مشهور الحارثي
استهلت السوق تداولاتها مطلع عام 2009 على ارتفاع قوي بجميع قطاعاتها حتى أغلق مؤشر السوق عند مستوى 5322.2 نقطة مُحققاً ارتفاعا بنسبة 10.8 في المائة، وكان أكثر القطاعات ارتفاعاً هو قطاع "الإعلام" و"البتروكيماويات" و"التأمين" بنسبة ارتفاع تجاوزت 16 في المائة, وبشكل عام فإن سبعة قطاعات كان ارتفاعها يزيد على 10 في المائة, وجميع القطاعات تجاوز ارتفاعها 5.8 في المائة, ما عدا قطاع التجزئة فاكتفى بالارتفاع بنسبة تقل عن 2 في المائة قليلاً ليستريح بعد تعبه من الصعود لفترة, بينما اختار قطاع الإعلام الارتفاع بقوة كبيرة فكان من أكثر القطاعات ارتفاعاً.
قادة المؤشر
أعلنت "تداول" في أول يوم من أيام العام الجديد عن مكونات مؤشر السوق ذي الطبيعة الحرة, والإعلان الذي يصدر نهاية كل فصل ربعي أظهر عدد الأسهم القابلة للتداول في السوق بشكل حُر, وفيه اتضح أن سهم "الراجحي" لا يزال يحتفظ بمكانته كقائد للسوق بعد أن تنازل سهم "سابك" في الربع الثالث من العام الماضي عن هذا العرش، كما أظهر إعلان تداول أن سهم "سابك" لا يزال ثاني سهم يؤثر في حركة مؤشر السوق, ومن بعده يأتي سهم "سامبا" و"الاتصالات".
وكمهتمين بالسوق من زاوية التحليل الفني, فإن مثل هذا الإعلان يُفيدنا بأن نعرف الأسهم القائدة للسوق لنقوم بتحليلها فنياً عند تحليل مؤشر السوق ونعرف هل سينجح مؤشر السوق في إحداث اختراق ما من عدمه؟ فمثلاً رأينا مؤشر السوق بعد إجازة عيد الأضحى قد اخترق المتجه الهابط ثم أصبح يسير لفترة بشكل جانبي ولم يُكمل صعوده, وبعضهم نسبه إلى انتظار المُتداولين للميزانية وهذا صحيح, ولكن نحن في التحليل الفني نقوم بدراسة حركة السعر بغض النظر عن الأسباب, ونرى حسب تفسيرنا أن امتناع سهم الراجحي عن الصعود وكذلك تذبذب سهم "سابك", أثر في حركة مؤشر السوق وجعله يسير بشكل جانبي في تلك الفترة.
وأما من يُريد المُتاجرة في سهم ذي وزن ضعيف فعليه أن يدرسه فنياً بعيداً عن مؤشر السوق, لأن هذه الأسهم عندما تسمح لها ظروفها الفنية بالصعود فإنها غالباً ما تفعلها بعيداً عن تأثيرات مؤشر السوق, وهذا ما يُسميه بعضهم بارتفاع الخشاش.
إسراف الارتفاع
كلنا مُبتهجون لهذا الارتفاع القوي الذي نأمل أن يكون فاتحة خير على سوق الأسهم السعودية في هذا العام, ولكن مثلما أسرفت السوق في الهبوط فإنها تُسرف في الصعود أيضاً، لقد ارتفعت السوق على مدى تسعة أيام مُتتالية مُتجاوزة بذلك مستويات مقاومة عنيفة تحدثت عنها في تقارير سابقة، أولها كان مستوى المُقاومة النفسي عند مستوى خمسة آلاف نقطة، ومن بعده يأتي متوسط 50 يوما الذي شكل مُقاومة في يوم السبت عند مستوى 5100 نقطة, كما في شكل (1), وأكدت أيضاً على مستوى المقاومة عند 5218 نقطة وبينت أنه بتجاوز السوق لهذا المستوى سيحدث اندفاع قوي في الصعود.
ولكن لنعلم أن عملية الاختراق هذه إذا تمت في ظروف طبيعية في أي سوق فمن الطبيعي أن يعقبها تراجع من مؤشر السوق أو السهم الذي قام بالاختراق، وذلك حتى يختبر مستويات المقاومة التي اخترقها وتحولت من مستويات مقاومة إلى مستويات دعم (التحول في هوية المُستويات من مقاومة على دعم والعكس هو أحد مفاهيم التحليل الفني)، هذا التراجع يحدث في الظروف الطبيعية للارتفاع فما بالك عندما يكون الارتفاع مُتتابعاً وسريعاً Rally.
استمرار الصعود
وبالنظر إلى الرسوم البيانية وبعد دراسة لحركة مؤشر السوق يظهر جلياً أن السوق حولت مسارها من الهبوط إلى الصعود على الأجل المتوسط, وذلك بتجاوزها للمُتجه الهابط كما في شكل (2)، ومرحلة الصعود الحالية التي بدأها مؤشر السوق لا بد أن يعقبها تراجع بسيط.
نعم من المُرجح أن يستمر الصعود, وأي هبوط لن يطول بسبب أننا ننتظر حدوث تقاطعات إيجابية بين متوسطات الحركة البسيطة ذات الـ 10 والـ 20 يوما لتخترق متوسط 50 يوما كما يتضح في شكل (1) وهذا كفيل بحدوث تغير في الاتجاه على الأجل المتوسط لمؤشر السوق، ويدعمه في هذا ما حدث من اختراق للمُتجه الهابط الثانوي كما في شكل (2).
مراحل وتحليل
ولكل طور ومرحلة تعيشها السوق أدوات تحليل فني مُختلفة, وبما أننا مُقتنعون أننا في مسار صعود ومهما كانت قوته فإننا يجب أن نأخذ في الحسبان العقبات التي قد تعترض طريق صعود مؤشر السوق، وهنا يجب أن تفحص مؤشر السوق أو السهم الذي تُحلله وتدرس أين تقع مستويات الدعم والمُقاومة الأفقية, إضافة إلى مُتوسطات الحركة البسيطة والأسية والموزونة حسب الإطار الزمني Time Frame الذي تقوم بالتداول على أساسه.
أما عند تحول مسار مؤشر السوق أو سهم ما من اتجاه صاعد إلى هابط أو العكس كما في حالة السوق في الوقت الراهن, فاستخدم نسب تراجعات فيبوناتشي لتُحدد لك مستويات المقاومة وأهدافك للمُتاجرة، ولا تنس الاستنارة بالمؤشرات المُتذبذبة مثل مؤشر RSI والماكد وأخواتهم ولكن اعتمد بشكل كبير على الاختراقات وخطوط الاتجاه.
مسار الصعود
بما أننا وصلنا إلى قناعة بأن مؤشر السوق في اتجاه صاعد الآن بعد اختراقه للمُتجه الهابط الثانوي, فإن علينا دراسة مسار مؤشر السوق في المرحلة القريبة أي على الأجل المتوسط, وذلك باستخدام الرسم البياني اليومي Daily Chart، حيث يتضح من شكل (2) أن مؤشر السوق تجاوز مقاومة أفقية عند مستوى 5218 نقطة غير تلك المُقاومة التي صنعها متوسط 50 يوما عند 5100 نقطة، لقد أغلق مؤشر السوق فوق المقاومة الأفقية أي فوق 5218 نقطة لمدة يومين مُتتاليين, ولكن هذا لا يمنع من عودة مؤشر السوق لاختبار هذا المستوى ومدى قدرته على الدعم, أي أن مستوى 5218 نقطة أصبح دعما الآن.
وباستخدامنا لنسب تراجعات فيبوناتشي كما في شكل (2), يتضح أن أول نسبة من نسب فيبوناتشي هي 38.2 في المائة ستُشكل مستوى مقاومة عند مستوى 6048 نقطة تقريبا, ومما لا شك فيه أن مستوى 5500 نقطة وما حولها سيُشكل مقاومة نفسية وهذا يتوافق مع وجود قاع عند 5640 نقطة كان قد تكون في 12 من تشرين الأول (أكتوبر) كما في شكل (2).
صراع القادة
بالرغم من التفاؤل العام فإني أميل إلى أن يقوم مؤشر السوق بالتهدئة أو التراجع في أسوأ الأحوال مطلع الأسبوع القادم, ويدل على هذا مؤشر ستوكاستيك Stochastic، لعل أحد عوائق صعود مؤشر السوق هو سهم "سابك" الذي يقف حالياً في مواجهة مع متوسط 50 يوما الذي يُقاومه عند مستوى 58.5 ريال، وتبين مراراً أن مستوى 60 ريالا قاوم تقدم سهم "سابك" مراراً ومثله سهم "سامبا" صعد منذ أواخر كانون الأول (ديسمبر) وحتى الآن وهو الآن مُنهك القوى وهذه تُعد نقاط سلبية.
بينما على الجانب الآخر فإن سهم "الراجحي" نجح في تجاوز متوسط 50 البسيط يوم الثلاثاء وثبت فوقه يوم الأربعاء وسيحتاج حتماً إلى اختباره كدعم, بينما نرى القائد الرابع للسوق وهو سهم "الاتصالات" تجاوز متوسط 50 يوما الأربعاء الماضي ويحتاج إلى الصعود حتى يؤكد مساره وسيفعلها.
ما أريد قوله هو أن سهم الراجحي والاتصالات إن أكملا صعودهما سيؤثران إيجاباً في مؤشر السوق, ولكن سهم "ساميا" في الجانب الآخر سيُساعد على إعاقة حركتهما بسبب مقاومة متوسط 50 يوما له عند سعر 55.5 ريال، وخذ في الحسبان صعود سهم "سامبا" الكبير والمُتتابع الذي قد يُضعف السهم ويمنعه من الاستمرار في الصعود وبالتالي عدم قدرته على تجاوز متوسط 50 يوما، كما أن سهم "سابك" إذا لم يتجاوز سعر 60 ريالا فإنه سيؤثر سلباً في مؤشر السوق الذي سيلجأ إلى التهدئة، لما لا وسهم "سابك" ينظر له المُتداولون بقلق لقرب صدور النتائج المالية السنوية.
غيوم النتائج
مع كل يوم يمر على السوق تقترب اللحظة التي ستُعلن فيها الشركات نتائجها المالية السنوية وبهذا تتلبد الغيوم في سماء السوق ولا يعرف أحد هل ستكون سحائب خير تدفع السوق للصعود أكثر أم أن هذه الغيوم هي نُذر بتراجع السوق وإجهاض لصعودها الحماسي، لكن بالنظر إلى مستوى الشفافية الهابط الذي تتحلى به بعض الشركات المُساهمة فإننا قد نرى إعلانات لنتائج سلبية عن الفترة الماضية وهذا متوقع من الغالبية ولن يكون بمفاجأة، ولكن ستصمت هذه الشركات ولن تتحدث عن نظرتها المُستقبلية وهو الأهم لنا إلا من رحم ربي وهم قلة وبالتالي لن يتمكن المُستثمر من الحصول على معلومات كاملة ليأخذ قراره الاستثماري وسيتجرع هذا الأمر وسيهدأ نمط السوق ثم سيُكمل حركة الصعود التي بدأه.
ولذا ينظر البعض إلى هذا الصعود إلا أنه سيكون قصير الأمد نظراً لقرب النتائج المالية السنوية للشركات التي ستُعلنها هذا الشهر ويعتقد البعض أن وقت الإعلان سيشهد تراجع للسوق، ولكن يبقى حالياً أن التفاؤل بصعود مؤشر السوق هو الغالب في السوق بالرغم من إسرافه في الصعود المُتسارع Rally، في حالة استمرار الصعود فإنه من المتوقع أن لا يتجاوز مستوى 5640 نقطة وقد يتراجع مؤشر السوق قبل هذا المستوى ليختبر مستويات الدعم كما بينت أعلاه، ومع قرب إعلان النتائج فإنني أعتقد أن حركة مؤشر السوق ستنحصر في أحسن الأحوال بين مستوى 5200 و5700 نقطة نظراً للتفاؤل العام.
الربع الأول
حتى إن صدرت نتائج سلبية من الشركات فلا أعتقد أن يؤثر هذا في مسيرة الصعود التي تزداد احتمالاتها يوماً بعد يوم، وأعتقد أن المؤشرات الفنية إيجابية على الأجل الطويل كما في شكل (3) وهذا ما يُرجح عندي القول إن الربع الأول من عام 2009 الذي تشاءمنا منه سيكون إيجابياً.
وعند النظر إلى مؤشر السوق في شكل (3) تظهر لنا حركة مؤشر السوق الأسبوعية Weekly Chart ويتبين أن مؤشر الماكد MACD قريب جداً من إحداث تقاطع إيجابي مع الأخذ في الاعتبار أن مؤشر السوق تجاوز متوسط حركة عشرة أسابيع الأسي الذي كان يقف كمقاومة عند مستوى 5300 نقطة تقريبا، ويجب أن يُغلق مؤشر السوق فوق نفس هذا المستوى للأسبوع الثاني على التوالي حتى تتأكد لنا قوة الاختراق لمستوى 5300.
الخلاصة
شهدت السوق صعوداً قوياً بنسبة 10.8 في المائة في الأسبوع الأول من عام 2009 ونأمل أن يكون هذا فاتحة خير، لكن ما قامت به السوق من صعود قوي ومُتسارع Rally، حيث ارتفع لمدة تسعة أيام مُتتالية, يُرجح احتمال أن تلجأ السوق للتهدئة وتعود إلى مستويات دعم جديدة ويختبرها، ولكن هذا لا يُلغي فكرة أن السوق قد تغير مسارها من الهبوط إلى الصعود على الأجل الطويل.
ومع وجود هذا التفاؤل العام الذي تُسانده المؤشرات الفنية الإيجابية ومع قرب إعلان النتائج المالية السنوية للشركات فإن هذا الصعود سيتعقبه تهدئة وستبقى في مرحلة تذبذب بين 5200 و5700 نقطة تزيد عليها أو تنقص قليلاً وتذكر أن باب الاحتمالات مفتوح لأي شيء ففي السوق عنفوان وروح جديدة.