعلاج.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس