الموضوع: اسواق عالمية
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-08-2008   رقم المشاركة : ( 3 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اسواق عالمية

الانتصار على الأزمة بحاجة إلى تعاون
صانعو السياسة في البلدان المختلفة يجب ألا يحاولوا تحقيق الكثير وحدهم.


الأوقات الحرجة تتطلب إجراءات حرجة. أولاً، الحكومات في أنحاء مختلفة من العالم مزقت قواعد النظام المالي. والآن في الوقت الذي ينحدر فيه الاقتصاد العالمي في هوة الركود الاقتصادي، تعمل البنوك المركزية على إدخال تعديلات عجيبة على السياسة النقدية لتدارُك الوضع. بالأمس قرر البنك المركزي البريطاني والبنك المركزي الأوروبي والمركزي السويدي جميعاً إجراء تخفيضات كبيرة على أسعار الفائدة. بالنسبة للوقت الحاضر ليس هناك خيار إلا تخفيف السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، لكن يجب أن يشعر السياسيون بالتخوف من وقْع هذا التخفيف في السياسة على الثقة بعملاتهم وحكوماتهم.

تمر أوروبا بوضع سيئ. وأوضح صورة لذلك هي في بريطانيا. في أعقاب قرارات تخفيض أسعار الفائدة 200 نقطة أساس خلال الشهرين السابقين، قرر البنك المركزي البريطاني مرة أخرى تخفيض أسعار الفائدة 100 نقطة أساس لتصل إلى 2 في المائة. هذه هي المرة الأولى التي تهوي فيها أسعار الفائدة الرسمية إلى هذا الدرك منذ أن اتخذت أسعار الفائدة دورها الأساسي الحالي في إدارة الاقتصاد الكلي.

رغم أن الأسواق فوجئت بقرار تخفيض أسعار الفائدة 150 نقطة أساس في تشرين الثاني (نوفمبر)، إلا أنها كانت تتوقع قرار التخفيض الأخير. فقد هبط الناتج بمقدار نصف نقطة مئوية في الربع الثالث من هذا العام. ولا تزال معدلات البطالة متدنية عند 5.8 في المائة، لكنها منذ فترة وهي تشهد صعوداً حاداً. وأصيب الإنفاق الاستهلاكي وإنفاق الشركات بالركود، في حين أن الاستثمار في المساكن يمر بحالة من الهبوط. تشير دراسات المسح الاستبياني والتوقعات إلى أن الأوضاع ستزداد سوءاً. ومع ذلك الهبوط الحاد في الناتج والصعود الكبير في معدلات البطالة هي من الأمور المتوقعة.

كان قرار التخفيض من البنك المركزي الأوروبي عجيباً، خصوصاً بالنظر إلى مقاييسه الحذرة. فقد خفض أسعار الفائدة الرسمية 75 نقطة أساس لتصل إلى 2.5 في المائة. مرة أخرى النظرة القاتمة تعني أن قرار التخفيض كان متوقعاً. هبط الناتج في منطقة اليورو بمقدار 0.2 في المائة خلال الربعين الثاني والثالث، وكانت نسبة التقلص نصف نقطة مئوية في كل من إيطاليا وألمانيا. في بعض البلدان، خصوصاً إسبانيا، بلغت مستويات البطالة معدلات عالية، وهي الآن في ازدياد. في أيلول (سبتمبر) توقع البنك المركزي الأوروبي أن الناتج في منطقة اليورو سينمو بمقدار 1.2 في المائة عام 2009، لكنه الآن يتوقع أن يكون هناك تقلص خلال العام المقبل. من المتوقع أن يبدأ النمو مرة أخرى في 2010، لكن بصورة خجولة فقط.

هذا التباطؤ الاقتصادي ليس من النوع العادي. هناك احتمال قوي بأن هبوط أسعار السلع وانهيار الطلب والنظام المالي التالف يمكن أن تقلب معدلات التضخم إلى السالب، إذ من الممكن تماماً أن تكون هناك موجة من الأسعار الهابطة. إذا بدأ المستهلكون في توقع هبوط الأسعار، فإن هذا يمكن أن يفتح المجال لانطلاق سم الانكماش الاقتصادي. المشكلة العادية التي تواجهها السياسة النقدية من حيث التحرك بحذر بين الأسعار المتصاعدة والنمو الضعيف، ليست مصدر قلق الآن، لأنه ليست هناك مخاطر تضخمية على المدى القصير.

لكن لا يزال هناك خطر أن يكون رد فعل الحكومات مبالغاً فيه. حين تقوم الحكومات باتخاذ قرارات نشطة للغاية في السياسة النقدية والمالية العامة، فإن ذلك ربما يخيف المستثمرين ويؤدي إلى ارتفاعات قوية في أسعار الفائدة على المدى الطويل ويشعل فتيل الهروب من العملات. التحفيز الآتي من المالية العامة وتخفيض أسعار الفائدة لا يمكن الحصول عليهما مجاناً. هذه الإجراءات، حتى في الوقت الذي تسعى فيه لحل المشكلات المحلية الملحة التي تواجهها البلدان، فلا بد لها أن تدرك الطبيعة الدولية للأزمة. فالبلد العضو في منطقة اليورو الذي تمتنع البنوك عن التعامل معه سيشكل تحدياً هائلاً لاتحاد العملة الأوروبية.

هذا الخطر ليس إلا واحداً من التصورات التي لا بد للزعماء الأوروبيين من التعامل معها بيد واحدة للتقدم خطوة واحدة على الأزمة. منذ الاندفاع إلى إعادة رسملة البنوك في تشرين الأول (أكتوبر) كان يبدو على صانعي السياسة أنهم متخلفون بخطوة واحدة عن الأزمة. مثلا، الاختلال المالي ضمن أوروبا لا يزال خطيراً بصورة خاصة.

ألمانيا هي أكبر بلد للصادرات في العالم. من المتوقع أن يبلغ فائض الحساب الجاري الألماني لهذا العام 7.3 في المائة من الناتج. والحكومة الألمانية، التي تتمتع بوضع سليم في المالية العامة، يجدر بها أن تشجع الاستهلاك المحلي عن طريق صفقة للتحفيز المالي. فإن لم تفعل، فإن جهود الحكومات الأخرى لرفع الطلب سيتم امتصاصها من قبل ألمانيا. هذه السياسة الطفيلية تضر بمصالح البلدان نفسها. فالاعتماد على النمو في الطلب العالمي لاجتياز الركود الاقتصادي العالمي أمر يدل على الحمق. لكن مشكلة أوروبا مع ألمانيا هي جزء صغير للغاية من المشكلة العالمية مع البلدان ذات الفائض. لا بد للبلدان ذات التصدير الفائق أن تبدأ بالإنفاق الداخلي.

منذ فترة قريبة كشفت الصين النقاب عن صفقة تحفيزية ضخمة من المالية العامة، لكن بدلاً من أن تصب الحكومة مزيدا من الأموال في الطرق والموانئ والجوانب الأخرى من البنية التحتية للتصدير، يجدر بها أن تشجع الإنفاق. وهذا يعني مزيدا من الإنفاق الحكومي على الاستثمار في الرعاية الصحية والتعليم والتأمينات الاجتماعية والرديات لتحويل المدخرين الصينيين إلى منفقين كبار.

البلدان التي تعاني العجز، خصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا، ليست في وضع يؤهلها لإحياء الطلب العالمي من تلقاء نفسها. صفقات التحفيز يمكن أن تجعل البلد يكسب بعض الوقت للحؤول دون أن يصبح التكيف وحشياً: بمقدور الولايات المتحدة، التي تمتلك عملة الاحتياطي العالمي، أن تقوم بعمليات توسع كبيرة لبضع سنوات. لكن العالم القديم الذي اتسم بموجات من الطلب تأتي من عدد قليل من البلدان المسرفة وتقابلها موجات العرض من البلدان الأخرى، ولَّى إلى غير رجعة.

حتى الآن تمكن صانعو السياسة من التصرف في آخر لحظة قبل فوات الأوان. لكن الحلول المرتجَلة التي يتخذها بلد واحد لن يكون لها إلا أثر محدود. الأزمة المالية العالمية بحاجة إلى استجابة دولية منسقة.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس