عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-2008   رقم المشاركة : ( 9 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الثلاثاء 4/12

صحيفة اليوم:الثلاثاء 4 ذو الحجة 1429هـ العدد:12954

--------------------------------------------------------------------------------

التعليمُ وتغيير النظرة
نجيب الزامل
عالمنا هذا مفعمٌ بالتحدي، والفوضى، والتغيرات. عالمٌ نظـّمه ناسٌ لناس آخرين، وشوّشه ناسٌ على ناس آخرين. عالمٌ لطخته غطرسةً الطموح الجامح، وغـُمِرَ بالتصرفات الجائرة الخالية من التفكير بالعواقب. أما ماسببُ هذه الأعمال السلبية التي تـُندي جبينَ أي مجتمعٍ متمدن، فالدكتورة «روستيكا كاربيو» تقول بكتابها أنه بسبب سوء النظام التعليمي.
الدكتورة «كاربيو»تتحدث عن بلدٍ من بلدان العالم هذا الذي يسمى ثالثا، وتشير بوضوحٍ مُمِضٍّ بأن السببَ في انحرافاتِ المجتمع عن قيَمِه وأخلاقياته هو أن قيادة مركبة التعليم، صارت قيادة غير آبهةٍ، ومتهورةٍ أحيانا، والمركبةُ ذاتـُها مليئة بالخلل الميكانيكي، وصدأ الهيكل، وتقادم التقنية.. مركبةٌ مثل هذه تسير في الطرقات، فتورِثُ مخلفـّاتٍ ملوِّثة للهواء، وأصواتٍ ملوّثة للأسماع، وقذىً في نظر العيون.. ياله من وصف دقيق، حادّ الرؤية الناقدة، ولكن يبدو أن هذا صحيح في أكثر من مجتمع.سمعتُ مرة ناقدا تعليميا تربويا يرفع صوتاً جهْوَريا، ويقول لنا بمجلس عام: «يا جماعة صارت التربيةُ في بلادِنا غير تربويةٍ، والتعليمُ غير تعليمي.»، ويقول ذاك الناقد، مشاركا رؤية الدكتورة كاربيو، ورؤية الدكتور إيفان دي. إليش في كتابه: «مجتمع اللامدرسة- Deschooling Society»، بأن الصنعة العلمية خلت من العدل والاتقان، العدلُ في توخي طرق فتح أذهان الطلاب، بدل هذه الصفقات التبادلية في الإلقاءِ والحفظ، والإتقانُ في رفع مهارات العملية التعليمية وأدواتها المساعدة وتحديثها بما يواكب متغيرات ومعطيات الوقتِ، والمكان، والظرف.والدكتور «إليش» يرى شيئا آخر مهما جدا، ولا أدري كيف وإلى أي مدى سيوافق التربويون والاجتماعيون عليه، فهو يؤكد: « المجتمعُ بكامله يُصنَع بالمدرسة!» .. هل يُعقل؟وستفهم نظرية الدكتور إليش، عندما تقرأ تبريرَه بالكتاب، وتستوعب بحيادٍ شرحَه المُسْهَب لقيمة التلقيم الأخلاقي سلوكا وتطبيقا في المدرسة، وأن المدرسة هي التي ترسّخ ارتباط التلميذ من صغره بقيم وأخلاقيات مجتمعه، وهذا يقودُه ليكون عنصرا صالحا لا يخالف نصوصَه الاجتماعية والأخلاقية والمعتقدية وحسب، بل يكون عنصرا بنـّاءً في صيانة وتنمية الثروة العامة للأمة، والحفاظ على مظهرِها العام، ومرافقها الخدمية المشاعة..إن ولع المدرسة ألأوربية في إدخال نمطٍ تاريخي مشوق في المدارس جعل الأوربي من صغره يحافظ على ما نراه من بناء تاريخي، من الهندسة القوطية، وقلاع من أيام الإقطاعيات في القرون الوسطى، وكأن عناصرَ التآكل الزمني حايَدَتها طيلة القرون.. والحقيقة، أن لا شيء في عناصر الطبيعة تغير، ولكن الناس بتغذيتهم التربوية والعلمية منذ الصغر في المدرسة جعلهم ينشأون على أن الحفاظ على ممتلكات الأمّة التاريخية من الممارساتِ التي تقارب القداسة، وسترى أن هذا مفهوم عام، حتى في أوربا الشرقية، رغم ما نالها من سيئات الحربَيْن الكُبريين، وجوْرِ الحكم الشيوعي لعقود. بينما نلاحظ عندنا، ليس فقط في ممتلكاتنا المشاعة، بل حتى في سكن الشقق بالعمارات، يكتفي الناسُ في تنظيف وتأنيق وصيانة منازلهم، ولا يهتمون للملكية المشتركة في العمارة، من المدخل الرئيس، إلى الممرات البينية، وكأن مهماتهم تنتهي عند عتبات أبوابهم.. رأيت هذا في مدننا، وفي القاهرة، وفي مدن عربيةٍ أخرى.لابد أن يكون من أغراض التعليم تنمية المهارات الذوقية الإنسانية، ويبدأ ذلك من المدرسة، مصدِّقا لما يقوله الدكتور «إليش»، في المدرسة لو تعلم التلاميذ مع المعلومات النظرية آدابَ السلوك والتعامل مع الغير لرقـَت طبائعهم السلوكية، ورقـَّتْ، وتهذَّبتْ، ولو غـُرِزَ من الصغر فينا ارتباطٌ حميمٌ مع البيئة والممتلكات لما تكاثرت عاداتُ رمي المخلفات في الحدائق ومن السيارات في أنهرِ الشوارع، ولما صارت مبانينا العامـّة أطلالا قبل أن تشتغل.وهذا يمكنه أن يحدث، ونغير مركبتنا التعليمية أو نصلحها أو نجددها، ونعرف أن هذا لن يصير بأمنيةٍ، ولا بالقصير المختصر من الزمن، ولكن البداية الصحيحة هدف بذاتها، وسيسبق كل هذا لِحـْمـَةٌ في الرغبة العامة، التحام بين طبقات الناس، وموجهي التربية والتعليم في تحقيق أهداف المجتمع الأكثر مثالية ورِفعة.
إنه إعادة اكتشافِ الوعي بالقيمةِ الأخلاقيةِ والسلوكيةِ والمهاريّةِ في الصنعة التعليمية.. وأن يُعطى الوقتُ والتمويلُ الكافيان لذلك.
http://www.alyaum.com/issue/page.php?IN=12954&P=4
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس