
01-11-2009
|
|
رعاية حتى النهاية
رعاية حتى النهاية رعاية حتى النهاية رعاية حتى النهاية رعاية حتى النهاية رعاية حتى النهاية
رعاية حتى النهاية
- لا تُوجَد حضارة ، ولا أمة من الأمم ، لا يُوجَد دِين من الأديان اعتنى بالإنسان كما اعتنى به الإسلام .. وهذا ما شهِد به أعدائه قبل أبنائه !
- فعناية الإسلام بالإنسان ليست منذ ولادته بل هي قبل ذلك بكثير ..
- عناية الإسلام بالإنسان قبل التقاء والديه
- فجاء الحث على اختيار المحضَنِ والْمَنْبَت الذي يحتضن الإنسان ، وان يكون أساس الاختيار هو صلاح الزوجة ، لتكون أمّـاً حانية ، وزوجة صالحة .
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تُنْكَحُ المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها . فاظْفَر بِذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يداك . رواه البخاري ومسلم .
- والظَّفَر هو الفوز ، فكأنه يُقال للباحث عن زوجة : فُـز بِالسّلعة الغالية : صاحبة الدِّين ، فإن لم تفعل الْتَصَقَتْ يداك بالتُّراب ، كناية عن الفقر ، والفقر ليس محصوراً في قلّة المال ، بل يكون فقيراً حيث لم يَفُز بِذات الدِّين ، ويفتقر أولاده إلى التربية الصالحة الجادّة ، ويفتقر هو إلى الأمن النفسي .. إلى غير ذلك .
- ثم عُني الإسلام بالجنين قبل وضعه نُطفة ، فاعتنى بِحفظه من الشيطان الرجيم .
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يُقدّر بينهما وَلَد في ذلك لم يضرّه شيطان أبداً . رواه البخاري ومسلم .
- ثم عُني به وهو جنين في بطن أمِّـه ، فلا يَجوز الاعتداء عليه بإسقاط ولا بِضربٍ ونحو ذلك .
- " ومما ينخرط في سلك هذا الباب ويدخل في نظامه - قتل الجنين في بطن أمه ، وهو أن يُضْرَب بطن أمه فَتُلْقِيه حَياً ثم يموت ؛ فقال كافة العلماء : فيه الدية كاملة في الخطأ " قاله القرطبي .
- كما حُفِظ له حقّـه في ميراث أبيه ، في حال وفاة أبيه وهو في بطن أمّـه ، فيُحفَظ له حقّـه من ميراث أبيه على الأحَـظّ له ، فيُقدّر أنه مولود ذَكَر ، فيُحفظ له ميراث ذَكَر ، أو يُعتبر توأم ويُحفظ لهما الحق كاملاً .
- ثم إذا وُلِد حُفِظ من الشيطان ، وكان أول ما يَقرع سمعه كلمات التوحيد ، ونداء الإيمان ، فيؤذّن في أذن المولود ، وعَمِلَ به جماعة من السَّلَف ، والحديث الوارد فيه ضعيف .
- ثم عُني به في خِتانه ورعايته صحّيّـاً ، وإرضاعِه من لبن أمِّـه ، فإن لم يَكن كُلِّف ولـيّـه بالاسترضاع له من ماله .
- وحث الإسلام على العقيقة عن المولود ، وهي بِمنْزِلة الصدقة عنه .
- ومن هذه المنظومة أن يُحسَن اسمه ، وتُحسن تربيته ، وهو لا يَعي من الدنيا شيئا .
- ثم يُحسَن تعليمه ، وتأديبه ، وأخذه بالْجِدّ والْحَزْم .
- ثم حرّم الإسلام الاعتداء على ماله إذا مَلَك المال .. فقد أُمِر ولي الصبي أن يُحسِن إليه ، فإن كان ذا مال رُعِي ماله ، فاليتيم يُرعى له ماله حتى يُؤنَس منه الرّشد ، فيُدفَع إليه .
- وجاء التغليظ في الكتاب والسنة بتحريم الاعتداء على مال اليتيم .
- كما أُمِر وَليّ الصبي أن يحفظه من الشياطين وقت انتشارها ، فقال عليه الصلاة والسلام : إذا كان جُنح الليل أو أمسيتم فكفُّوا صبيانكم ، فإن الشيطان ينتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلّوهم . رواه البخاري ومسلم .
- وأُمِر أن يُزوّجه – ذَكَراً كان أو أنثى –
- ومُنِع الرَّجُل من عَضْلِ موليته ، ومِن منعها من الزواج الذي هو حق لها ، إذ تقدّم إليها كفء ..
- وكثيرة جدا هي جوانب العناية بالمسلم .. بِدمِـه ، ونَفْسِه ، وماله ، وعِرضه ..
- فلا يُظنّ به السوء ، ولا يُطعن في عِرضه ، ولا يُؤخذ ماله ، ولا يُعذّب في بدنه ..
- وحرام أن يُسفَك دمّـه بغير حقّ .. بل دمه كحرمة يوم الحج الأكبر في الشهر الحرام في البلد الأمين ..
- بل حَرام عرضه ودمه وماله ..
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم . رواه البخاري ومسلم .
- ومن العناية بالمسلم أن أُقيم صرح الأخوة بينه وبين إخوانه
- فإن مرِض عادوه
- وإن غاب سألوا عنه
- وإن جاع أطعموه
- وإن عَري كسوه
- وإن عَطِش أسقوه
- وإن افتقر رَفَدُوه
- ثم خُتمتْ حياة هذا الإنسان المسلم بتلقينه الشهادة
- وأُمِر من يُغسّله أن يُحسن كفنه ، وأن يَسْتُر عورته ، وأن لا يُكسر عظماً من عظامه
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كسر عظم الميت ككسره حيا . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه .
- ثم صُلّي عليه دعاء له بالرحمة ، وطَلباً للشفاعة
- وفي الحديث : " من شَهِدَ الجنازة حتى يُصَلِّي فله قيراط ، ومن شَهِدَ حتى تُدْفَن كان له قيراطان " رواه البخاري ومسلم .
- وسواء كان صغيراً أم كبيراً ، ذَكَرا أو أنثى ..
- وهل انتهت عناية الإسلام عند هذا الـحَـدّ ؟
- كلا .. لم تنتهِ عناية الإسلام بالإنسان ..
- فإن حُرمة الميت كَحُرْمة الحيّ
- فَحَرامٌ أن يُوطأ قبره ، أو تُقضى عنده الحاجة ، أو تُوضع القاذورات بِقرب قبره !
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلي جلده خير له من أن يجلس على قبر . رواه مسلم .
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن أمشي على جمرة أو سيف ، أو أخصف نعلي برجلي ، أحبّ إلي من أن أمشي على قبر مسلم ، وما أبالي أَوَسَط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق . رواه ابن ماجه .
- ونُهي عن سبّ الميّت ..
- قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا الأموات ، فإنهم قد أفضوا إلى ما قَدّموا . رواه البخاري .
- فأي عناية أبلغ من هذه العناية التي هذا طرف منها ؟!
- بوَلغ من عناية الإسلام بالإنسان أن جاء الحث على النُّصح للرعايا ، سواء أكانوا من الأولاد أم من غيرهم ..
- بل حُرّمت الجنة على من غشّ رعيته ، ومن لم يُحطها بِنُصحِه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يُحِطْها بِنُصْحِه إلا لم يَجِد رائحة الجنة . رواه البخاري ومسلم .
- وفي رواية : ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة .
- وبَلَغ من عناية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله أن يتعاهدهم بالـنُّصْح والتذكير
- قالت عائشة رضي الله عنها : ما كان خُلُق أبغض إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ، ولقد كان الرجل يكذب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذبة فما يزال في نفسه عليه حتى يَعْلَم أن قد أحدث منها توبة . رواه الإمام أحمد والترمذي .
- وبلغ من عناية السلف تعاهد أهلهم حتى في آخر لحظة من حياتهم !
- قالت عائشة رضي الله عنها : لما حضر أبو بكر قلت كلمة من قول حاتم :
- لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى *** إذا حَشْرَجَتْ يوما وضاق بها الصدر
- فقال : لا تقولي هكذا يا بنية ، ولكن قولي : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) .
- هل رأيت مثل هذه العناية ، أن يُعتَنى بتصحيح اللفظ ، واستبداله بِلفظ أقوى وأجزل حتى عند مفارقة الدنيا ؟
- هذه هي عناية الإسلام بالإنسان ..
- ولم يَقف الحد عند العناية بالإنسان المسلم ، بل شملت العناية غير المسلم من ذمّي ومُستأمن ومُعاهَد ..
- بل شملت حتى النمل في جحورها !!
- فأين هي أمم الأرض الماضية والحاضرة عن هذه الحقوق التي كَفَلها الإسلام للإنسان ؟
كتبه الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|