عرض مشاركة واحدة
قديم 11-30-2008   رقم المشاركة : ( 19 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاحد2 ذو االحجةـ 1429 هـ الموافق30/11/ 2008

كيف يمكن تحويل آبار النفط والغاز الناضبة إلى مخازن؟

د. ياسر طه مكاوي
شهدت المائة عام الماضية ازديادا ملحوظا في تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء بنسبه وصلت إلى 30 في المائة، وذلك نتيجة لاستخدام الوقود الحفري أو ما نسميه اليوم الوقود التقليدي مثل البترول والغاز والفحم الحجري. أدى ذلك إلى تغيرات مناخية خطيرة تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع منسوب المياه في البحار وازدياد معدل الفيضانات والسيول حول العالم.

الحلول المطروحة الآن للحد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون يمكن تلخيصها بشكل رئيسي في ثلاث نقاط:

•أولا: تطوير وسائل تقنية إنتاج الطاقة من مصادر بديلة أو متجددة.

•ثانيا: تطوير وسائل إنتاج الطاقة من الوقود التقليدي بجعلها أكثر كفاءة وأقل ضررا بالبيئة.

•ثالثا: العمل على تطوير تقنيه تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون.

نظرا لأن الحلول المطروحة في النقطتين الأولى والثانية أعلاه لا تزال تحت البحث والتجربة وقد يحتاج تحقيقها زمنا طويلا، تتعلق الآمال على تقنية تخزين ثاني أكسيد الكربون باعتبارها حلا سريعا ومجربا إلى حد ما في بعض المناطق، كما أن تكلفتها أقل نسبيا، فكيف إذاً يتم التخزين؟ وأين وصلت التطبيقات العملية في هذا المجال.

للإجابة عن هذه الأسئلة يمكن في البداية حصر تقنيات تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون في ثلاث طرق:

1) التخزين في حقول النفط أو الغاز الناضبة Depleted oil and gas reservoirs.

2) التخزين في المياه المالحة تحت الأرض وفي أعماق المحيطات Deep saline reservoirs and deep ocean.

3) التخزين في حقول الفحم الحجري غير القابل للتعدين Unmineable Coal Beds .

بالرغم من أن معظم التطبيقات العملية في تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون لا تزال محصورة في عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلا أن هناك كثيرا من الخبرة في عمليات مماثلة، حيث إن الولايات المتحدة وأوروبا تعمل على تخزين كميات كبيرة من الغاز الطبيعي في باطن الأرض منذ أكثر من 50 عاما. هناك أيضا خبرة تزيد على 30 عاما في مجال عمليات حقن غاز ثاني أكسيد الكربون في الآبار النفطية من أجل رفع كفاءة الإنتاج Enhanced oil recovery.




يوجد في العالم اليوم الآلاف من آبار النفط والغاز الناضبة أو على وشك النضوب التي يمكن استخدامها كمخازن لغاز ثاني أكسيد الكربون. تعتمد هذه التقنية بشكل أساسي على ضخ الغاز داخل هذه الحقول، التي تكون في معظم الأحوال مجهزة بخطوط أنابيب ومضخات بحالة جيدة تسمح بإعادة استخدامها لهذا الغرض. حاليا يوجد ما يزيد على 90 مشروعا عاملا في الولايات المتحدة لضخ ثاني أكسيد الكربون في حقول النفط بغرض رفع كفاءة الإنتاج. هذا يؤكد نجاح هذه التقنية في حبس الغاز وتخزينه.

يمكن أيضا تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون في جوف الأرض داخل طبقات المياه المالحة، حيث يذوب الغاز في المياه أو يتفاعل مع المعادن المختلطة بهذه المياه لتكوين الكربونات التي تعمل على حبس الغاز بصورة دائمة تحت الأرض. كما يمكن أن يتم التخزين عند عمق يقارب 500 متر بواسطة معدات تشبه إلى حد كبير مثيلاتها التي تستخدم في ضخ غاز ثاني أكسيد الكربون في حقول النفط النابضة.

وتعتبر النرويج ذات تجربة رائدة في هذا المجال، حيث تم عام 1996 أول عملية حبس لغاز ثاني أكسيد الكربون في حقول صخرية تحتوي على مياه مالحة بالقرب من بحر الشمال، وذلك خصيصا من أجل الحد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من عمليات معالجة الغاز الطبيعي.

هناك أيضا تقنية تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون في أعماق المحيطات عند عمق يراوح بين 1500 وثلاثة آلاف متر، عند هذه الأعماق يتحول الغاز إلى ما يشبه بحيرة من حبيبات الثلج نتيجة تفاعله مع الماء تحت ضغط عال. وأشارت برامج المحاكاة بالحاسوب إلى أنه بالإمكان حبس غاز ثاني أكسيد الكربون لما يزيد على 500 عام، إلا أن البعض يعيب على هذه التقنية اعتمادها على بنيه تحتية معقدة من خطوط أنابيب ومضخات عالية القدرة ولذلك تعتبر عالية التكلفة، إضافة إلى ذلك فإن تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون في أعماق المحيطات قد يتسبب في إحداث خلل في التوازن البيئي، ما قد يضر بالحياة البحرية.

أخيرا، هناك تقنية التخزين في حقول الفحم الحجري المحتوى على كميات كبيرة من الميثان، حيث يمكن ضخ غاز ثاني أكسيد الكربون لحبسه داخل الفحم. من المعروف أن الفحم الحجري لديه قابلية عالية لامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون بكميات كبيرة تعادل ضعف كمية الميثان، وبذلك تعمل هذه التقنية على سهولة استخلاص الميثان والاستفادة منه كمصدر للطاقة في الوقت نفسه الذي تعمل فيه على حبس غاز ثاني أكسيد الكربون. تم بنجاح استخدام هذه التقنية على نطاق محدود في الولايات المتحدة.

وكما هو الحال مع كل التقنيات الجديدة، فإن هناك شكوكا تساور كثيرين حول مدى فاعلية تقنية تخزين ثاني أكسيد الكربون. يمكن تلخيص هذه الشكوك في التالي:

1)بعض الباحثين يرون أن كل التقنيات المذكورة أعلاه ما هي إلا حلول مؤقتة، حيث إن التخزين لا يعني التخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون بصورة نهائية.

2)عمليات الحفر والاستكشاف البترولية في المستقبل قد تتسبب في إحداث ثقوب وفوهات يهرب من خلالها الغاز المخزون.

3)هناك مخاوف من أن يحدث انفلات مفاجئ للغاز المخزون نتيجة تخلخل الطبقات الأرضية أو نتيجة الزلازل.

4)المطلوب إجراء مزيد من البحوث حول مدى الضرر البيئي الذي يمكن حدوثه من جراء زيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في أعماق المحيطات.

5)هناك بعض المعوقات السياسية التي يجب العمل على حلها دوليا قبل الشروع في عمليات التخزين، ففي عام 1972 وقع عديد من الدول على اتفاقية لندن التي بموجبها تم منع التخلص من النفايات في البحار.

إن تقنية تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون هي أحد الحلول الواعدة في مواجهة ازدياد التلوث البيئي، لذلك يجب على الجميع العمل على تشجيع البحوث في هذا المجال وتطبيقها حتى نضمن المحافظة على بيئة نظيفة لنا وللأجيال القادمة.


*خبير في شؤون تكرير النفط والبتروكيماويات
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس