رد: اقتصاد وتقارير ليوم الخميس 6/12
السوق السعودية والاقتصاد العالمي .. أزمة وفرصة
حسام بن عبد الرحمن الصالح
يبدو أن مقولة "الكون أصبح قرية صغيرة" تتأكد كل يوم أكثر من الذي قبله مع تسارع أحداث الأزمة الاقتصادية العالمية، وأثرها تقريباً في كل دول العالم دون استثناء خير دليل على صحة هذه المقولة.
إن ما نعيشه نحن في السعودية كجزء من هذا العالم، خاصة ما تمر به سوق الأسهم السعودية حالياً من تذبذبات ونزيف مستمر لموجودات جميع مَن في السوق لخير دليل على أن السعودية بشكل عام واقتصادها على وجه الخصوص ليست بمعزل عمّا يحدث في العالم اليوم من أزمات وكذلك من فرص. سوق الأسهم في المملكة وكغيرها من الأسواق العالمية شبه الناشئة Frontiers Market وأسواق الدول الناشئة Emerging Markets وكذلك أسواق الدول المتقدمة Developed Markets والصعوبات التي تمر فيها الشركات في تلك الأسواق لخير دليل على أن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي.
ولعل أهم ما يدور في عقول المتعاملين في السعودية هو عدة عوامل أذكر أهمها:
أولا: لا يشك أحد في أن الاقتصادات العالمية تعيش ركوداً Recession يدوم عادة من ستة إلى 18 شهراً، ونشعر بأثره في أغلب قطاعات الاقتصاد كقطاع الإنتاج الصناعي وقطاع التجزئة وكذلك البطالة والدخل الفردي. لكن كثيراً من الخبراء الاقتصاديين يحاولون تقدير إذا ما كانت الاقتصادات العالمية، وخاصة الدول الأساسية، ستعيش المرحلة الثانية من الركود الاقتصادي وهي ما يُعرف بالانقباض أو التقلصContraction or Depression وهي مرحلة يعيش فيها الاقتصاد بكل مكوناته حالة من الانقباض أو الركود الشديد، الذي يدوم لفترات أطول قد تمتد إلى ثلاث أو خمس سنوات وتعم بتأثيرها جميع مناحي الحياة في الاقتصاد، وللتذكير مرحلة الركود العظيم في الولايات المتحدة الذي بدأ في تشرين الأول (أكتوبر) 1929م وسرعان ما عمت أوروبا وباقي دول العالم.
ومنذ أيام فقط أكدت إحصائيات وأرقام اقتصادية رسمية لدول مثل ألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وفرنسا وكذلك الولايات المتحدة، أنها تعيش مرحلة ركود اقتصادي.
ثانياً: التذبذب العالي في السوق وعمليات جني الأرباح السريعة التي تشهدها السوق عند أي صعود لها، وهو ما يؤشر وبشكل كبير إلى وجود حاجة ماسة لوجود صانع سوق يعمل على موازنة السوق وتقليص التذبذب العالي فيها، وهو ما لا يتم إلا بوجود صناديق حكومية أو شبه حكومية، وكذلك فتح الباب للمستثمرين المؤسساتيين المحليين والعالميين.
ثالثاً: لقد كان لكلمة خادم الحرمين الشريفين لصحيفة "السياسة" الكويتية يوم الجمعة الموافق 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2008م وللشفافية التي ينتهجها - حفظه الله - أثر بالغ في المتعاملين في السوق السعودي من حيث شهدنا ارتفاع معظم الشركات بالنسب القصوى بعد تطميناته - حفظه الله - وهذا خير دليل على أن السوق السعودية ينقصها وبشكل كبير شفافية بين المواطن والمسؤول وسرد للحقائق فقط، ولا نجعل صغار المتعاملين في السوق ضحية للشائعات وحبائل المضاربين يسوفونهم كما يشاءون.
لعله من المفيد هنا أن نذكر أن الأزمة التي نعيشها اليوم لم تنته فصولها، وأنه من المتوقع أن نرى الأسوأ فيها بعد حين، ولعل أرباح الربع لعام 2008، تكون مؤشراً كبيراً على ذلك، وما تقوم به أغلب الشركات في المنطقة من تأجيل في المشاريع وصرف وتخلص من العمالة غير الأساسية والنزول الحاد والسريع في أسعار بعض العقارات الفخمة أو انهيارها إن صح التعبير، وعدم إقبال البنوك في المنطقة على التمويل العقاري وكذلك الصعوبات التي تواجهها بعض تلك الشركات في عمليات دفع ديونها إلا أمثلة على الصعوبات المتوقعة التي سنختبرها بشكل ما في اقتصادنا السعودي.
مع كل ما سبق فإني أجزم أن السوق السعودية تعتبر اليوم فرصة لكل مستثمر ذي بُعد استثماري يتجاوز ثلاث سنوات حيث معظم الشركات المتداولة تعد الأوفر حظاً بتأثرها البسيط، إن لم يكن معدوماً لبعضها بما يحدث عالمياً، وكذلك مستويات المديونية التي تعد مقبولة جداً مقارنة بباقي الشركات الإقليمية والعالمية وكذلك مستويات الأصول والنقدية التي تتمتع بها معظم الشركات وكذلك خطط الدولة بإبقاء مستويات الصرف كما هي في المدى القصير (الموازنة) وكذلك المدى البعيد (الخطط الخمسية) رغم انخفاض أسعار النفط لمستويات قد تكون غير مرغوبة.
أخيراً يستثمر أغلب المتعاملين في أسواق الأسهم في أغلب دول العالم لمدة عشر إلى 15 سنة، بينما نحن هنا نستثمر لمدة عشر إلى 15 ساعة فقط .. فعلا سوق تُستعصى على المحللين.
|