النشاط المدرسي مهم
--------------------------------------------------------------------------------
مواهب الطلاب والحاجة إلى الرعاية والتوجيه
كان من حسن حظي أن أحضر الحفل الختامي لبرامج الأنشطة المختلفة لعام 1428- 1429هـ وكنت حينها مأسورا بمشاعر لا أدري أيها يسبق أو يغلب؛ وهي مشاعر ربما يظن أنها لا تجتمع لأن بينها خصومة!تلك المشاعر هي: مشاعر الأمل ومشاعر الألم، فالأمل يقود إلى التفاؤل وهو مصدر الطمأنينة والرضا في الحياة قد كونتها ردود فعل لما كنت أراه في السنين الماضية من ضعف ووصف بالضعف!! وخمول في الأداء والتشجيع.. ولكن برامج الحفل لم تترك لتلك المشاعر فرصة لتعمق جذورها وتتسع مساحتها.لقد كنت أرى عددا كبيرا من الطلاب وهم يغطون في نوم عميق وحينما يستيقظون منه ينتقلون إلى نوم أعمق.. فالمستوى الدراسي منخفض وأداء الواجبات هم ثقيل فهو دون المأمول ومؤشر قوي على التهاون وعدم المبالاة!!ولكن ذلك الحفل كشف المستور، وغير المنظور، ونبه إلى زوايا من الهم التعليمي والتربوي ربما كنا لا نلقي لها بالا؛ ولقد أبدع المشاركون في الحفل وغيروا الصورة وفتحوا للأمل بابا واسعا.. فمعاذ وعماد وزيد وعيد و(العون) كانوا نجوما لامعة في سماء الحفل وكانت مشاركاتهم مطرا أحال جو الحفل إلى بستان يعبق بأزكى الروائح؛ وكان مشهد (الواسطة) مشهدا من مشاهد النبوغ والتميز عند من لم يتوقع منهم؛ وقد خرجت من الحفل بدروس كثيرة أهمها:
1- إن الشباب طاقات كبيرة وهمم متقدة تحتاج إلى من يكتشفها وبحاجة أكبر إلى من يرعاها حق الرعاية.. ولا يمكن أن تكتشف تلك المواهب والهمم والقدرات بين جدران الفصل لاعتبارات كثيرة يعرفها المشتغلون بالتربية والتعليم.. ولكن المسرح المدرسي ومنبر الشعر والخطابة هي المكان الصحيح لاكتشاف مواهب الطلاب ومهاراتهم.
2- لقد كان لجامعة الإمام محمد بن سعود ومعاهدها العلمية تاريخ مجيد سجل بحروف من ذهب نتائج التوجيه السليم والتربية القويمة والرعاية الحكيمة للطلاب.. وكان من خريجي المعاهد العلمية من تبوأوا المراكز العالية في مناصب الدولة العسكرية والمدنية وأثبتوا جدارة هم أهل لها وأظهروا تميزا وإبداعا هم صناعه ورواده.. وكان من حسن حظي أن كنت واحدا من طلاب الجامعة في المرحلة الثانوية والجامعية.. وما راءٍ كمن سمعا.
3- لا يزال البعض منا يجعل الحفظ مقياسا لنجاح الطالب؛ ولكن ذلك ليس شرطا للنجاح العام في الحياة فإن جوانب كثيرة من حياتنا لا تحتاج إلى الحفظ مثلما تحتاج إلى الابتكار وإعمال الذهن والنشاط البدني المتواصل.
4- وكما أن لأقفال الأبواب الحديدية والخشبية مفاتيح خاصة بها؛ فإن أبواب النبوغ والإبداع والتميز لدى الشباب تحتاج إلى مدرب ماهر ومهندس حاذق يملك تلك المفاتيح ليدخل بها إلى عالم رحب من القدرات والمهارات والمواهب المتعددة.
5- والتشجيع ومعرفة أقدار العاملين من الطلاب والمعلمين عامل رئيس في نجاح الجهود التعليمية التربوية.. ولكننا حينما ننسى هذا الجانب، فيكون المخلص النشيط والعامل المنتج مثل الأناني الذي لا يهمه إلا مصلحة نفسه ولا يلقي لغير ذلك بالا حينما نساوي بين الصنفين في تقييم الأداء الوظيفي وفي غيره من الحوافز ووسائل الثناء فإننا (ندفن) الهمم دفنا بعد قتلها؛ ونغلق الأبواب دون الهمم الجديدة والسواعد الفتية القادمة وأي أمل يعلق على همم ماتت ومواهب دفنت؟!! تلك دروس خرجت بها وبقي في الذهن غيرها.. غير أن سعادتي بظهور نتائج الدروس اللغوية والثقافية (التي سمعها أبنائي الطلاب على مقاعد الدراسة) على المسرح وفي قاعة الحفل كان هو الدرس العميق مما يجعلني أقول لكل معلم مخلص إن جهدك لم يضع ولكن نتائجه ربما لا تظهر لك إلا بعد حين.. وفق الله أبناءنا لكل خير وأسعد بهم والديهم، ونفع بهم بلادهم وكفاهم كل شر ومكروه إنه جواد كريم.
عبدالعزيز بن صالح العسكر
عضو الجمعية العلمية للسعودية للغة العربية
http://www.al-jazirah.com/1247574/wm12d.htm