
إيرادات الميزانية تبلغ 1100 مليار كأكبر إيرادات تحققها المملكة تاريخيا اليوم الإلكتروني الاربعاء 24 ديسمبر 2008 6:53 ص


النفط فوق 80 دولارا خلال التسعة أشهر سبب الإيرادات التاريخية
الموازنة للعام القادم تعكس التعامل باطمئنان تجاه المستقبل
نتناول في هذه العجالة أهم التطورات التي رصدناها عن الموازنة العامة للدولة 2008/2009 والتي تبنت مشاريع جديدة وزيادات لمشاريع معتمدة سابقا بشكل يعكس إنفاقها الجريء والواثق من المتغيرات المستقبلية نظرا لتمتع المملكة باحتياطيات عالية عمدت سابقا الى عدم تبديدها في برامج الإنفاق الاستهلاكي او التسرّع في تبني إنشاء مشاريع بتكلفة عالية من وجهة النظر الاقتصادية والاجتماعية أيضا. مما ساعد على التعامل باطمئنان في هذه الميزانية تجاه المستقبل وتغيراته خصوصا ونحن في قلب أزمة اقتصادية عالمية.
حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي مبلغ 1.7 تريليون ريال سعودي بنسبة نمو مقدارها 22 بالمائة عن الرقم المسجل العام الماضي 2007 البالغ 1.4 تريليون ريال.ومن الملاحظ ان الدين العام ينخفض سنة عن سنة مما يعكس حرص الحكومة على تسديد الدين العام مشيرا هنا الى ان الديون السعودية عبارة عن ديون داخلية وليست خارجية وقد لاحظنا انها انخفضت من 366 مليار ريال عام 2006 الى 267 مليار ريال عام 2007 ثم الى 237 مليار عام 2008 بمقدار 30 مليار ريال لتصبح تشكل 13.5 بالمائة نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي فقط وتبقى التحديات قائمة لضبط هذه النسبة خلال العام القادم.
من جهة أخرى فقد بلغت الايرادات الاجمالية الفعلية للعام 2008 مبلغ 1100 مليار ريال كأعلى ايرادات تحققها الميزانية عبر تاريخها مما خلق فوائض مالية بمقدار 590 مليار ريال وذلك بعد خصم اجمالي النفقات التي سجلت للعام نفسة 2008 البالغة 590 مليار ريال. و من الواضح ان الموازنة العامة السعودية تحقق فوائض مالية ملفتة خلال الأعوام من 2005 إلى 2008 حيث سجلت ميزانية عام 2005 فائضا بمقدار 217 مليار ريال جراء انتاج 9.5 مليون برميل بسعر 49.67 دولار. وعلى الرغم من انخفاض انتاج النفط عام 2006 إلا أن ارتفاع أسعار النفط الى 59 دولارا ادى فيما يبدو الى ارتفاع الفائض حيث سجل آنذاك مبلغ 280 مليار ريال .ثم عاود ليقلص من قيمته عام 2007 الى 178 مليار ريال رغم بلوغ متوسط سعر الخام العربي الخفيف سعر 84.3 دولار ويظهر ان انخفاض الانتاج الى 8.7 مليون برميل يوميا اثر قليلا في الإيرادات ولكن ذلك تواكب مع زيادة في الإنفاق الحكومي بلغ 443 مليار في نفس العام وهو الارتفاع بما مقداره 50 مليارا عن نفقات 2006 البالغة 393.3 مليار ريال .ما يعكس التوجه الحكومي نحو الإنفاق على برامج التنمية و الخطة الخمسية الثامنة في ظل الانحرافات المعيارية غير المؤثرة اقتصاديا .
وفي شأن ذي صلة نلاحظ ان الإيرادات الفعلية بلغت 1100 للعام 2008 ولعدم توافر معلومات عن كمية وسعر النفط خلال الفترة ولغرض التعاطي المحاسبي التقريبي فنشير ان اسعار النفط كما يظهر في الرسم أمضت حوالي 14 شهرا فوق حاجز الثمانين دولارا منها 9 اشهر كان خلال عام 2008 ومن المؤكد ان هذه الايرادت تأثرت ببقاء الأسعار فوق هذا المستوى والذي صاحبه زيادة ضخ في الكميات المنتجة من البترول من قبل السعودية. فأثرت في مقدار الإيرادات خصوصا ونسبة العوائد النفطية تشكل 90 من إجمالي الإيرادات.
اما بالنسبة للنفقات التقديرية للعام القادم 2009 البالغة 475 مليار ريال فهي تقل بحوالي 35 مليار ريال عن المصروفات الفعلية التي أنفقت عام 2008 والبالغة 510 مليارات ريال وهذا الخفض في ظني يعكس تصورين ايجابيين : الأول : التوقعات بانخفاض تكاليف إنشاء وتمويل المشاريع المعتمدة او المزمع البدء بها خلال العام 2009 حيث شهدنا في السابق انخفاض عدد من اسعار السلع الإنشائية مثل الحديد والاسمنت وخلافه . الثاني :وجود توجه بإزالة الدعم عن تلك السلع التي ارتفعت أسعارها على المواطنين في السابق وذلك بعد ان تعود الى اسعارها الطبيعية في المستقبل. ومنه فإننا نتوقع تحركا حكوميا حثيثا للتعاطي مع تلك الأسباب التي جعلت تلك الاسعار لا تنخفض حتى الآن.
من جهة أخرى فقد أظهرت الميزانية - رغم العجز المقدر للعام القادم بـ65 مليار ريال - ارتفاعا في الإنفاق التقديري لجميع القطاعات الخمسة الاساسية في العام 2009 عن تلك المقدرة في العام 2008 وفي ظني ان هذا هو بيت القصيد على اعتبار ان العجز سيغطي بسهولة من الوفورات المتحققة من الأعوام الماضية. اجمالا فقد ارتفع المخصص المرصود لقطاع التعليم والتدريب بمقدار 17.1 مليار ريال ونسبة نمو 14 بالمائة عن العام الماضي 2008 في حين ارتفعت المخصصات الخاصة بقطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية بمقدار 7.9 مليار ريال بنسبة ارتفاع تبلغ 15 بالمائة عن العام الماضي وبلغت المخصصات التي قدرت لقطاع الخدمات البلدية مبلغ 52.3 مليار ريال بنسبة نمو 10 بالمائة كما ارتفعت المخصصات لقطاع النقل بملغ 1.9 مليار بنسبة نمو مقداره 15 بالمائة واخيرا بلغت مخصصات قطاعات النقل والزراعة والتجهيزات الأساسية مبلغ 35 مليار ريال بنسبة نمو مقداره 19 بالمائة عن المخصصات المقدرة لها العام الماضي 2008 .
أخيرا أعتقد أن الميزانية أظهرت نتائج تفوق التوقعات من حيث الإيرادات وهذا يعكس ضبطا محاسبيا مهما رصده. في حين اهتمت بترتيب الإنفاق المستقبلي لعام 2009 وفقا لتوقعات منطقية واعتبارات اقتصادية دولية مدروسة جيدا.
وأعتقد أن نسبة التضخم لعام 2008 البالغة 9.2 بالمائة والتي تعتبر احدى اهم تحديات العام القادم سوف تشهد انخفاضا يساهم في تنفيذ برامج إنشاء المشاريع التي أكد خادم الحرمين الشريفين في كلمته للوزراء بضرورة البحث عن حلول لتسريع إنشائها وهذا يؤكد حرص خادم الحرمين الشريفين في كل الامور التي تمس مصلحة المواطن ورفاهيته.