د. فهد بن جمعة
النفط في 2009
د. فهد بن جمعة
ارتفع سعر نايمكس الخميس الماضي 5.57 دولار إلى 44.60 دولار للبرميل بعد ان أوقفت روسيا تصدير الغاز إلى اكرونيا ما سوف يعرض الطاقة في أسواق غرب أوروبا إلى انقطاعات وتدهور الأسعار. أما المخزون التجاري الأمريكي فقد ارتفع في الأسبوع الماضي بمقدار 0.5 مليون إلى 318.7 مليون برميل بعد الانخفاض الحاد في الأسبوع السابق. هكذا بدأ العام الجديد بانخفاض الدولار وارتفاعات حادة في أسعار النفط وكأن التاريخ يعيد نفسه مع بداية 2008 وفي النصف الأول منه عندما دفع الطلب القوي على النفط في الصين والهند إلى رفع سعر نايمكس إلى 147 دولار. لكن نرى على النقيض في الربع الأخير من نفس العام عندما انخفض الطلب العالمي ان الاسعار إلى 32 دولارا رغم تخفيض الأوبك لإنتاجها في نوفمبر وديسمبر بمقدار 3.7 مليون برميل يوميا.
فلم يتوقع الكثير من المحللين أن تنخفض أسعار النفط بنسبة 60% في 2008 بعد إن وصلت إلى أعلى قمة لها قبل أن تنخفض إلى أدنى قاعه لها مقارنة بارتفاعاتها في 2007 بمقدار 57%. هذا ما جعل المضاربين يستبشرون بعد ان اجتازت الأسعار حاجز 100 دولار في فبراير وواصلت ارتفاعاتها خلال فترة الصيف, أن تتسع الفجوة بين الطلب والعرض ويؤدي ذلك إلى المزيد من الارتفاعات في الأسعار وهذا ما حصل فعلا حتى فاجأت هؤلاء المتاجرين في العقود الآجلة الازمة المالية والاقتصادية التي أدت إلى تدهور الطلب على النفط والضغط على أسعاره إلى الأسفل . فما زالت التوقعات الاقتصادية المتشائمة تمارس ضغوطا على تلك الأسعار بعد ان دخل اقتصاد الولايات الأمريكية وبعض الدول الأوربية في مرحلة الكساد و انخفض إجمالي الطلب الأمريكي من البترول بنسبة 6.1% بينما بقي الطلب في الصين وبعض الدول النامية في حاله من استمرارية النمو ولكن بمعدل اقل.
إن تحديد أسعار النفط المستقبلية تخضع لاحتمالية انتعاش الاقتصاد العالمي الذي يعتمد على عمق وطول فترة الركود الاقتصاد الحالية قبل أن يتعافى من تلك الأزمه ويدفع بالطلب العالمي إلى الاستقرار ثم تحديد اتجاه الأسعار. إنه من المحتمل أن تعاود أسعار النفط ارتفاعاتها في هذا العام بنسب متواضعة بعد ان استوعبت أسواق النفط العالمية التوقعات الاقتصاديه غير الجيدة و بعد ان قلصت شركات النفط العالمية استثماراتها في عمليات الاستكشاف والإنتاج ما قد يتسبب في نقص كمية النفط المعروض ويحدث هزة سعرية جديدة. لذا سوف نرى أسعار النفط ضعيفة في الربع الأول إلى الربع الثاني قبل أن تنتعش في النصف الثاني تحت فرضية ان الطلب العالمي لن ينخفض اكثر مما هو عليه الآن مع عزم الأوبك على الوفاء بالتزاماتها في خفض الإنتاج من اجل الوصول إلى السعر المستهدف فيما فوق 70 دولارا للبرميل. هذا ما يشير إليه متوسط سعر نايمكس في العقود المستقبلية في الربع الأول من 2009 الذي سوف يقارب 46 دولارا و 52 دولارا طوال العام. لا سيما إن نمو الاقتصاد الصيني سوف يحدد أسعار النفط في العام الحالي مع احتمالية استمرار نموه رغم الركود الاقتصادي التي تعانيه حيث توقع تقرير وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في العام الحالي من 85.8 مليون برميل يوميا إلى 86.3 مليون برميل يوميا مدعوما بنمو الطلب في الصين والهند.
عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية