01-11-2009
|
رقم المشاركة : ( 16 )
|
أبو عبدالله
|
رد: الأخبار الاقتصادية ليوم الأحـــد 14 مـحــرم 1430هـ الموافق 11 يناير 2009 م
إنتاج الطاقة من المخلفات المنزلية.. 100 محرقة في أوروبا بحلول 2012
د. ياسر طه مكاوي
يقدر حجم المخلفات المنزلية في العالم بنحو 1.6 مليار طن في العام حسب تقديرات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لعام 2005, يُتوقع أن يتجاوز هذا الحجم حدود ثلاثة مليارات طن بحلول عام 2030. في المتوسط 80 في المائة من هذا الكم الهائل من المخلفات يتم التخلص منه عند طريق الدفن في باطن الأرض في مواقع مخصصة خارج المدن في حين تتوزع نسبة الـ 20 في المائة المتبقية ما بين إعادة التصنيع Recycling والتخلص عن طريق الحرق في أفران خاصة Incinerators.
حرق المخلفات من الطرق الشائعة منذ آلاف السنين للتخلص من النفايات المنزلية, حيث يتم الحرق في المساحات الخالية في الهواء الطلق. أما على المستوى الكبير فهناك اليوم عدد كبير من الشركات التي تقوم بعمليات الحرق في أفران خاصة وتحت ظروف محكمه وذلك خصيصاً بغرض الاستفادة من الحرارة الناتجة في إنتاج الطاقة, وهذا هو ما يهمنا في هذا المقال.
أهم ما يميز عملية حرق المخلفات عدا عن كونها وسيلة جيدة لإنتاج الطاقة هي في أنها تساعد على تقليص حجم المخلفات المدفونة في باطن الأرض. قد لا يعلم كثيرون أن دفن النفايات يتسبب في مشكلات بيئية خطيرة خصوصا على المدى الطويل, فعند تحلل المخلفات العضوية في باطن الأرض ينبعث غاز الميثان الذي يُعد أشد ضرراً من غاز ثاني أكسيد الكربون من ناحية زيادة درجة حرارة الأرض (ظاهرة الانحباس الحراري). إضافة لذلك فإن السوائل المتكونة في باطن الأرض نتيجة لذوبان هذه المخلفات في التربة قد يؤدى إلى تلوث المياه الجوفية وبذلك تصبح غير قابلة للشرب. لذلك يتزايد الاهتمام اليوم بتطوير طرق حرق المخلفات بدلا من دفنها.
بحلول عام 2012 سيتم إنشاء ما يزيد على الـ 100 محرقة جديدة في أوروبا تعمل خصيصاً من أجل تحقيق هدفين, الأول هو التخلص من النفايات دون اللجوء إلى دفنها, أما الهدف الثاني فهو الاستفادة من الحرارة الناجمة عن الحرق في إنتاج الطاقة.
بصورة مبسطة يمكن الاستفادة من الحرارة الناتجة في إنتاج الطاقة بطريقتين, الأولى تتمثل في إنتاج بخار الماء الذي يمكن استعماله في إنتاج الكهرباء عن طريق التوربينات البخارية, والثانية تتمثل في إنتاج غازات ذات قيمة حرارية عالية يمكن أيضاً استعمالها في إنتاج الكهرباء عن طريق التوربينات الغازية. من الناحية التقنية يمكن أن يتم ذلك بطريقتين رئيسيتين:
1) تقنية حرق الكتل في الأفران Mass burninحيث يتم إنتاج طاقة حرارية عالية تُستغل في إنتاج الكهرباء بواسطة التوربينات. تصل الطاقة المنتجة إلى ما يقارب السبعة ميجاوات لكل ألف طن من المخلفات. تعد هذه التقنية من أسهل الطرق وأكثرها انتشارا في إنتاج الطاقة من المخلفات إلا أنه يجب فصل المواد البلاستيكية والحديدية جيداً قبل حرقها منعاً لانبعاثات الغازات الضارة.
2) تقنية المفاعلات الممّيعة Fluidized bed reactors. حيث تُحرق المخلفات العالقة تحت ظروف حرارية خاصة بعد خلطها مع الرمل مدفوعة بواسطة الهواء. يتم استخدام الغازات الناتجة ذات القيمة الحرارية المتوسطة في إنتاج الكهرباء بواسطة التوربينات الغازية. تعد هذه التقنية ذات أهمية خاصة كونها تسمح بحرق أنواع مختلفة من المخلفات دون الحاجة لعمليات الفصل المعقدة، كما أنها تعد الأفضل من حيث التحكم في الانبعاثات الغازية, وذلك بإضافة المحفزات التي تعمل على الحد من تكونها. يتم استخدام هذه الغازات ذات القيمة الحرارية المتوسطة في إنتاج الكهرباء بواسطة التوربينات الغازية. يمكن أيضاً استخدام هذه التقنية في إنتاج غاز ذي قيمة حرارية عالية لا يقل كثيراً عن الغاز الطبيعي وذلك عن طريق تكسير المخلفات عند درجة حرارة عالية مع انعدام الأكسجين.
بالطبع نجاح هذه التقنيات في إنتاج الطاقة يعتمد بصورة أساسية على خطط جمع و فرز هذه المخلفات قبل إرسالها للحرق. من المهم جداً عزل المواد البلاستيكية والمعادن، حيث إن حرق هذه العناصر قد يتسبب في زيادة تركيز الدايكسين ذي التأثيرات الخطيرة في صحة الإنسان. يمكن أن تتم عمليه الفرز بصورة مبسطة يدويا, كما هو الحال في عمليات إعادة التصنيع, أو على الحجم الصناعي الكبير بعدة طرق أهمها الفصل المغناطيسي، حيث يتم التخلص من العناصر المعدنية أو الفصل الميكانيكي حيث يتم الفصل حسب الوزن أو الحجم.
كما هو الحال مع كل طرق إنتاج الطاقة الجديدة هناك بعض الشكوك حول ما إذا كانت تقنية حرق المخلفات هي الطريقة المثلى للتخلص منها, فدعاة أنصار البيئة يرون أنها قد تسهم في زيادة الانبعاثات الغازية وزيادة تركيز الرماد في الأجواء المحيطة بمواقع الحرق. إضافة لذلك فإن أنصار إعادة التصنيع يرون أنها تضر بالمساعى والجهود المبذولة لاعتماد هذه التقنية كحل للتخلص من النفايات.
ختاماً يجب الإشارة إلى أن الإحصائيات الحديثة تشير إلى أن حجم المخلفات في السعودية اليوم يزيد على الـ 16 مليون طن في العام, وهناك دراسات جادة تم الإعلان عنها لتنفيذ عدد من المشاريع لإنتاج الطاقة من هذه المخلفات. كما أنه من المتوقع أن يبدأ الإنتاج الفعلي لأحد هذه المشاريع في منطقة جازان في نهاية هذا العام, حسب إعلانات الشركة المُنفذة للمشروع, حيث يُتوقع أن يتم إنتاج ستة كيلوات كهرباء ونحو 250 جالونا من مياه التحلية في اليوم. أما في بريطانيا فحجم المخلفات يبلغ نحو 32 مليون في العام, أي ضعف حجم المخلفات في السعودية. 8 في المائة من هذا الحجم يُحرق خصيصا لإنتاج الطاقة. يتم ذلك عن طريق إشراك المجتمع حيث تُوزع حاويات خاصة في المناطق السكنية لفصل المخلفات العضوية من المواد المعدنية و البلاستيكية مما يسهم إلى حد كبير في تسهيل عملية إعادة التصنيع أو الحرق من أجل الطاقة. لذلك تعد عملية إنتاج الطاقة من المخلفات المنزلية ذات طابع خاص تعمل فيه الجهات الرسمية جنباً إلى جنب مع جميع أفراد المجتمع.
|
|
|
|